هل هناك ما يضحِك الكرد ؟ .. حول كتاب «المضحِك من التراث الكردي»
التاريخ: الأثنين 09 تشرين الثاني 2015
الموضوع: القسم الثقافي



 ابراهيم محمود

يمكن القول أن الذي قام به الباحث الكردي خليل سادِني في كتابه " المضحك من التراث الكردي " يستحق التقدير، وأسمّيه باحثاً، رغم أن الكتاب إعداد وجمع، سوى أن الذي أورده في مقدمتيه، يسمّيانه باحثاً .
ليس هناك ما هو أكثر مدعاة من المضحكات المبكيات كردياً، أي : النكات، ومجموعة النصوص التي ثبَّتها في كتابه ، وهي " 419 " نصاً يتراوح بين القصر والطول والمتوسط، وعناوين تتقدم نصوصها، مجموعة نصوص تتناول مفارقات شتى ومن أوساط كردية مختلفة، وهي تضم إليها ما هو اجتماعي وسياسي وتشمل شرائح اجتماعية متفاوتة، حيث تستغرق جهات جغرافية ومدناً وقرى كردية وغيرها وأبعد منها.


ليس من متسع للتعرف إلى مجمل الوارد عما تقدم في الكتاب، وعند التوقف عنده نقدياً، ما يهم هو التعرف إلي ما يبيّن أهميته، ولهذا سأركّز كثيراً على إيراد مقتطفات منه:
في المقدمة الأولى، تعريف بما قام به: في هذا المعَد هناك أكثر من 400 نكتة، وهذا الكتاب معَد ومتعلق بالطرائف الواردة في تراثنا الكردي...
في أمكنة كثيرة، يتناول الكثير من الأصحاب والأصدقاء غنى التراث الكردي، ولديهم رغبة لجمعه وتصنيفه ونشره.. سوى أن ذلك لا يتعدى حدود الرغبة فقط. وإلا لكان هناك الآلاف من النكات، والأمثال، وأغاني العشاق، والرقص، والحكايات...الخ، وقد جُمِعت ونشرت.
وثمة الكثير من النكات المتنوعة منشورة في الصحافة الكردية، وربما لها نظير في الكثير من المراكز والمعاهد والجامعات الكردية، يمكن جمعها ونشرها، سوى أنه لما يتناهَ إليَّ أن ثمة من قام بذلك. لهذا وجدتني معنياً بجمع التراث الكردي، وبسبل شتى. وغالبية نكات هذا الكتاب منشورة في مجلاتنا وجرائدنا وكتبنا، أو طُبِعت...
هذا التراث رأسمال الشعب، ويجب أن يجمَع حاملاً اسمه. ورغم كل ذلك، نجد أن كل كتاب في هذا الإطار يحمل اسم كاتب أو توقيعاً، ويستحيل القيام بعمل دون اسم أو توقيع " لقب ".
ثمة نقطتان رئيستان " مهمتان " حول هذا الكتاب:
الأولى: ما عدا الذي تمكنت من جمعه بذاتي، فقد حصلت على هذه النكات من منابر ثقافية كثيرة: ولاتي مه، آزاديا ولات، آزادي، روناهي...إنما للأسف، حيث إنني عندما كتبتها لم أثبت المصدر الفعلي لكل منها، ومن طرف من جاءت مدونة..لذا أحتاج إلى عمل مكثف لأوثّق كل ذلك.
الثانية: لقد ساعدني صاحباي: صالح وخليل في كتابة هذه النكات، فلولاهما لما أفلحت فيما قمت به، وما زلنا معاً في هذا الطريق، وما آمله هو أن تكون هناك مساعي أكثر توسعاً وإثماراً ومتعة .
واللافت أن خالد سادني، كما كتب في نهاية مقدمته هذه، ثبت اسمه وذيَّله بمكان تواجده " سجن بورصة "، وهذا يتطلب مبحثاً آخر يتناول الصلة بين طبيعة موضوعه ودافعه النفسي أو مبتغاه مما تقدم .
في المقدمة الثانية، وهي بمثابة التعريف بالمضحِك تحديداً: هنا يبرز الربط بين المضحك وتلك الوقائع الحياتية، فنتلمس تنوعاً في بنية المضحك عبر الفكاهة، السخرية، الدعابة، المضحك، وتكون المادة مثيرة لضحك المرء:
والمضحك مثل الحكايات التي تقال على ألسنة الحيوانات، ولها صدى مؤثّر.، لأن الذي وراءها يستهدف ما له قيمة كبيرة في الحياة عموماً، وتكون المقدرة على لفت أسماع المرء أكثر، وتستمر في الزمن، وتكون النتيجة مبهجة، ليكون الأسلوب الباعث على الضحك مجالاً لتمرير الفكرة، ويكون لهذا النوع ذلك الدور المعتبَر في المجتمع.
