عدالة الاحقاب
التاريخ: السبت 04 نيسان 2020
الموضوع: القسم الثقافي



خالد إبراهيم

الْجَمِيع رَبِيب الشَّرَف و الْكَرَامَةِ وَ الْأَمَانَة و الصِّدْق و الْوَفَاء ، إلَّا أَنَّا 
الْجَمِيع يُوَزَّع الْوَفَاءِ وَلَمْ يَخُنْ أَحَدًا الْآخَر ، إلَّا أَنَّا 
الْجَمِيع بَات إلَهًا يسقيكَ مِن مِيَاه غَرَفَهَا بِكَعْب حِذَائِه فِي يَوْمِ مَضَى 
الْجَمِيع يُمَثِّل دُور الضَّحِيَّة الْمَظْلُوم الْمَسْلُوب الْإِرَادَة و الشَّخْصِيَّة 
الْجَمِيع تَارِيخُهُم مخفيٌّ تَحْتَ سِتَارِ الذِّكْرَيَات و الْأَغَانِي و الْأَمَانِي إلَّا أَنَّا الْمُتَكَسِّر كصخرة ، المبعثر كَحَصَى . . . 


الْجَمِيع مَخْلُوقٌ مِنْ الْمِسْكِ وَالْحِنَّاء إلَّا أَنَّا مُنْحَدِرٌ مِن حَمَأ مَسْنُونٌ . 
الْجَمِيع يمتلك خَتْمِ النّبُوّةِ و الرّشاد إلَّا أَنَّا الْعَاقّ الَّذِي عَصَى اللَّهَ وَ الْأَنْبِيَاء و الْمَلَائِكَة . . . إلَّا أَنَّا الَّذِي افسدَ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورَ وَ السَّنَوَات الْحَمْرَاء و الْخَضْرَاء و الصَّفْرَاء . 
الْجَمِيع يُقْبَل بَطْنِ أُمِّهِ إلَّا أَنَّا بقرتُ بَطْن أُمِّي ! ! 
إلَّا أَنَّا الَّذِي لَوْث رَوْنَق الفجرِ عَلَى الأرصفةِ الْعَذْرَاء 
إلَّا أَنَّا الرَّجُلُ الاسمرُ الْقَبِيحُ الَّذِي يخدشُ وَجْهِ الْأَرْضِ المجدبة قبلَ السَّمَاء الْجَافَّة ! ! 
أَنَا كُل هَذِه السَّيِّئَات . . . 

أَنَا كُل هَذِه الصِفات النَّاقِصَةِ الَّتِي تَلَطَّم وَجْه الْحَيَاة 

الْجَمِيع يَنْتَظِرُ مِنْكَ أَنْ تَكُونَ خَيَالًا تَحْتَ إِبْطِ وظلا لمغرور تَافِهٌ . 
مَنْ يَجْعَلُ مِنْ أخطائك خِنْجَرًا يَغْرِزُه فِي صدركِ كَي تُخْرِس ، وَحَتَّى يَرَاك عَاجِزًا عَنْ الدّفَاعِ عَنْ نَفْسِك . . . لَا يستحقك 
مِن يُعِيد الْإِسَاءَة إليكَ ثَقِيلَة أَوْقَفَه : 
فَلَا شَيْءَ يستحقُ التَّضْحِيَة بِكُلِّ شَيْءٍ 
الصَّدَاقَة الْحَقِيقِيَّة أَن تَضَمَّد جَرَحَه و تَكُون لِأَجْلِه فُوَّهَة مَدْفَع 
لَيْس صَدِيقِك مِن يَسْتَعْمِلُك كَسِلَعِه أَوْ مَادَّةٍ للتسلية . . . اُتْرُكْه يَلَمْلَم كمتسول ابتسامات الجبناء المختبئين . 
لَا شَيْءَ يضاهيك و لَا شَيْءَ يستحقك وَلَن يَتَحَمَّل الْعَاصِفَة سِوَى أوْرَاقِ الخَرِيفِ الْمُتَطَايِر عَلَى الأرْصِفَة و الطُّرُقَات 
سيهتفون بِاسْمِك لَا بِاسْمِ أَبِيك . . . كُن مِثل الْأَرْض تَوَلَّد مِن رَحِم ذَاتِهَا . 
لَا تُعلنَ عَن الْخَسَارَة أَبَدًا . . . 
هَكَذَا سَتَجِدُون جثتي مُعَلَّقَةً عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ 

يهطل الْمَسَاء بظلامهِ الدامس وَسَطَ الْمَدِينَةِ مِثل خِنْجَرٌ فِي الْقَلْبِ ، لَا الظَّلَام يُنجيني و لَا هَذَهِ الأَضْوَاء تُنصفني 
أقفُ عَلَى بُعْد أَلْفِ عَامٍ و مَجْزَرَة ، و أَصْوَات الكمنجات تتسابق نَحْو المشنقة 
كُلُّ هَذَا الْخَرَابِ الَّذِي يُعَانِيه الْعَالِمُ هُوَ جزءٌ مِنْ حُزْن قَلْبِي . 

أشعلتُ الشُّمُوع فَرَحًا ، ثُمّ اطفأتها خَوْفًا ، أشعلتُ النُّور ثُمّ اطفأته لِئَلَّا يَرَى الْعَالِم وجهيَّ الْقَبِيح 
هُوَ أَنْ تختبىء بِالْعَتَمَة ، فَهَذَا يَعْنِي أنكَ الْقَاتِل الْأَوْحَدُ فِي الْمَعْمُورَة . 

هُوَ أَنْ تختبىء فِي الْعَتَمَةِ ، فَهَذَا يَعْنِي أنكَ القَنَّاص الَّذِي أَدَار زناده عَنْ وَجْهِ اللَّهِ وَمَاتَ . 

لَا ثُمَّ لَا ، حِين أنقادُ مِثل لَا شَيْءَ يغفوا عَلَى جِدَار رَوْح مُتعب ، مِثل التَّسَلُّقُ عَلَى سَاق وَرَدَّه ذَابِلَةٌ 

لَا ثُمَّ لَا ، عِنْدَمَا لَا أَجْيَد فكَ أَزْرَارٌ قَمِيص الرُّوح المُتعبة 
أتسائل و فِي فَمِي سِيجَارَة الْمَرَارَة و الْأَلَم : 

لِمَاذَا لَمْ أَجْيَد قِرَاءَةِ هَذَا الْعَالِمُ مِن حَوْلِي ؟ 

لِمَاذَا و العُزلة الْحَمْقَاء تُرِيد التَّسَلُّل بَيْن أَحْشاء جَسَدِي ؟ 

بيديَّ خنجرُ الْيَقِين ، و قلمٌ مليءٌ بِالرَّغْبَة و الدَّهْشَة ، و سأكتبُ لِهَذَا الْقَلْب أَلْفَ أَلْفِ اعْتِذَار و إنْ أَبَى . . 







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=7164