مكانة أحمد خاني في الأدب الكردي.. (الحلقة الثانيّة)
التاريخ: السبت 21 اذار 2020
الموضوع: القسم الثقافي



الدكتور عبدالمجيد شيخو 
الترجمة عن الكرديّة: عثمان عيسو 

 لم ألّف خاني ملحمته الفريدة ( مم و زين ) ؟ 
 ( مم و زين ممكن أن تكون مأخوذة من التراث الشفاهي  المتوارث و لكنّها ( إبداعٌ حقيقيٌّ  )   .
 لم تتبوأ هذه الملحمة مكانةً خاصة و نعيرها كلّ هذه الأهميّة ؟؟؟
أحمد خاني مثل أيّ كاتبٍ خبير و مثقف أوضح في مقدمة ملحمته 
 (مم و زين) و بشكلٍ جليّ الغاية من تأليف ملحمته قائلا : 
 ( إنّني أريد الكتابة بلسان بني قومي ؛ بلغتي الكرديّة ) 


و يتابع في مقدمته : (جميع القوميات على وجه هذه الأرض يؤلفون
الكتب بلغاتهم ، و لكن الشعب الكرديّ وحده محرومٌ من تلك النعمة ،
لذلك فإنني  أكتب نتاجي هذا بلغتي الكرديّة  كي لا يقول الناس بأنّ 
اللغة الكرديّة لغةٌ ضعيفة ٌ و عاجزة ٌ، و الشعب الكردي لا يملك 
رصيدا من الكتب والمؤلفات، و من ناحية أخرى كي لا يقولوا :
بأنّ الشعب الكرديّ يجهل ما هو الحبّ ؟ ! 
و ألاّ يقولوا بأننا بلا جذور و بلا أصل و حسب و نسب 
و أننا الكرد لا نملك الوعي  و إدراك حقيقة و ماهية الوجود ، و كذلك 
كي يدرك العالم أجمع بأنّ أعداء الكرد لم يمنحوا الكرد الفرص 
و إمكانيات التعبير عن ذاته، و أننا و بشكل عام نمتلك المعرفة 
رغم ما نتعرض له من قيود و قمع، و أنّنا مساكين لا قائد و مرشد لنا 
و لا أحد يساندنا و يشدّ من أزرنا ). 
و قد عبّر عن كلّ ذلك بقوله : 
      Da xelq ne bêjin ku Ekrad.  
      bê merîfet in ,bê esil û binyad
     enwah milet xwedan kitêb in 
     Kurmanc tênê bê hesêb in 
     hem elhî nezar nebên ku Kurmanc
     eşqî ne kirine ji bo xwe armanc 
     Kurmênc ne pir dê bê kemal in 
     ema di yetîm û bê mecal in 
     fîl le ne cahîl û nezan in 
     belkî dê sêfîl û bê xwedan in 
    ( Cihder : M. Osman (

و يستفيض خاني حديثه حول ملحمته بقوله :
لقد ألفت  مم و زين  باللغة الكرديّة  و لكنه و بلا شك ليس كالذهب الخالص و لا تشوبها أيّة شائبة، و هي كالمائدة المفتوحة متاحة للجميع 
و يمكن للكلّ أن يتأمل كتابي و يمتع ناظريه .
و هو أيضا ليس من الفضة كي يتساءل البعض ؛ لم هي رخيصة و ليست من العيار الثقيل ؟؟! و لم لا تضم بين طيّاتها أسماء الملوك العظماء  كالنقود  المنقوشة بصورهم حيث قال : 
  Kurmancî ye sifre ye bê gûman 
  zêr nîne , bibên  spîd mane 
  sifrê me yê sor e aşkere
  zîv nîne bibên ku kêm eyar e 
  neqdê me bêje ku kêm buha ye 
  bê sekeyê şahî şehrewa ye 
   ( cihder M. Osman )
عندما نتحدث عن مم و زين نتذكر و بشكلٍ لا شعوري ( ملحمة مم آلان
ونسأل أنفسنا مباشرة : هل هنالك علاقة  تأثير بين ( مم و زين ) و 
(مم آلان) ؟؟ . لماذا نطرح هذا السؤال؟؟ لأّن أحمد خاني و قبل أن يبدأ بكتابة ملحمته في عام ( 1105 م- 1725 م) كانت ملحمة (مم آلان) معروفة و منتشرة و بشكل جيد بين الناس في كردستان سواء بشكل غنائيّ أم بشكل تناقل شفاهي 
يقول الدكتور عزّ الدين مصطفى رسول : 
( لم يشأ أحمد خاني القول  بشكل مباشر بأنّه قد استفاد من " مم آلان " لذلك نراه يقول :
لقد تجشمت المشقة حتى أبدعت و نظمت هذه الملحمة لشعبي حيث قال:
Min enaye nîzam û întîzamî
kêsaya ceva ji bo amî  
 ( cihder : M.Osman )