هذا النوع من الحكايات قيل في الوسط الكردي بأسماء كثيرة: المضحكة، المضحِك، الباعث على الضحك، السخرية، الظرافة، النكتة، الدعابة، الواقعة، القصة، القصة القصيرة...الخ. ولأن هناك محدودية انتشار التعليم باللغة الكردية بين الكرد، فإن موضوعات كثيرة: تراثية كردية تؤكد قيمتها من خلال ما تقدم. وبالتالي، فإنه لم تجر دراسة علمية لها، إنما في السنوات الأخيرة لوحظ انتشار لهذا النور في الكثير من المجلات والجرائد والكتب، وثمة تنوع لها في المنشورات الكردية، كا في الأمثلة السالفة الذكر، وثمة من قام بذلك مثل " زين العابدين زنار، وفي القواميس الكردية، نعثر عليها ، مثل الدكتور إيزولي، وباران رزكَار، ورغم وجود عثرات إلا أنها في تنال اهتماماً بالتدريج، لهذا ( فإنه على العموم، لكي نضحك، تتردد هي،وما يثير ضحكنا يكون مضحِكاً.) .
ومهما كان محتوى الموضوعات وهي تخص عالم الحيوان، فإنه يظل إنسانياً، إذ الكلمات إلى جانب البطولة وإن بدت للحيوان، لكن العالم خيالي، وثمة الكثير من ذلك في الحكايات الشفاهية، وهي منشورة هنا وهناك، من مثل "  الثعلب والذئب-  الثعلب والديك- الثعلب واللقلق"...الخ "، حيث إنها تتعرض للناس أولاً وأخيراً.
ومكانة المضحك في الأدب الكردي الشفاهي لافتة تماماً، إنما، لأن التراث الكردي لم يتم جمعه وتصنيفه حتى الآن بصورة جدية، فنحن لا نعلم  ما يمثّله عددياً وفي أي موضوع حياتي، ومن البداهة أن المضحك من هذا القبيل يوميٌّ، إن المضحك: النكتة حصيلة واقعة سعيدة، من دعابة، وعلى خلفية محاولة أو حالة سياسية ( إن الهدف يتعلق بما لم يتم جمعه وإعداده من المضحكات ذات الصيت حتى الآن بين الشعب. لهذا فإننا نستطيع جمع ومن ثم تصنيف تلك التي ترددت حتى الآن، ودوّنت ونُشرت، سوى أن هذا العمل الموسوم لم يعتمد بعد في أوساطنا. أو أنه ليس من مهامي رصد ما يتفوه به الناس من نكات لندوّنها..).
وثمة ما يجب التركيز عليه، وهو أنه ( لا يكون مضحكاً كل ما يثير الضحك أو المزاح . ولو أن الوضع هكذا، لكان لدينا الآلاف من النكات المتعلقة بحياة العم موسىApê Mûsa، إذ المتعارف عليه هو أن العم موسى ذائع الصيت هنا. لهذا فقد كان في مقدوره أن يصوغ ما يجعله باعثاً على الضحك خلال دقيقة أو حول حدث أو عبارة شخص ويتداوله الناس، مثال ذلك طرافته وفقي حسين ساكَنيج أو قولته في المحكمة بصدد تقسيم الوطن. ولقد أوردنا في هذا الكتاب طرائف للعم موسى ) .
يتناول المضحِك في التراث الكردي موضوعات حياتية كثيرة: حول المدراء المشايخ، المعلمين، الوالدين، الأطفال، الزوجات، الأزواج، العشائر، الآغوات، الخدم، الرعاة، رعاة البقر، العمال، القرويين، أبناء المدن، أمكنة متفرقة..الخ.
وفي السنوات الأخيرة أطلقت النكات حول أولي أمرهم، مثل الجندرمة، والبوليس، وجباة الضرائب..، وأحياناً حول الغريلا، والبيشمركة والثوار الكرد، وحول الترك كذلك، خصوصاً عن العلاقة بين الغريلا والشعب بصورة مؤثرة.
