قطف الربيع
التاريخ: الخميس 01 ايلول 2022
الموضوع: القسم الثقافي



فدوى حسين

تصدعت اللوحة الجميلة أمام ناظري، وسط صرخات تلك المرأة وصياحها.ريما! ريماااا! وهي تشد الفتاة الصغيرة من يدها بكل جبروت نحو الداخل. طفلة لم تتجاوز الاثني عشر ربيعاً. لمحتها وأنا أرتمي منهكةً أثناء عودتي من العمل، على أقرب كرسي أمام مطعم الوجبات السريعة المقابل لبيتها. تسللت كحبة ندى في صباحات الربيع، واندست بين صديقاتها تشاركهم اللعب. شكلت معهن حلقةً، وبدأن يغنين: "فتحت الوردة. سكرت الوردة" يركضن.  يقفزن. يرسمن بضحكاتهن شعاع نور يبدد ظلمة اللجوء وبؤسه في أزقة المخيم وحواريه. ريما الصهباء. ذات العيون العسلية، ونثار النمش على خديها الشاحبين.


 سلبت روحي وأنا أرى تفتح الفرح المسروق المتساقط من ثغرها، وتطاير الفراشات من بين خصلات شعرها، وهي تقفز بين أقرانها. وبدأت اسأل نفسي: من هي ريما هذه؟! ومن تكون تلك المرأة؟! هل هي سندريلا المخيم ، أو بياض الثلج. وهذه زوجة أبيها؟! أم هي أم لا حول لها ولا قوة ،  تخشى بطش زوج نهاها عن ترك الفتاة تخرج من البيت، خوفا من عار تجلبه لهم. أو…
ازداد صراخ المرأة تشدها من يدها نحو الداخل، والفتاة تبكي وتصرخ محاولة الإفلات من قبضتها، والهرب منها، كل ما فيها يستنجد بمن حولها. لم أتمالك نفسي. هرعت إليها امنعها عن الفتاة مستفسرة ما يحدث؟!
 صرخت في وجهي وهي تدفعني: اذهبي.  من أنت؟! لا شأن لك.
ولكن يا سيدة:هي طفلة لماذا كل هذه القسوة؟!
صاحت فيَّ، لتنهال كلماتها سياطا تجلد روحي: أنت لا تفهمين، هي حامل في شهرها الثالث، والطبيب طلب منها البقاء في السرير دون حركة .
أصابت شظايا كلماتها كل جسدي! وتسمرت في مكاني، نظرت حولي أحاول أن أفهم، فصاحت إحدى  صديقاتها: نعم يا خالة. هي متزوجة من عدة أشهر، وتحمل صغيرا في أحشائها. تحجرت كل أعضائي، وكأن لعنة حلت بي، إلا عيناي استمرت في ملاحقتها وهي ترحل، وتختفي خلف الباب.







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=8913