آرشك ....النار الهائجة شعراً ......
التاريخ: الخميس 14 كانون الأول 2006
الموضوع: القسم الثقافي


أجرى الحوار مروان حمكو

إن الموهبة الشعرية قل ما نجدها بين العامة , وإنما تتولد نتيجة لعصارة فكر وألم ومعاناة , لتعكس ذاك الواقع   لتكون  صورة  حقيقية  رائعة , بل ومعبرة عن أحاسيس  جياشة , يكتنفها ذاك الإنسان , والشعر بشتى أشكاله ’يدخل قارئه في جوٍ يتمثله   بنفسه  , ويغوص في خيال لا نظير له , وكائنه هو ذاك الشئ الموصوف , أو الواصف , إنه حقاُ تلاعباُ بالكلمات وبطريقة ساحرة وأخاذة , وليس شرطا بأن يكون الشاعر  أكاديمياُ , ولكن تتدخل هنا الموهبة النادرة , وكم حاول الكثير ولكن دون جدوى , وما ينطبق على الشعر ينطبق على باقي الفنون , وهناك الكثير الكثير ممن أبدعوا ودخلوا التاريخ وليسوا بأكاديميين ,

ونحن اليوم وعلى ذكر الشعر يسرنا أن نتعرف على إنسان شق طريقه بنفسه وأثبت وجوده في عوالم الشعر واللغة الكرديتين ,   وتفانيه في تعليم الناشئة للغة الأم , وحتى الشباب أيضا نالهم نصيب كبير للتعلم , كتابةً وقراءةُ . وإنه لجهد مشكور ويد ناصعة في هذا المجال , وعرفته إنساناً يكد ليل نهار لتأمين لقمة العيش له ولعياله , اللذين لا عون لهم سواه , ومن سوء القدر إنه إنسان وحيد  أبويه , ومن هذا المخاض ولدت لديه هذه القدرات الشعرية والأدبية , ويتقن اللغة التركية والفارسية  والإنكليزية والعربية أيضاً , حقاً إنه في زمن ٍ غير زمانه , لا أريد الإطالة وسندعه  هو يعرف بنفسه للسادة القراء .  

السيد آرشك هل لك أن تعر ف عن نفسك للإخوة القراء .؟

أنا من مواليد 1963 نجاري الوردة من عامودا الحديقة ، وحيداً لأبوي .
بعد ان حصلت على الشهادة الثانوية ، درست الحقوق في جامعة بيروت  ، ولكن الظروف المادية شاءت أن لا أكمل دراستي ، إلا إنني لم أستسلم ..... مارست عدة مهن إلى أن استقر بي المقام على مهنة معلم بناء ولا زلت ، ومنها أعيل (12 ) فرداً وهم عائلتي ووالدتي وأولادي ... من كد يميني وعرق جبيني .

كيف كانت البدايات وأين ؟

بدايتي من عامودا الثقافة ، حين كنت في الصف العاشر كنت أكتب باللغة العربية , ونتيجة ظروف قاهرة جعلت  حسي القومي أن أتجه إلى اللغة الكردية , وحاولت تعلم الكتابة والحروف من تلقاء نفسي دون معلم , بل وأصبحت أتسول المعلومات دون خجل , وكنت أشحذ متوسلاً وراجياً , ولو صفحة مكتوبة باللغة الكردية , لأستفيد منها , وإن كانت مجهولة المصدر, وكان والدي سنداً لي في تحقيق طموحي بتشجيعه الدائم لي ، ولكن والدتي كانت على العكس  , خوفاً علي كوني وحيدها ، وقد يكون هذا التناقض في موقف والدي دافعاً لتطو النفس الحي في فكري وموهبتي .      

ما هي توجهاتك الحالية   ؟  

سعيت ومازلت جاهداً في سبيل إظهار الصعب و السهل في لغتي  ولا أزال , لأبرهن على قوة هذه اللغة المحكية , أولاً عن  طريق أشعاري , ومن ثم على سعيي الحثيث في الغور إلى أعماق البلاغة والقواعد الاْساسيين لهذه اللغة ,والتي أ ثبتت     وجودها ودون سند وبعفوية , في وجه ويلات  الأزمنة الآثنة ، معرضة مفرداتها للتشرذم والتبعثر ... إلى أن اكتسبت المناعة ضد  أوبئة الضياع , و حافظت على جمالها ورونقها الحزين .   

كيف تقيمون اللغة والشعر الكرديين اليوم  ؟                                                

الشعر لسان اللغة وفمها , واللغة تكوين ، فالتكوين العليل والبنية السقيمة تلعثمان اللسان وترعرعان الشفاه , ولكن الكرد هكذا تعودوا أن يتنفسوا بكبرياء ، فالشفاء للتكوين قاوم العلل , واستقام اللسان , واستقرت الشفاه ، بل وتحاول أن تزغلط فرحاً أحياناً ، ونحن نستبشر خيراً من لغةٍ ... آه ...وآه ... قد تاهت مرات ومرات , وظهرت مع قوافل القرابين هذه المرة وهي الأخيرة ....    

لماذا لم يتعرف عليك الكثير من متابعي الشعر والأدب حتى اليوم  ؟ وما هي الأسباب برأيك  ؟                             

الأدب والشعر الكرديين في ثقافة بعض الانتهازيين,  كانا إرثاً لتمرير مصالحهم الشخصية , وسلب الحقوق من أصحابها الشرعيين، وبهذا صلطوا الأضواء على من يعينهم في تحقيق مآربهم,  حتى ولو كانوا هم ليسوا بمستوى أن يستنيروا بهذه الأضواء ، وبوجود أمثال هؤلاء تصمت الحقائق ، لكن للطغيان عمر , ولو طال فقصير, وللخداع وصف ولو صعب يسير ، وأنا لا أتوسل إلى أحد ليعرفني بقدر ما أتوسل إلى الكل أن يأخذوا ما فيه فائدة لهم من نتاجي .