وأطلقت النكات المضحكة حول أجزاء الوطن وبتنوع، مثلاً: نكات أهل هكاري حول أهل وان، أهل وان حول أهل بدليس، أهل بدليس حول أهل باسور، أهل باتمان حول أهل سيرتي، أهل ماردين حول أهل آمدي، أهل آمدي حول أهل الرها، أهل الرها حول أهل عينتاب، وهذا ينطبق على الاثنيات كذلك: الأرمن حول الكرد، الكرد حول الترك، الترك حول العرب، العرب حول المصريين...الخ، وما يجب أن ينوَّه إليه هو ما التباري بين الكرد أنفسهم، مثلاً: ما يتردد على ألسنة pkk، حول psk، وpsk حول pdk، وpdk حول الآخرين...الخ.
ويحدث أن تطلق نكتة مضحكة حول ناحية، فيتم تداولها من ناحية أخرى، وعن طريقها يعلّق أهل هذه الناحية على أهل الأخرى.. ولا بد من مثال آخر يجب تثبيته هنا:
إن البلدات المحيطة ببدليس تتداول فيما بينها قولة" وَق – وقweq- weq "، وقد استفسرت من عالم بذلك، عما وراء هذا القول عن البدليسيين ؟ ويأتي التوضيح ذو الدلالة هكذا ( إبّان حرب الروس، وقد احتل الروس بدليس بكاملها، وعلى إثرها فر أهل بدليس جميعاً، وهم يلقون بأنفسهم في ماء النهر العابر ببدليس، وكانوا يظهِرون هاماتهم بين الحين والآخر خارج الماء، ويقولون" لسنا مسلمين، إننا مسيحيون "! وعلى وقع سماع هذه العبارة كان نقيق ضفادع الماء يتردد هكذا " وَق- وق "، لهذا نقول عنهم " وق- وق "، سوى أن البدليسيين يرفضون حكاية الروس، سوى أن الضفادع وسط نهرنا هي التي تردد " وق- وق "..
ولا داعي لأن أدون كل هذه الكلمات، سوى أن ثمة نظائر لما تقدم في كل أنحاء كردستان..
وفي كردستان ثمة ما يضحك وهو ينتمي إلى " النكات الجنسية "، وأكثر من ذلك، والكردستانيون مميزون بما تقدم في أفراحهم وأعراسهم، وفي هذا الكتاب لطائف من هذا الجانب.
وقد ذكرنا أن خصوصية المضحك هي في العبارة الأخيرة، لذا نرى الزخم في النهاية، وكثيراً ما  تكون العبارة الأخيرة عنواناً للنكتة، كون معنى النكتة يتحصل في خاتمة العبارة، إلى درجة أنه يمكن القول أن الكثير من المعنيين بالتراث الكردي يمكنهم معرفة نوع النكتة لحظة تلفُّظ العبارة الأخيرة، مثل القائل " من يعلم يعلم ومن لا يعلم باقة عدس، إذ إن الفلاحين يعلمون من أن القول يخص " رجل الرها  وعشيق زوجته ". والنكتة تكون هكذا باختصار: عندما يلتفت قروي من الرها في حقله، يبصر في بيته أن زوجته تختلي مع عشيقها، وفي الحال يشهر المنجل ملاحقاً به عشيق الزوجة، وتستمر الملاحقة هنا وهناك، حتى يصبح العشيق المطارَد وسط حقل العدس، فينحني هذا وهو يقتلع باقة من العدس ويفر، ويبصر القرويون أن هناك من يركض، وجارهم في إثره، فيتركز انتباهم على باقة العدس، فيخاطبون جارهم صاحب العدس: إنه لعيب يا رجل، أن تلاحق امرئاً بسبب باقة عدس، فيرد عليهم قرويهم:
أي نعم، يا أهل القرية ! طبعاً، من يعلم يعلم ومن لا يعلم باقة عدس.
وكما رأينا سالفاً، فإن قوة النكتة المضحكة هذه هلي في العبارة الأخيرة، والعبارة هذه بدورها نظيرة الأقوال المأثورة لأسلافنا، لهذا السبب يكون القول المأثور من بين أسماء المضحِك، أو عبارة خاصة تعني المثل أو سواه.
ويمكن إيراد أمثلة أخرى، طويلة، سوى أن هدفنا هو أن نجمع كل ما هو مضحك، لذا لا داعي لأن نثبت مثالاً حول كل موضوع.. وثمة ما يؤكد على ذلك.. اقرؤوا.. اضحكوا.. فكّروا ..ص 17.
هنا نأتي إلى نهاية المقدمة الثانية، وأجدني إزاء الكم الوافر من المضحكات، أو النكات الضاحكة وهي متنوعة، ويستحيل ذكرها جميعاً، إنما سأورد بعضاً منها، وضمناً ما يصل بشهيد الثقافة الكردية: العم موسى عنتر، قبل كل شيء:

