هل نسعى للغة موحدة لكل الكرد ومن كل اللهجات أم نفرض لهجة معينة على كل الكرد
التاريخ: الأحد 24 كانون الأول 2006
الموضوع: القسم الثقافي


زياد نقيب بــــرواري
ziyadberwari@hotmail.com 

كثرت في الاونة الاخيرة الكتابات والاراء والتحليلات فيما يخص الموضوع السائد و الشائك الا وهو اللغة الكردية الموحدة . بدية هنالك بعض من هذه الكتابات والاراء التي غالبا ما تخطئ وتبتعد عن الموضوعية والحيادية في الكتابة والتحليل وتتجه اتجا‌ها متشنجا هذا ان لم اقل متعصبا وحادا للغية وهذا مما يؤسف له حقيقة. وهنالك بعض من الكتابات الاخري التي بدأت تسلك منحي اخرا الا وهو الاعتراف بوجود مشكلة ما من دون الاشارة الي اتخاذ لهجة معينة واحدة كاساس ليجاد لغة كردية موحدة، وكما دأبوا عليه سابقا في قسم من كتاباتهم والتي كانت تشير الي الاعتماد علي لهجة من اللهجات متذرعين بحجج واهية لاتستند الي المنطق ووجود الكرد كشعب وامة مجزأة من قبل محتلي بلاد الكرد . وانني من منطلق حرصي ككاتب كردي اسعي سوية مع بقية الزملاء الذين يطرحون ارائهم بغية يجاد مخرج وحل واقعي لهذه المشكلة والتي لابد لنا من الاعتراف وبكل جرأة بوجودها والسعي الحثيث لتبادل الاراء وطرح الحلول البناءة ، وبالتالي يجاد آلية للحوار العلمي البناء البعيد عن روح الفردية والتسلط ومفهوم سيطرة اللهجة الواحدة او الفئة الواحدة علي عموم الكرد وينما كانوا.


وانني هنا كما هو حال اغلب الكتاب الاخرين والذين كتبوا مؤخرا حول هذا الموضوع لاادعي بانني ضليع باللغة الكردية ، او متمكن من سبر اغوارها ، لا بل انني الجأ للكتابة حول هذا الموضوع وكما اشرت سلفا منطلقا من حرصي واسهاما مني وحسب امكانياتي المتواضعة لاغناء الموضوع وابداء ريي حوله وهذا حقي كشخص ومواطن كردي وقبل ان كون كاتبا او شاعرا الخ. وانني اشارك بعض الكتاب الذين اشاروا لو ان هذا الطرح كان باللغة الكردية لكان افضل ، لكنني اضطر للكتابة وباللغة العربية حول هذا الموضوع لان من بدأوا بالكتابة في بعض المواقع الالكترونية كتبوا حوله باللغة العربية وبالتالي لابد من اللجوء الي الكتابة باللغة ذاتها. وهنا احب ان انوه الي انني كنت قد كتبت مقالا وباللغة الكردية في ربيع هذا العام في اسبوعية ( ئه فرو) التي تصدر في دهوك ،وكان عنوان مقالي هو : (ياليتنا كنا نمتلك دانتي). والاشارة هنا الي دانتي اليطالي مؤلف الكوميديا الالهية والذي‌ كان له الدور الاساسي في يجاد لغة موحدة للطليان. وسوف اتطرق الي هذا الموضوع لاحقا.