هنالك معلومات  أخرى  تقول : 
بأنّ مم و زين مقتبسة من قصةٍ حقيقيّة كانت متداولة و شائعة بين الناس  و هم يستندون في آرائهم على أشعار ملاي جزيري الذي عاش قبل أحمد خاني و نظّم قصائد جميلة متغزلا بمحبوبته و في إحدى قصائده نجده يقول : 
 Qubletî wechukê fî kulî sebah û masa 
 bi du ebrûyên te carna  dixwim ez qesemê 
mûyekî ez te nadim bi du sed Zîn û Şîrînan  
çi dibêt ger tu hesêb kî me bi Ferhad û Memê .
 ( Meley Cezîrî , rûpel 686 . Zivingî )
ملاي جزيري في الأبيات السابقة يقول :
 وجهك كعبتي في كلّ صباحٍ و مساء 
أتوجه إليك و أصليّ أينما أشاء 
 أقسم بحاجبيك أيتها الجميلة الحسناء 
كلّ شعرةٍ من شعرك 
أغلى من  ألف  زين و شيرين 
ماذا ستخسرين لو عليّ تشفقين 
و إليّ بعيون  الحبّ تنظرين 
كما كان فرهاد مولّها بشرين 
و كما كان مم مدلّها بزين 
أحمد خاني في مكانٍ آخر يشير بنفسه و بشكل صريح أنّ قصة مم و زين كانت موجودة فيما مضى في التراث الحكائي المتناقل عندما قال :
Şerha xemê dil bikim fesane 
Zînê û Mêmê bikim behane
nexmê we ji perdeyê derînim 
Zînê û Memê ji nû va vejînim
me,hlul bûn hebîb û aşiq 
îrohe wekî tebîbî haziq 
derman bikim ez wan dewa kim 
wan bê medada ji nû ve rakim .
( Cihder M.Osman )
يقول خاني فيما مضى من الأبيات :
سأتخذ من مم و زين حجّةً 
كي أحدّثكم عن ألام قلبي 
من خلال نظمي و أشعاري 
 سأحيي مم و زين من جديد 
هذان العاشقان قد أعياهما الداء
و كطبيب ماهر سأجد لهما الدواء 
لتنتعش قصّة حبهما من جديد .
لقد كان أحمد خاني عند أغلب الباحثين و المستشرقين موضع تقدير و إعجاب، و ما يزال المختصون في مجال الأدب يتعمقون  في القراءة و البحث و النقد و التأليف حول أحمد خاني و ملحمته .
و بهذا الصدد يقول البروفيسور قناتي كوردو : 
 لقد تبوّأ خاني مكانة مرموقة  و شغل حيّزا هاما من  نتاجات  معظم علماء التاريخ و اللغة و الأدب  و من هؤلاء :
 ضياء الدين الخالدي 
محمد أمين زكي 
جلادت و كاميران بدرخان 
علاء الدين سجادي 
هيوا موكرياني 
ألكسندر جابا 
بيوتر ليرخ 
يوسف أوربلي 
باسيل نيكتين 
روجيه ليسكو 
و المستشرق الألماني مارتن هاترمان  ....و غيرهم ......
و رغم كلّ تلك الأبحاث و الدراسات القّيمة حول خاني و ملحمته الرائعة  يقول الدكتور عزّ الدين مصطفى رسول : 
لم يستطيعوا الغوص إلى أعماق  مضامين و أفكار خاني في  ( مم و زين ) بشكل موسع و مفصّل . 
صحيح أنّ بعض الباحثين مثل توفيق وهبي و الأديب نور الدين ظاظا قد تطرقوا إلى الجانب الفلسفي و لكنهم لم يتعمقوا فيه  كثيرا ......