 رقم3- العم موسى في المحكمة:
كثيرة هي المرات التي دخل فيها العم موسى المحاكم والسجون، وفي إحدى المرات كان العم موسى في المحكمة أيضاً. قال له الحاكم " ماذا تريد يا موسى عنتر ؟". يقول القاضي: إنه يريد تقسيم الوطن التركي، ماذا تقول أنت ؟
يقول العم موسى: حاكم بك ! وهل الوطن هذا خيار، حتى أقسّمه ؟

رقم79- العم موسى:
يعرف أغلب الكرد العم موسى. إنه مثقف ومرشد نادر، شهيد الوطن، رمز اقتدار شعبنا. ذات يوم، يلتقي العم موسى وفقي حسين ساكَنيج وثلة من الأصحاب والرفاق في مكتب " يني أولكي " يتناقشون فيما بينهم مسائل كردية. يتركز الموضوع حول اللغة الكردية. حول مفردة كردية ما بين العم موسى وفقي حسين ساكّينج فيتجادلان حولها.
يقول فقي حسين: أيها العم موسى، أنت تعلم أن زوجتي " كوجر : رحالة "، وهي لا تعرف التركية إطلاقاً، والمرأة تلك كانت تستعمل المفردة هذه  هكذا، ورأيي أن الصواب فيما ذهبت إليه .
وعند الحديث عن زوجة فقي حسين، شدد العم موسى على كلمته، وقال له " حسن، طالما أن زوجتك تتحدث هكذا، فذلك صحيح ". انتشى فقي حسين كثيراً، لهذا كان في مقدوره أن يأتي على ذكر زوجتك في كل الأوقات .
وفي مقام الصحبة ذاتها، ذات يوم، يجري جدال، فيندفع فقي حسين هذه المرة أيضاً قائلاً:  زوجتي تقول هكذا .
يستفز العم موسى بصدد هذه الكلمة، وبصوت عال ٍ يرد :
هيه يا رجل، أنـ....ك زوجتك، أتراها زوجتك أصبحت معهداً كردولوجياً ؟

