السبب... هو بؤس الخطاب الفكري ـ الثقافي التنويري
التاريخ: السبت 19 ايلول 2009
الموضوع: القسم الثقافي



 خليل كالو
 x.kalo59@hotmail.de 

في مقال للأخ حواس محمود نشر على بعض من المواقع الالكترونية أثار فيه مسألة عدم تناول النتاجات الثقافية لكتاب الكرد من قبل النقاد والمختصين أو المثقفين وربما القراء أيضاً...الخ وهو يبحث عن سبب هذه الظاهرة وقد أصاب في بعض ما طرح كبد الحقيقة ولكن البعض الآخر مما أثاره هي في الحقيقة ليست ظاهرة بل أمر طبيعي يرجع سببها برأينا المتواضع إلى بؤس الخطاب وفقدان سياسة واضحة لأصحاب الشأن من الناقد والكاتب الذي تصب في أغلبها إلى تحقيق الأنا والارتزاق من وراء القلم أكثر منه استحواذ وتحقيق المجد لنفسه والمجتمع الذي من المفروض أن يكون متلقي لمادته وكذلك يرتبط جوهر المسألة أيضاَ بالموضوع الذي يتناوله الكاتب والهدف الأساسي من وراء الكتابة فإذا كانت المادة الثقافية أو الفكرية لم يهتم من حيث التعبير والفكرة والواقع والهدف  بآماله وتطلعاته ومشاركته الأحاسيس والمشاعر العامة فلا نظن أن المادة سوف تهم أحد سوى صاحبه مهما بلغ صاحب النتاج من أسم كبير


