الشاعر السوري ابراهيم حسو في (الهواء الذي أزرق يليه تتمة الجمهرات ) تخريب اللغة و فوضى في المخيلة
التاريخ: الأحد 06 ايار 2007
الموضوع: القسم الثقافي


 
 *إبراهيم مصطفى

لم أكن مضطرا إلى تقبل كتاب الشاعر السوري الشاب إبراهيم حسو  (الهواء الذي ازرق يليه تتمة الجمهرات)  لضرورات نفسية محضة فأنا لا أقرا إلا ما يدخل في اختصاصي الأكاديمي (النقد المسرحي) و لأن الشاعر أهداني كتابه الشعري الاول هكذا دون أن يكون لرأي حوله أهمية تذكر إلا إنني اشعر بنوع من الإحباط لما وصل إليه الشعر السوري عامة من تراجع و تسطح و إسفاف بحق القارئ المسكين الذي يدفع ضريبة قراءات عشوائية تأتيه من هنا و هناك .


فلا يوجد في هذا الكتاب الضخم 270 صفحة تقريبا , ما يقربك من السوريالية حسب العنوان الفظ ولا حتى من الصوفية مثلما تشير علامات الدال و المدلول في السياق النصي و حسب معرفتي بقصيدة النثرالسورية فأن هذا الكتاب يحاول هدم ذلك السور الشفاف الذي يحيط بالأشياء الجميلة التي تحملها هذه القصيدة من صور و حركات بصرية تدهش القارئ و تغريه, كما ان هناك انفلات عام في الصياغة اللغوية و أخطاء فادحة و لغة عالية تكاد تقترب من الفوضى وعدم الترتيب في التنقل من جملة إلى أخرى, بالإضافة إلى تسرب عميق في البنية الدلالية و انفصال في رؤية المعنى و الركض وراءه:


          ماذا أفعل بشأن البلوط
  أو مروج الذهب المتدفق كأنه لوحة فانتازية
 أفعل بكائي الصناعي و خذلاني بالنسبة لماض قديم
   الأعالي التي أنشدتها, أوراق الصنوبر المتبرعة.
 ماذا تخبئ الوردة كي ترفرف طوال الماضي ؟

( أعالي الذهب ص 62 ) 

ثم هذا التقليد الفاحش لكتاب الشاعر سليم بركات (الجمهرات) و السباحة في أنهاره مع إنني أجزم القول أن لا احد يستطيع الاقتراب من نص سليم لا من حيث اللغة و لا من حيث البلاغة:
 أصلك إلى حيث سأصل
تاركا لجنودي الابهيين أبهتي
أبهتي التي أنثرها على المغيب الأزرق
 كالذهب الأزرق
و أنثر ما تبقى من القلب
     لعتبة واقفة على الباب..

                    (تتمة الجمهرات ص162) 

أخيرا احترم كتابات هذا الشاب الخجول الذي تعرفت عليه بصحبة كبار شعراء الجزيرة في دمشق و يستحق أن يقرأ كتابه مرة أخرى فربما هناك أشياء لم أكن قريبا منها, أو كنت ملامسا لها لكنها لم تكن تحرك فيّ تلك الغريزة (الجمالية) رغم تهافت النص على فانتازيا جمالية و ركائز ابداعية تعول الى الادهاشية و العجائبية كمنحى عام و محصلة اخيرة , و قد كتب عن هذا الشاعر القليل من مقالات نقدية توزعت بين مقالة واحدة في الصحافة اللبنانية و مواقع الانترنيت و كل هذه المقالات تناولت الجانب الشكلي لنص (الهواء الذي ازرق) و تغافلت الى جوانب حميمية مؤثرة , من اجل اعطاء فكرة عامة عن عبثية هكذا النوع من الشعر الذي لم يبق له حضور وسط قراء يريدون العودة الى شعر حامد بدرخان و رياض صالح الحسين و ايمن ابو الشعر هؤلاء الشعراء الذين ابقو الشعرية العربية ضمن قوالب (شعر الثورة و الحياة و المستقبل الزاهر) و تناسو ماهية الشعر الحقيقية و ان شعر الحياة ليس وصف الحياة و التغني بها و ان شعر الثورة ليس تمجيد بطولة هذا الجندي المقاتل أو ذاك و ان المستقبل الزاهر ليس سوى وهم من اوهام الشعر نفسه .  
 -----

* ناقد مسرحي







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=728