رقم 81- شغل الله :
يستمع موسى عنتر وأهل ستليلي إلى الأخبار في الإذاعة. الإذاعة تنهي الأخبار، ثم تأتي على ذكر أخبار الطقس، فتقول: غداً ستمطر، بعد غد سيكون صحواً، وهكذا الحال في الأسبوع القادم.
يٍسأل ستليليٌّ  موسى عنتر: ماذا تقول الإذاعة موسى بك ؟
يسمِعه موسى عنتر ما قالته الإذاعة، فيضحك الاستليلي:
بما أنهم يعلمون أن الغد ماطر، وبعد غد صحو، وماذا سيكون الأسبوع القادم، تُرى ما هو شغل الله ؟

رقم 82-  فائدة العسل وريق الاستليلي :
كان موسى عنتر يقيم في ستليلي، وكان يربّي النحل في بستانه. ذات يوم، وبعد الظهر، يقصده ستليليٌّ، فيقول له:
يقولون يا موسى بِك، أن العسل دواء على الريق. أعاني من غثيان، أعطني قدْراً من العسل " إصبع عسل " لآكله .
يخاطبه موسى عنتر:
يخرب بيتك، حل العصر وما زلت على الريق ؟ مادمت لم تأكل شيئاً حتى الآن، بم يفيدك العسل ؟ لا دواء يفيدك .

رقم329- خليل يكسر رِجْل حماره :
يعيش خليل بِخي Pixêفي قرية موسى عنتر. ذات يوم يذهب للاحتطاب. ينشر  الشجر، وبعد نشره يأتي به فيحمله على حماره، ويسلك الطريق صوب القرية. لكن الحمار يعاند فلا يتحرك، رغم محاولة خليل، يستفز خليل في نهاية الأمر، فيضرب عصا على رجل الحمار، فيكسرها، وبعدها يصرخ طالباً النجدة، فيهرع إليه القرويون على وقع صراخه سائلين إياه:
خيراً ؟
يرد: ترون أنني أعلمتكم أنني كسرت رجل حماري، لهذا عليكم ألا تأتوا على ذكر هذا الموضوع، لهذا كنت أطلب النجدة.

مختارات أخرى:
رقم 50– غلام المير:
ذات يوم، يكون المير وغلامه وحدهما جالسين في القصر. المير يقول :
علو، ما الألذ في القطعة الواحدة ؟
-أميري، البيضة المسلوقة .
بعدها، لا يوجّه المير إلى علو سؤالاً آخر. حتى بعد مضيّ سنة. وفي اليوم نفسه، يسأل المير علو:
بماذا؟
- أميري، بذاتها .

رقم 104- كنت أعتقدكم بعثيين :
يقال أنه في الآخرة يجب على أيٍّ كان التكلم بالعربية. ثمة كردي من جنوب كردستان لم يكن له علم بذلك. الشيء الوحيد الذي يعرفه هو أن البعثيين وحدهم من يتكلمون العربية، إذ إن الظلم والعنف البعثيين وخصوصاً من جهة المخابرات العراقية، قد أرعبا كرد الجهة تلك. يحدث أن يموت كردي هناك ذات يوم، وبعد دفنه يأتيه منكر ونكير، وهما بكامل هيبتهما، فيجري سؤال وجواب بينهم:
من هو ربك ؟
أحمد حسن البكر .
ونبيك ؟
صدام حسين .
ودينك ؟
حزب البعث .
وإثر هذه الأجوبة ينهالان بمطرقتهما الرهيبة على الكردي. وكلما سألاه يكون الجواب نفسه أيضاً، إلى أن حل يوم فطنا إلى شيء: فلنسأله بلغته الآن، وهنا بدآ بسؤال الكردي:
من هو ربك ؟
من خلقنا جميعاً .
ونبيك ؟
محمد  عليه السلام .
دينك ؟
أنا مسلم .
يخرب بيتك، ترانا منذ عدة أيام، وقد سحقناك، لماذا لم تقلها هكذا من البداية ؟
-عندما تحدثتما بالعربية، اعتقدت أنكما بعثيان .