اعود مرة اخري لقسم من الكتابات والتي نشرت في بعض المواقع الالكترونية مؤخرا.  اقول بدية انه للاسف كانت بعضها تتسم بروح التشنج وتعميق روح التجزئة المفروضة علي الكرد وهكذا محاولات اراها اخطر حتي من محاولات اعداء الكرد الذين كان همهم الوحيد هو استهداف لغة الكرد لمحو جذوره من الاساس لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل الذريع وبقي الكرد متمسكين بلغتهم رادين سهام اعداء الكرد الي نحورهم وصدورهم المليئة بالحقد والضغينة والكره. وهنا سأسرد واقعة حقيقية حدثت لكرد ئامه د  (ديار بكر) في شمال كردستان وعسي ان ليبتهج ويسعد مرة اخري احد الكتاب والذي كان قد كتب ان كرد شمال كردستان قد نسوا لغتهم ، وهذا مما يحز بالنفس ان يلجأ كاتب ما ويدعي انه ( كاتب كردستاني) ؟! يكتب بهكذا طريقة مستفزا وجارحا لمشاعر المليين من الكرد. الواقعة كانت في سنة 1933 وفي ئامه د ، في عهد عصمت ينونو، حينما اقدم هذا الأخير علي تغيير الواقع الديموغرافي للكرد هنالك جالبا الالاف من الترك واسكنهم حول الكرد كسور او طوق لعزلهم وصهرهم ومن ثم خاطب هؤلاء المستوطنون الترك قائلا : اطالبكم بان تجعلوا هؤلاء الذين انتم الان حولهم ( انظروا الي شوفينية هذا الحاقد ينونو ، الذي لم تمكنه شوفينيته من ان يقول او يلفظ اسم الكرد بل قال هؤلاء الذين انتم حولهم) ان ينسوا لغتهم وان يتكلموا بلغتكم ، ومن ثم واصل ينونو خطابه لجمع المستوطنين الترك قائلا لهم: سازوركم بعد حين من الزمن واتمني ان اري هؤلاء وقد نسوا لغتهم تماما. وبعد مرور فترة من الزمن قام ينونو ثانية بزيارة جمع المستوطنين الترك خاطبا حشودهم متسائلا : هل نسوا هؤلاء لغتهم تماما كما طلبت منكم سابقا ؟ فانبري شاب من هؤلاء المستوطنين مجاوبا ينونو : لا والله پاشا هم انسونا لغتنا وبدأنا نحن نتكلم لغتهم . هكذا حاول اعداء الكرد من محو جذور الكرد والامثلة في هذا المجال كثيرة لكن كل محاولاتهم البائسة تلك من محو وازالة لغة الكرد الزاهية والتي قاومت وصمدت وبقت لحد الان باءت بالفشل.

وهنا فانني ادعوا ذلك ( الكاتب الكردستاني ) ان ليفرط بسعادته في ان كرد شمال كردستان قد نسوا لغتهم ، لان ذلك لو كان قد حدث لاسمح الله لكان هو يضا قد نسي لهجته ولغته وكل شي. ومن هنا فانني ادعوا كل الكتاب الي توخي الدقة في كتاباتهم وان يكونوا واقعيين وموضوعيين فيما يرمون اليه وان يضعوا نصب اعينهم خدمة بني جلدتهم مشاطرين مؤازرين لهمومهم ومشكلهم ومآسيهم لانها بالتالي هموم ومشكل ومآسي كل الكرد قاطبة. نفس ( الكاتب الكردستاني ) يكتب معلقا حول تواقيع مجموعة من الكتاب الكرد معترضين حول فكرة تبني لهجة معينة   (وانني هنا انوه الي انني لست من المؤيدين لجمع التواقيع فيما يخص مسألة هامة كهذه  لانني بالاساس لست مع تسييس المسألة) كان الاحري بهؤلاء الكتاب ان يلجاؤوا الي طرق اخري، بالكتابة مثلا وطرح ارائهم فيما يخص الأمر وباسلوب حضاري بغية يجاد المخرج المناسب والصائب.

اقول يكتب هذا (الكاتب الكردستاني) معلقا علي انه هذا (لأمر خطير جدا جدا جدا) ؟! ولاادري هنا لماذا هو مولع هكذا بتكرار هذه ال (جدا) ؟! علما بان ابتهاجه بنسيان كرد شمال كردستان للغتهم اخطر بكثير من جمع تواقيع هؤلاء الكتاب. أمر اخر اود الاشارة اليه الا وهو اشارة نفس هذا ( الكاتب الكردستاني) الي وجود (لغة كردية فصحي)؟! وهنا بدوري اسأل هذا ( الكاتب الكردستاني) الي انه فرضا وكما يدعي هو بوجود لغة كردية فصحي ( والتي اتمني ان نمتلكها نحن الكرد ولو بعد حين) فلم اذن ياتري هذه النقاشات وهذه المقالات وهذه الطروحات المتداولة بين مجالس الكتاب والمثقفين وهنا علي شبكة الانترنت وصحفها الالكترونية ؟