 ومعروف لدى وسطه الثقافي أو الفكري وإن كانت المادة المعروضة ذات قوة في تركيب الجملة وبليغة في معانيها وصحيحة في لغتها وعلينا أن ندرك أن قوة المادة الثقافية أو الفكرية تأتي من هدفها ورسالتها الاجتماعية والفكرية والنفسية والتنموية فبدون ذلك ستبقى المادة أشبه بكلام إنشاء أو مقالة أدبية تعبر عن قوة امتلاك الكاتب على التعبير لا أكثر ولا اقل أكثر وحينها يجد الكاتب نفسه نكرة يعيش بين الجماعة غريب ومغترب.يعتبر الفكر والثقافة من العوامل الأساسية التي تبنى على أساسهما الشخصية والهوية الثقافية لدى جميع الأمم وتعتمد نتائجهما في عملية البناء والتطور الحضاري والثقافي خلال مراحل التاريخ المتعاقبة وعلى طول منحى مسار تطور الأمم والجماعات حتى الآن.لقد أنجبت الأمم والشعوب الكثير من الرجال العظماء والمشاهير من رجال الفكر والثقافة والقادة التاريخيين  وهذه الشعوب مدينة لهؤلاء بالحالة التي هم فيها الآن ومن خلال الأعمال والإنجازات الهامة التي حققوها والتي تعتبر مفصلية في حركة التاريخ من الناحية السياسية والاجتماعية والفكرية والأدبية لأي شعب وإن غياب مثل هؤلاء الرجال عند الشعوب تعرضهم إلى ظروف قاسية وصعوبات جمة وبالمثل فإن البشرية مدينة أيضاً إلى نتاج عمالقة العلم والفلسفة والفنون والثقافة الذين اهتموا بالقضايا الإنسانية والروحية والعلوم الطبيعية والمسائل التي تتعلق بخلق الإنسان الواعي والقادر على تحمل مسؤولياته في كل الظروف والصعاب فعلى ضوء تعاليم وشرائع وآراء ونظريات هؤلاء الرجال الكبار الذين أصبحوا جزء لا يتجزأ من تاريخ أممهم في الميدان الحضاري والثقافي تقدمت البشرية نحو الأمام حتى بات تعرف شعوبا ًوبلدانا ً بأسماء قادتها ورجالها العظماء وخلف راياتهم وأفكارهم ونظرياتهم نجحوا فيما سعوا إليه . لقد تناول هؤلاء الرموز والشخصيات قضايا شعوبهم ومشاكلهم بروح التضحية والجرأة والحكمة واستندوا في معالجاتهم لمسائل شعوبهم على الروح الوطنية والفكر القومي والفلسفة والعلوم الطبيعية والفنون في البناء والازدهار وبناء الشخصية والفكر والمعتقدات الروحية . إن الشعوب التي اضمحلت وتفرقت وأصبحت أرومة في أرشيف التاريخ كانت من الأسباب الرئيسية في انحلالها هو فقدانها لمثل هذه النماذج من الرجال كي تصل بهم إلى بر الأمان في أوقات الشدة والصعاب .نحن الكرد الآن شعب مثل سائر شعوب المعمورة ينتمون إلى أمة لها عوامل ديمومتها وبقائها ولها خصائصها المميزة وثقافتها المتمايزة وجدوا على هذه البقعة الجغرافية منذ فجر التاريخ في بلاد ما بين النهرين وعرفوا في زمن السومريين تحت أسماء متعددة كالكوتيين واللولو والسوبارو والكاشيين وأو الكوش أو ناهارام ( آرام ) وهم الآن كرد يعيشون في حالة يرثى لها ويتطلب من المثقف والكاتب ملازمة آلام شعبه في مكان الأوقات حتى يشغل هو بنتاجه الفكري والثقافي بال القارئ ويتابع  باستمرار ولكن أن تجبر الناس على متابعة أمر لا يهتم بشؤون حياته فهذا عمل غير مجدي ولن تؤتى بنتائج . إزاء الوضع القائم وبناء على معطيات التاريخ وحركة الكرد الثقافية والسياسية في المراحل السابقة وما أصابها من ترهل وعجز في العطاء  بات حرياً على المثقف الكردي السعي للتغيير وتحديث الفكر والثقافة التي تحافظ على وجود الكرد بهوية ثقافية متمايزة ومن خلال سياسة مشتركة وتضافر جهود النخبة والفئات الواعية لذاتها الأصيلة والتاريخية إلى إجراء التغيير والتحديث اللازم والكافي في النظام الاجتماعي والثقافي والروحي والفكري نحو الأصل والجذور مع الابتعاد عن ثقافة الاغتراب والتشويه التي حصلت للشخصية الكردية من تغيير ثقافته وفكره ونظرته السطحية واللامبالاة تجاه كل ما يحدث من حوله مع الإدراك والمعرفة بأن السير والحركة بالأسلوب القديم والرتيب والنمطي ذات النزعة الفردية والأنانية والغريب عن الواقع والتاريخ لن تسفر عن نتائج مرضية كما أن هناك أمور عديدة تشغل بال وفكر ووجدان الإنسان الكردي وتسرح بذهنه وخياله بعيد عن أصوله وحقيقته كأمة لها تاريخ وجغرافية , ويقترب من الثقافة  والفكر وبأسلوب الهواة وبشكل ساذج كما يتفاعل مع المحيط بروح اللامبالاة والسطحية واضعا ً نصب عينيه نمو مصالحه وكل هذا سببه بؤس الخطاب الثقافي والفكري في المجتمع الكردي وهروب المثقف من استحقاقاته وواجباته تحت ذرائع وحجج واهية غير مقنعة يتفهمها المتلقي والقارئ بشكل مباشر لذا هو لا يعير الاهتمام الكافي بما هو مطروح منه أيضاً . إن معظم النواميس والقوانين والتشريعات الإلهية والفلسفات والأفكار والثقافات التي ظهرت منذ وعي الإنسان قامت بتنظيم  الجماعات البشرية وفق ضوابط  اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية متوازنة وتناولت قضايا الإنسان وكيفية حل مشاكله وقامت بدور المعلم والمرشد والقائد وقفاً لقوانين وأخلاقيات متفقة عليها ضمنت بقاء وسلامة أفراد المجتمع من الخطر وتأمين متطلبات بقائهم , وقد أثبت الإنسان جدارته وحنكته واستطاع التغلب على الظروف الطارئة المحيطة به عندما أمتلك الفكر والثقافة والمعرفة والإرادة واستطاع بتنظيمه ضمن جماعات من تشيكل قوة بشرية بدءاً من العشيرة وحتى إنشاء الأمة و مازالت مسيرة الإنسان متسارعة  نحو الأفضل وخاصة في المجال الحضاري والعلمي وإن كان ومازال يتخبط في المجال الأخلاقي والروحي كونه لم يتخلص بعد من قرديته. ستبقى أهمية الثقافة والفكر كبيرة وكبيرة جداً ولا حياة بدونهما لابد للكرد سواء كانوا جماعات وأفراد ومهما كانت درجة الوعي السياسي والتطور الثقافي والاجتماعي والعلمي والاقتصادي العام الذي وصل إليه والعقائد التي تنتهجنه الأفراد والفكر الذي تلتزم به الآن لا بد من البحث عند عن محطات يستوجب التوقف عندها وهي مفاصل أساسية على طول خط مسار التاريخ  الشعب الكردي وأن معرفة التاريخ السياسي لكل محطة باعتبارها نقطة البداية للمرحلة التي تليها ومكملة للمرحلة التي قبلها  والبحث عن ماهية الفلسفة التي انتهجها الكرد عند كل مرحلة ومحطة من التاريخ  أمر في غاية الأهمية وسوف يفتح هذا الطريق الآفاق الواسعة أمام تفتح الفكر والذهن إذا سعت النخب الكردية المسئولة عن أداء رسالتهم من خلال المنهج المعرفي والتقييم الصحيح إلى إيجاد السبل والعوامل الكفيلة واللازمة لتجاوز الضعف العام وبناء الشخصية الجديرة بالاحترام من قبل الآخرين وتذليل العقبات المعترضة سبيل التقدم في البناء وبناء منظومة الأفكار لتصبح بمثابة المرجع الروحي والثقافي والسياسي لجيل الصاعد لفترات طالت أو قصرت والبحث عن الأسباب التي تعترض سبيل التقدم والحفاظ على النوع والجنس والهوية وأسباب الوجود ومقومات تكوين الأمة والبقاء في هذا العالم كبشر لهم قيمة إنسانية وأخيراً لابد من وجود ثلاثية متوازنة ومترابطة ومتوازية وهي الفكر والثقافة (النظرية)-الأفراد القوامون عليها (النخبة والقيادة) -(التنظيم والتوحد) في الهيكلية التي تقوم بإدارة الجماعة والتخطيط لها في الحاضر والمستقبل فبدون هذا المثلث الوجودي سيبقى مستقبل الكرد مجهول . 







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=2588