ما هي الوسيلة الحسنى وحسب رأيك لتشجيع الناشئة للدخول في عالم اللغة ؟                                                 
    

تحت شعار ( هوية الشعوب هي لغتها ) فافتخروا أيا أجيال الكرد بهذه الهوية اللازوردية المزركشة ، وتعلموا أصولها ، فهي السبيل للإعتراف بكم ، وتعرفوا أنتم أيضاً بأنفسكم على تأريخكم  .... اقرأوا لغتكم الجميلة حرفاً بحرف , ولو اكتفيتم اليوم بحرف فستطلبون في الغد حروفاً... لأنها مليئة بخزائن السحر وكنوز الاطمئنان ، فهي ضد الضد و نَفَس النفس ... أحاول أن أ ُدخل اللغة الكردية كل بيت كردي , وهذه أسهل وأنجع وسيلة للتعلم السريع .   

هل هناك من معاناة تلا قيها في مسيرتك الأدبية  , وكيف تتغلب عليها إن وجدت ؟

الكل يقول أنا الكل , ومن الكل والى الكل نحو الشهرة دون أرضية ولا رصيد ... كثيرون أشتهروا على حساب مشاعر الكرد البريئة ,  فالتقليد طريق البعض ,  والبعض الاْخر يعتمد السرقة  ... وهذه هي المعاناة بحد ذاتها ، يجب ألا أسأل أين وكيف الشهرة , بل أسأل عما هو ضروري لشعبي ... وهل أنا قادر على تأمين مستلزمات الكشف عن هذه المعاناة ، عانيت الكثير حتى تعلمت , وأعاني الكثير كي أعطي , وكذلك أعاني من التوصل إلى فكر أبناء شعبي ... لأنني مستقل ... ولكنني لا أيأس , بل أتابع السير رغم كل العراقيل .  

ماهي أخر أعمالك ؟

بل ما هي كل أعمالي   .. تلاتة دواوين شعر لم تطبع بعد ، ستة كتب من سلسلة تعليم اللغة الكردية , من الصف الأول إلى السادس لم تطبع ، ثلاث دراسات لغوية ( دقائق اللغة Hûrbînên ziman – الضمائر Pêrnav – الفصاحة والبلاغة
 ) لم تطبع أيضاً .Petî û rewanbêjî
، فقط نشر لي كتاب موجز ( اللغة واللسان zar û ziman  ) منذ سنة ، وآخرها دراسة مفرقة تحت عنوان ( يزد وزردشت ) وكلها بالكردية .

حسب علمي أنك تتقن التركية والفارسية كيف تم ذلك وبشكل مختصر من فضلك ؟  

كان لنصيحة والدي الدائمة لي ( كل لسان انسان ) نصف الدور , والنصف الآخر هو كوني أبحث في خبايا اللغة الكردية ,  لذا علي أن أكون ملماً بهذه اللغات التي أثرت تأثيراً مباشراً عليها ، وذلك لأميز ما لها , وما لهم  وبالعدل ولا أعتمد على عمل فلان ونتاج فلان آخر مناقض ... فالتقليد يجعلنا نستمر بالخطأ ، مثلاً ( الضمائر ) عند البعض هي كلمة مركبة ... فكيف يأتي المكان قبل الاسم المرشح لاسم الفاعل ، هل يجوز أن نقول فب تركيبة كردستان ( ستان كرد) هل نهدف إلى الهدم أم إلى البناء ، وهذه الأسباب هي التي دفعتني إلى تعلم مفردات وخصوصيات هذه اللغات .

  هل من إنسان تقتدي به ؟

أقتدي بذلك الذي يفدي بفكره أو دمه في سبيل تحقيق أحلام شعبه , وأقتدي بذاك الذي ينحت حرفاً في صخرة ٍ.

كيف ترى عامودا برؤية شعرية ؟ 

مياهها حلوة وترابها غالٍ لا يستطيع انسانها الفراق فهي مقدسة دون أن يسجد لها أحد ، انها أغنية الشعب ولحن الوجود وقانون الحياة ، وهذه الكلمات هي مترجمة عن قصيدة لي بعنوان (عامودا)   . 

ماذا تنصحنا نحن المغتربين ؟ 

 
لاتنسوا لغتكم وعلموا أولادكم خصوصيات اللغة الكردية , فهي الماضي والحاضر والمستقبل  . 

كلمة أخيرة ...

أموت وأحيا ألف مرة , ولكن في موتيَ الأخير اكتبوا علي قبري بأنني حزين , لأنني لم أعطي شعبي ولغتي الحق الكافي .  
ختاماُ لك منا تحية تقديرٍ وإكبارلجهدك هذا , وأستطيع أن أقول بأنك أشبه بالجندي المجهول , ولكن تسبقني محبتي ومهجتي لكردستان الجريحة , فهي بحق مهما أعطاها الإنسان , فسيكون مقصراً ونادما أبدا , وأتمنى لك عطاء أوفر وجهداً يستحق عظمة وشوخ كردستان , وهنا يحضرني بيت من الشعر ... شعب دعائمه الجماجم والدم  ..... تتحطم الدنيا ولا يتحطم ...... وفقك الله لما تسعى إليه.







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=434