رقم107 –ألا فلتخرج أنت وليبق الجمل :
في إحدى القرى كان لرجل بستان، وذات صباح يفيق فيبصر جملاً في بستانه. وعلى وجه السرعة يذهب لإخراجه. كان ثمة أحد قروييه يريد إيذاءه بدوره، فيتجه لمساعدته، وبدأ بالتقاط الجبس والبطيخ وهو يرمي الجمل بهما، فيبصره صاحب البستان ويرى أن ضرره أكبر من ضر الجمل، فيناديه:
هييه، يا رجل، ألا فلتخرج أنت وليبق الجمل .

رقم 143- الموسِكي :
ثمة قرية في ناحية ماردين، يقال لها " موسِكي ". يحوطها جبلان. لأهل موسكي حكايا كثيرة، ورغم أنها قرية صغيرة، سوى أن شهرتها عمّت الدنيا.
ذات يوم خرج قروي واسمه " الخال شيخو" إلى العراء " للتبرز "، فيقصد مكاناً حجرياً صلباً " teht "، وعندما ينتهي، يبصر كيف سال برازه الكبير على المكان الحجري، فينظر الخال شيخو بعصبية إلى برازه ويقول:
أتراني سأكلك وأنت تهرب هكذا ؟

رقم197- حتى لا يصيبها البلى:
ذات يشتري قروي من " جِليني " مروحة يدوية، ولكي لا يصيب البلى مروحته لا يحركها، سوى أنه يقرّبها من وجهه، وهو يحرك رأسها يمنة يسرة أمامها .

رقم 221- الجنون والعرق:
ثلة من الشباب يقتعدون مكاناً بالقرب من نهر عامودا، وهم يشربون العرق. فيعبر اسماعيلو من جنبهم، أراد الشباب ممازحته قليلاً، فناداه أحدهم: اسماعيلو،هلا أتيت لتشرب كأساً معنا. فما كان من اسماعيلو إلا أن ابتسم ومن ثم استغرق في القهقهة، مثل صفيحة " تنكة " تتقاذفها الرياح، وقال: هييه، تشربون لتصبحوا مثلي، ولو أنني شربت أصبح مثل من ؟

رقم230- الطبيب والمريض:
يسأل الطبيب مريضه:
هل تشرب الكحول ؟
لا والله، أنا لم أذق الكحول إطلاقاً.
والسيجارة، هل تدخنها ؟
كلا، سوى أنني عندما أسكر أبدأ بالتدخين .

رقم246- لكم ظبّطت اسمي:
أحدهما سأل الآخر:
كريف، اسمك الكريم ؟
اسمي ميخو .
كريف ريخو " أي زبل "، وما هو اسم أبيك ؟
هالله هالله! لكم ظبطت اسمي، كيف ستظبط اسم أبي ..!

رقم 276-حوريات الجنة :
كان الملا ينصح حسو  قائلاً:
 يا رجل، أريدك أن تصلي.
وكانت زوجة حسو تصغي إلى الملا.
في الآخرة، يهبُ الله لكل منا سبعين حورية على الأقل.
على إثر سماع حسو كلام الملا، يتنفرز، كما لو أن عقرباً لدغه وقال:
سبعون حورية على الأقل ؟ والله لا صليت ولا حتى صمت .
فسأل الملا متبرماً:
لماذا يا رجل ؟
يا ملا، حليمكي هي وحدها، ولا أستطيع إشباعها، فكيف بسبعين حورية .
في هذه المرة ما كان من زوجته حليمكي، وهي بوجه صفيق، وضاحكة، إلا أن دنت من الملا وسألته :
ألا قل لي، هل هناك حوريون ذكور أيضاً ؟ إذا كانوا موجودين، فالذي سيصلي ويصوم أنا.
 