في عام 1976 قام شامل عسكروف بترجمة (مم و زين) إلى اللغة 
الأزربيجانيّة و طبعها و نشرها في مدينة (باكو) 
و كذلك قام هيوا موكرياني بنقل مم و زين من اللهجة الصورانيّة إلى اللهجة موكريّة .
و قام البروفيسور جمال نبز بترجمتها إلى اللغة الألمانيّة .
و في مكان آخر نجد عزّ الدين مصطفى رسول يقول : 
يتّضح لي بأنّ محمد أمين بوزأرسلان هو أفضل من ترجم مم و زين و فهم و استوعب مضمونها بشكلٍ جيدٍ .، و لكنه يؤخذ عليه ارتكابه لبعض الأخطاء لأنّه لم يكن يستوعب و يفهم الكلمات الفارسيّة الواردة في ملحمة مم و زين .....
لقد قام جلادت بدرخان بنشر قسم من مم و زين في مجلّة (هاوار) 
و كذلك وجب علينا الذكر بأنّ ملحمة مم و زين كانت قد طبعت في استنبول في عام 1921 من قبل بعض الكرد المحبين للأدب ،
و نظرا لأهميّة مضمون مم و زين فقد قامت السلطات التركيّة بإحراقها إلى جانب العديد من الكتب الكرديّة الأخرى .
و في عام 1947 أعيد طبع ملحمة مم و زين في حلب و من تلك الطبعة قام هيوا موكرياني و بين عامي 1954---1967 بطبعها مرتين في هولير ....
معظم الباحثين و من خلال التدقيق في نتاجاتهم  قد تحدّثوا في كتاباتهم و مؤلفاتهم  و ركّزوا على الجانب القوميّ و الجانب العاطفيّ و أهملوا أو لم يسلّطوا الضوء الكافي على الجوانب و الموضوعات  الفكريّة و الفلسفيّة و الصوفيّة ولم  يدرسوها بشكلٍ علميّ دقيق ٍ و شفّاف كي يقدّموها للقرّاء . 
لقد تحدّث خاني في (مم و زين) عن كافة جوانب الحياة للشعب الكردي  
(الفكريّة و الاجتماعيّة و الطبقيّة و القوميّة و الصوفيّة و الاقتصاديّة و بشكلٍ واضحٍ جدّاً) و لأجل ذلك فقد غدا خاني و ملحمته موضع البحث و الاستقراء و التحليل و الشرح عند معظم الباحثين و المستشرقين . 
و إذا كان هؤلاء قد ركّزوا في دراساتهم و أبحاثهم على جانبيّ القوميّ و العاطفيّ فإنّنا نجد بأنّ الدكتور عزّالدين رسول قد تحدث عن آراء و أفكار خاني في مجالات متنوعةّ مثل : 
( الاقتصاديّة ، و الاجتماعيّة والأدبيّة و الفلسفيّة و الفكريّة) و لذلك نرى بأنّ عزالدين رسول و بناءً على ترجمة رودينكو من اللغة الروسية قد شرح تلك الجوانب و بشكل دقيق و مستفيض باللغة العربية و قد طبع كتابه في بغداد عام 1979 م .
و قد برزت أسماء بارزة لنقّاد و باحثين آخرين قد اهتموا بخاني و ملحمته (مم و زين) و قاموا بترجمة نتاجاته و ألّفوا الكتب في ذلك و فيما يلي نورد أسماء بعض الباحثين وأبحاثهم القيّمة حول خاني :
١- مناقشات حول كتاب عزّالدين رسول عن أحمد خاني ل رشيد فندي 
٢- أحمد خاني (مم و زين) شرح و بحث محمد أمين عثمان 
٣-أحمد خاني في ملحمته الشعريّة ، ل حيدر عمر 
٤- أحمد خاني الفكر و الفنّ في ملحمة مم و زين ل حيدر عمر
٥-ترجمة مم و زين جان دوست 
٦- اليقظة القوميّة في ملحمة مم و زين فرهاد شاكلي 
٧- شرح مم و زين  برويز جيهاني 
لذلك ندرك أنّه ليس عبثاً قول يوسف أوربلي : 
 (عندما نقول بأنّ الشاعر قريبٌ من الشعب و مرتبطٌ بقضاياه فإنّنا نتذكر ثلاثة شعراء و هم : الفردوسي الفارسي ،و روستافيليّ الجورجي 
و أحمد خاني الكردي .) 
و يضيف البروفيسور قناتي كردو قائلا : أحمد خاني أعظمهم مكانة و ثراءً 







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=7136