وهنا انتقل الي كاتب اخر يكتب بين الحين والاخر ويطرح اراءا قسما منها مفيد والاخر مكرر ومعاد في كثر من مقال له، لكن للاسف هذا الكاتب والذي يفترض به وهو يحمل درجة علمية ان ليقع في اخطاء كما وقع فيها شخصه الكريم حينما قارن مرة من المرات اللهجات العربية المختلفة والتي هي اشد وادهي مما نعاني منه نحن الكرد ، قارنها بما نملكه نحن الكرد وفوقها متذرعا بان العرب وبالرغم من اختلاف لهجاتهم تمكنوا من تكوين لغة موحدة لهم ! لا اعلم لم تناسي هذا الاستاذ بان لولا وجود القرآن لما امتلك العرب لغة فصحي الي ابد الدهر ولكان حالهم اليوم اشد واعظم من حالنا نحن الكرد. هذا اولا ثم ليجوز مطلقا ومهما كانت الاحوال ان نقارن لغة بلغة اخري ، هذا لان لكل لغة مميزاتها و‌خصائصها وتفردها عن الاخري . اخيرا لااشاطر الاستاذ الكريم ارائه المتشائمة حول اندثار اللغة الكردية وذوبانها لو استمر الحال هكذا ، لان اللغة الكردية لغة حية متجددة قاومت وصمدت لقرون بوجه كل محاولات الاندثار والصهر والذوبان وخير دليل علي مااقوله هو سردي لواقعة ينونو ومحاولته البائسة وهنالك العديد من هكذا محاولات لكن لامجال هنا لسردها جميعا .

خلاصة القول علينا ان نكون متفائلين كثر لو عملنا جميعا معا يدا بيد ، لان مشكلتنا هي واقع التجزئة المفروض علينا كشعب وامة وهي العامل الرئيسي والاساسي لحد الان علي عدم تملكنا نحن الكرد للغة كردية موحدة. وهكذا كان حال الكثير من الشعوب والامم علي مر الازمنة والعصور . لكن تحرر كل تلك الامم والشعوب وامتلكها لقرار سيادتها بيدها ساعد وعجل من التغلب بمرور الوقت والزمن علي يجاد لغة موحدة لهم ومن ثم تطورها ونماءها وازدهارها. ونحن الكرد حتما في يوم من اليام سنمتلك هكذا لغة موحدة . ما هو مطلوب منا الان ،علينا ان نمد يد العون لبعضنا وينما كنا ، وان نحاول بكل ما اوتينا به من قوة لجمع الشمل المجزأ وان نعيد اللحمة لا ان نحاول تعميق واقع التجزئة والتفرقة والتشرذم. لااريد هنا الدخول في تفاصيل واقع اللهجات الكردية المتنوعة والاسس اللازمة لبناء لغة كردية موحدة من وجود كيان سياسي متمثلا بدولة ووطن واحد واقتصاد متين وتكنلوجيا الخ. بل ماأريد قوله هنا ان ندع شأن هذه اللغة الكردية الموحدة لاصحابها من علماء اللغة ، واختصاصييها ونوابغها وكل الجهات الكاديمية العلمية وان نبتعد عن تسييس هذه المسألة الحساسة جدا ، لانها مسألة تخص كل الكرد قاطبة ولاتشمل او تعني جزءا من اجزاء بلاد الكرد المقسمة وسبق لي ان كتبت مقالا حول هذا دعوت فيه كل من يحاول الي فرض لهجة معينة ان يفكر ابعد من هذا وان ليخطئ الظن ان الكرد مجرد بضعة مليين بل انهم كثر من اربعين مليونا . وهنا فان علينا جميعا العمل يدا بيد ووضع النقاط علي الاحرف وتشخيص الداء ويجاد الدواء المناسب، وان نتوخي الدقة والعلمية في طرح ارائنا لان في طرح الاراء منفعة ومن ثم ليس هنالك خلاف في الاختلاف ، ومن طرح الاراء المتنوعة والصائبة نستفيد جميعا ونسهم في يجاد ارضية متينة ورصينة لبناء لغة موحدة لكل الكرد وهنا سأدرج النقاط التالية اسهاما مني في ابداء ريي الشخصي المتواضع كي نخرج بآلية تفكير الا وهي : بناء لغة كردية موحدة من تلاقح كل اللهجات الكردية لتكون ملكا لكل الكرد وتعمل علي وحدتهم ، خير الف مرة من محاولة فرض لهجة معينة علي كل الكرد وبالتالي تكون عاملا مساعدا لاسمح الله علي تعميق جراحاتهم وتفرقتهم وشرذمتهم.  
 