رقم293- ليس أيوب، أيا صوفيا :
سائق تركي يقل سائحاً انكليزياً في سيارته ويتجه به إلى أيا صوفيا. في الطريق يضرط السائح الانكليزي، يقول له التركي:
عيب، عيب !Eyb,Eyb
لا  أيوب لا أيوب، أيا صوفيا .

رقم313- العنصرية:
ذات يوم يسأل المعلم التلاميذ:
ما هي العنصرية ؟
يرفع رِستو يده ويقول:
العنصرية هي أن أحدهم لا يفكر بي إطلاقاً .

رقم 399- الشاب والشايب :
ذات يوم تعمر الجلسة، والأحاديث تنشط، فسأل شايب:
تُرى كم رغيفاً يستطيع الإنسان أكله ؟
فرد شاب :
يا عم، أستطيع التهام ستة عشر رغيفاً في جلسة واحدة.
فرد الشايب: يا هذا، أعني بسؤالي البشر وليس البقر.

رقم401- الولد المؤدَّب:
أحدهم قال لصاحبه:
لي ولد.
ليحفظه الله لك.
أنت لا تعلم لكم هو مؤدب .
ليحفظه الله
مهما أثرته لا يرد عليك.
ليحفظه الله لك.
حتى لو ضربته لا يقاومك.
ليحفظه الله.
تصور، حتى الذباب عندما يحط على جبينه لا يكشه .
ألا فيقصر الله في عمره .

رقم417- الكوجري والحلاوة:
يقصد عامودي ناحية الكوجر، فيرى كثرة الأرانب هناك، فيذهب إلى بلدة ديريك ويشترك فخاً للأرانب، ويشد إليه بطيخاً، وينصبه للأرنب.
لكنه لا يرى شيئاً بعد ذلك، فيتضايق، فينصحه صاحبه قائلاً:
اذهب إلى خيمة الكوجر وائت بقليل من الحلاوة وضعه على الفخ.
فيتجاوب مع نصيحة صاحبه، لكنه فيما بعد يقصد فخه، فيتفاجأ بوقوع رجل في الفخ .

بالتأكيد لا مجال لإيراد حتى ما هو ممكن نشره هنا، لأن كل مضحك له موقعه الدلالي، كل نكتة لها زمانها ومكانها، لها طابعها الجمالي والاعتباري، لها بعد بطولي، لها ضحاياها أحياناً كذلك، لها رواتها ومروجوها بحسابات معينة، لها مأساتها بالمقابل.. على أصعدة مختلفة: في الطول والقصر، في الصياغة والبداية والنهاية، في العنوان ومغزاه.
إن ما حاولت القيام به هو التأكيد أن لكل شعب ما يضحكه لأنه يريد أن يرفّه عن نفسه، ما في جعبته من النكات والطرائف والفكاهات ما يتجاوب مع وضعه الاجتماعي والسياسي والنفسي. إنه يضحك لا لأنه يريد أن يضحك حصراً، إنما لأن ثمة ما يحفّزه على الضحك تهكماً، سخرياً، شماتة، يضحك ليعبّر عما لا يستطيع التعبير عنه في الحالات الاعتيادية، يضحك لأنه لا يريد أن يضحك وهو منجرح، وهو مثقَل عليه بالهموم، على قدر المفارقات الموجعة .
من هذا المنطلق، يمكن التعرف إلى الكرد شعباً موجوعاً من الداخل والخارج، شعباً حياً أيضاً بطريقته، وتلمس جنسية كل مضحك وفحواه ..!
دهوك- في 9 تشرين الثاني 2015



*- الكتاب بالكردية، وقد صدر عن منشورات " نوبهار، ستانبول، ط1، 2012، في 256 ص من القطع الوسط، وبالكردية:
Ji kelepora kurdî: Pêkenok , berhevkar: Xalid Sadinî, Nûbihar, Istanbol, çapa yekem,2010.






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=5617