ديمقراطيةُ الكُورْد، و جعْجعَةُ مجْلس .
التاريخ: الأربعاء 24 كانون الأول 2014
الموضوع: القسم الثقافي



سليم عمر  

أنا لا أعرف لمَ كل هذه الضجّة التي أثارها الحلفاءُ المنضوون تحت خيمة مجلس الأحزاب الكوردية ، كل ما في الأمر، أن القائمين على هذا المجلس، مارسوا حقهم في التصويت بطريقة حضارية ، و كما هو متَّبع في الدول العريقة المعْتادة على هذا النَّمط من التعامل مع قضاياها، تصويت سرِّي، و فرْز للأوراق، و فائزون، و خاسرون، و لكن الذهنية الثقافية لدينا، لم تسمُ بعدُ، بما يكفي، لأن نتقبَّل، مالا يتفق، و المواقف التي نتبناها، و التي تكتسب قدسيتها بالنسبة إلينا، لا لشيء ، فقط لأننا لا نقْبل رأيا مخالفا، و لم نتعوَّد على قبول الآخر، و إذا كنا أصحابَ هذه الذهنية، فلماذا إذا نلجأ إلى أساليب حضارية، لا نؤمن بها في أعماقنا، و لماذا نمنع الاختلاف، طالما أننا ننتمي إلى مجموعة أحزاب، و نمثل مصالح شخصية متناقضة، و لنا علاقات متباينة في الداخل، و في الخارج،


 و فوق هذا، و ذاك، ما دام الواحدُ منا، يحمل في داخله شخصيتين متناقضتين، يعبِّر عن واحدة منها في العلَن، في أحاديثه، و في مواقفه، و في بياناته، و يمارس في السرِّ ما يعتقد به، و ما يتوافق مع مصلحته الخاصة، و ما يعبر عن حقد دفين، لا يزال يحمله في نفسه منذ عقود، منذ أن كانت هذه الشخصيات المهيمنة على هذا المجلس الكسيح في حزب واحد، و منذ أن كانت رفاق درب واحد، و منذ أن انقسم هؤلاء على بعضهم، و ملؤوا الساحة السياسية الكوردية بأحزابهم، التي لم تعدْ، تملك من المقوِّمات غير الاسم ، و منذ أن ملَّت الجماهير الكوردية من خلافاتهم، و هي تستفيق في كل يوم على فرمانتهم : (أيتها الجماهير الكوردية). هل مارسوا أي شكل من أشكال الديمقراطية، و هم ينشطرون عن بعضهم ؟ إنهم لم يعْدِموا وسيلة، إلا و لجؤوا إليها من أجل الإيقاع برفاق الدرب، تكتلوا على بعضهم، و تآمروا فيما بينهم، و رموا بعضهم بالخيانة، و بالعمالة، و تفرقوا شيَعا، و أحزابا، ثم استجدَّت ظروف، و أيقنوا، أن بقاءهم مرهون باجتماعهم إلى بعضهم، و لكنهم لم يتخلصوا من رواسب الماضي ، و بقيت مواقفهم، و رؤاهم مختلفة ، فإذا كنا – و نحن في المنافي – قد لاحظنا بوضوح، أن البعض من أطراف هذا المجلس، يصلِّي خلف عليٍّ في الصباح، و يجلس إلى مائدة معاويةَ في المساء، فكيف بهم، و هم الذين اختبرَ الواحدُ منهم الآخر ، كما لمْ يختبر الشقيقُ شقيقه، و أنا أرى أن هذا التعدد في المواقف، و في الرؤية من حقهم، فالمجلس الذي يضمهم، لا يمثل شكلا من أشكال الوحدة فيما بينهم، و إنما هو ثوب فضْفاض يلمُّههم، و إذا كان عليهم أن يتخذوا موقفا واحدا، و أن يصوِّتوا بنَفَس واحد، فليذهبْ واحدٌ منهم ممثلا عن جميعهم، و بذلك لا تكون هناك أوراقُ التصويت، و لا صناديق الاقتراع، و لا أدوات الفرز، و كفى الله المؤمنين شرَّ القتال، و أضيف فأقول: و شر التدْقيق، و التحْقيق، و التخْوين، و المحاسبة، و لكن حتى لو لم تحدثْ هذه الاشكالية التي رفعت الغطاء عن حقيقة، ما يغلي في المِرْجل، هل كان مجْلسنا، يعتقد، أنه أصبح شريكا فعليا في العملية السياسية الجارية في غربي كوردستان، و أنه، أصبح طرفا فاعلا، لا يمكن تجاوزه، و أن الأمر سيظل متوقفا على عدد الأصوات، و أن المجلس الآخر سيعتدُّ برأيه، و رؤاه ؟ أنا لا أعتقد ذلك، و لا أعتقد أن أصحاب المجلس الوطني الكوردي لديهم قناعة أخرى، فقد ظلوا تسعة أيام في دهوك في جدل متواصل، و خرجوا ببيان باهتٍ، لم يستغرق إلقاؤه غير دقائق معدودات، و على مجلسنا العتيد أن يحْسب كم من الزمن، يحتاج حتى يدخلوا في التفاصيل، و فيما إذا كانوا، سيتفقون على بعض من الأمور الهامشية .
لفد أثبت المجلس الوطني الكوردي- و مع الاقتراب من نهاية السنة الرابعة من عمر الثورة السورية، و من أزمتها المستفحلة، و المعقدة - أن هذا المجلس، فشل في المشاركة في إدارة الوضع الكوردي، و في النهوض بواجبه القومي، و بما يتوافق مع دقة المرحلة، و أنه لا يملك من المقوِّمات التي تؤهله، لأن يلعب الدور المطلوب منه، و أنه يواجه اليوم خيارات، ربما لا ترضي طموحاته، فإما أن يتعامل بهذه العقلية التي كشف عنها في أزمته الأخيرة، و أن يمضي في خلافاته إلى النهاية، و بالتالي عليه أن يتحسَّب لنهايته، أو أن يرضى بشراكة اسمية، تكون فيها اليد العليا لسمِيِّه، أو أن ينْسحب من هذه الشراكة، و أن يحافظ على ماء و جْهه، و أن ينْتظر، ما ستؤول إليها الأحداث . 






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=5300