1- اناطة مسألة توحيد اللغة الكردية بعلماء ومختصي اللغة الكردية ، مع مراجعة والاستفادة من كل مكتبه المستشرقون الذين زاروا كردستان بكل اجزائها الحالية المقسمة وكتبوا عن اللغة واللهجات الكردية المتنوعة.
2- تفعيل دور المجمع  العلمي الكردي ودفعه الي القيام بمهامه في هذا الصدد ، لان العبئ الكبر حاليا يقع علي عاتق هذا المجمع.
3- تخويل الجانب الذي ستناط به مسوؤلية هذا التوحيد الي الاتصال بالمختصين اللغويين والمهتمين المعنيين والكتاب والمثقفين والفنانين والمغنين الكرد من كافة انحاء كردستان لدراسة هذا الامر معا بغية يجاد الارضية المشتركة لبناء لغة كردية موحدة .
4- اجراء مسح عام وفي كل اجزاء كردستان لكل ما هو موروث شعبي ونتاج فولكلوري اصيل ، لان ما موجود في تراثنا الكردي الكثير مما يجمعنا ويلم شملنا وشتاتنا لهذا كنت قد اشرت في مستهل مقالي هذا الي دور الكاتب اليطالي الشهير دانتي  الذي وحد اللغة اليطالية بالتجائه الي الموروث الشعبي وتدوينه ل (الكوميديا الالهية) . وانني هنا اري انه يتحتم علينا نحن الكرد يضا الالتجاء الي الموروث الشعبي والفولكلور الكردي الاصيل ، لانه الامل الوحيد المتبقي لدينا من وجهة نظري بتوحيد لغتنا الجميلة وبالتالي يحق لنا نحن الكرد يضا ان نفخر امام شعوب الارض قاطبة بلغتنا الحية الموحدة المطعمة بكل الفسيفساء الكردي المنوع الجميل الاصيل . هذا الفسيفساء الذي قاوم كل محاولات اعداء الكرد وبقي صامدا شامخا كشموخ روابي وجبال كردستان .
5- عدم تسييس هذا الجانب مطلقا وجعله محصورا في  نطاق كاديمي علمي صرف.
6- اطلاق حملة شاملة في كل القنوات الاعلامية الكردية المرئية والمسموعة والمقروءة بغية تعريف المشاهد والمستمع والقارئ الكردي باهمية هذا الجانب والعمل علي اشركهم اجمعين في هذا العمل القومي المقدس، وتوعيتهم بضرورة المساهمة كل من جانبه وامكانياته المتاحة.
7- العمل علي تأليف قاموس كردي شامل يحاول الاستفادة و الجمع بين كل اللهجات الكردية علي اختلافها وهكذا عمل لاشك يتطلب جهودا هائلة وجبارة علي ان تقوم به جهة علمية متخصصة ولتكن مثلا : المجمع العلمي الكردي في كردستان وكل المعاهد الكردية المتواجدة في خارج كردستان كالمعهد الكردي في پاريس، وبرلين، والسويد ، واستانبول. الخ..
8- الاستفادة من كتابنا ومثقفينا الكرد المتواجدين في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ، وذلك نظرا لما يتمتعون به من خبرات هائلة في مجال اللغة وآدابها وعلومها وللدور المشرف الذي قاموا به لسنين طوال في جمع وتدوين الموروث الشعبي الكردي الاصيل ، مما ساهموا مساهمة جادة وفعالة في الحفاظ علي تراثنا من الضياع والنسيان.
9- اطلاق قناة فضائية خاصة في هذا الشأن علي ان تكون بدعم من كل شرائح ومكونات الكرد كي تساهم بشكل فاعل علي توحيد الكرد في كل اجزاء كردستان وتوعيتهم باهمية وقدسية هذا العمل ومناشدتهم المساهمة كل من جانبه وامكانياته المادية والعلمية والثقافية .
 10- الاستفادة من تجارب وجهود الشعوب والامم الاخري والتي كانت لديها نفس المشكلة وبالتالي تغلبت عليها بيجاد لغة موحدة .
 11- اعتماد الفباء كردية موحدة ومن المستحسن بنظري اعتماد الاحرف اللاتينية لانها الانسب والافضل للغة الكردية







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=455