إعدام الفرعون ، مناوشة ثقافية أم إعلان حرب ؟.
التاريخ: الجمعة 18 تموز 2008
الموضوع: القسم الثقافي



  بقلم: فرمان صالح بونجق

هي إحدى مقولاتِ أهم وأعظم فلاسفة الإغريق (تكَلَّم حتى أراكَ) ، والتي لا يمكن إلاّ تسميتها بأنها واحدةٌ من أبرزِ خلاصاتِ نتاج الفكر البشري المرموق منذ أن بدأ تاريخُ الإنسانيةِ بتدوين نفسه ، سواءَ بالنقش أو بالحبر أو بالدمِّ ، ولأننا في هذا العصر لا نتعثرُ كثيراً بفيلسوفٍ على قارعةِ الطريق ، كما كان يحدثُ منذُ بضعةِ آلافٍ من السنوات ، حين كان للفلسفة شأن ، فنلجأ مضطرينَ إلى الاستعانة بما قيلَ آنذاك لفهم تداخلاتٍ وتشابكاتٍ وتقاطعاتٍ نكاد لا نفهمها في عصرنا هذا . وإنْ فهمناها ورَدَّدْناها ، فإنَّ أحداً لن يصدقنا في مسعانا لتقديم الحقيقة أو جزءٍ منها على الغالب ، لأنها وعلى رأي الفلاسفة أيضاً : لا أحد يملكها كاملةً.


 والجديرُ بالذكر فإنَّ هذه التداخلات التي تفرزها سلوكياتٌ سياسيةٌ مشاكِسةٌ أحياناً ومغامِرةٌ أحياناً وعدائيةٌ وقاتلةٌ في الأحايين الأخرى . ترتكز أيضاً إنْ كلياً أو جزئياً على فهم وإدراك هذا النسبي من الحقيقة ، وتوظيفها توظيفاً سيئاً لخدمةِ المشاريع الطائفية والجهوية في منطقتنا والتي باتتْ معروفةً إلى حدٍّ ما ولو على المستوى النخبوي من المشتغلين بالشأن الثقافي .
والجهبذُ الفارسيُّ لا يزال يتكلم ، وكلما تكلم كثيراً رأيناه أكثر ، فتارةً سيحرقُ الخليج العربي ، وتارةً سيمسحُ دولة اسرائيل من الخريطةِ الجيوسياسية ، وتارةً سيغرقُ البشريةَ بأسلحته النووية التي لم ينتجها بعدُ ، وتارةً يعدمُ ( الفرعون ) ، وتاراتٍ أخرى يهذي ويهذي إلى ما لانهاية ، معتقداً بأنه وكيل الله الأوحدَ على هذا الكوكب ، ومعتقداً أيضاً بأنه يملكُ صكوكاً شرعيةً من سلالةِ آلِ البيتِ ليحكمَ بها الخليقةَ ، ومتى كان آلُ البيتِ ينزعون إلى حكم الخليقةِ ؟!. ولأنها لم تكن إلاّ رسالةُ الله إلى بني البشر، وقد بُلِّغَتْ : ( اللهم إني بلّغت ، اللهم إني بلّغت ) ، فقد انقطعتْ علاقةُ السماءِ بالأرضِ بعدَ هذه الكلماتِ البسيطةِ والبليغةِ والحاسمةِ .
و الجهبذُ الفارسي ليس إلاّ منظومةُ الملالي من ذوي العمائم السوداءِ المبعثرينَ يميناً ويساراً والذين خرَّجتهم قُـمْ ليُبلِّغوا رسائِلَها قولاً وعملاً ، وهم لم يتوانوا عن فعل ما أُمروا بهِ على سبيلِ الطاعةِ والإخلاصِ للقمقم الأكبر. وخيرُ تشخيصٍ لهذه الطاعةِ انحناءُ أحمدي نجاد بكلِّ وقار، وتقبيلهِ أيادي مرشدِ الجمهوريةِ الإسلاميةِ إبانَ تصعيد الأولِ لسدَّةِ الحكم ، وعلى أية حال فإنها ليستْ جمهوريةً وليستْ إسلاميةً أيضاً ، ولكنها قد تكون كياناً فارسياً إذا استثنينا منها الشعوب الكردية والعربية والبلوشية والآذرية والتي تشكلُ ما نسبته 60% من مجموع السكان .
ومقولة ُسقراطَ تلك ( تكلم حتى أراك ) أعانتنا اليومَ في فهم الرسائلِ الإيرانيةِ ، السياسيةِ منها والطائفيةِ ، وحتى التفخيخيةِ التي تجولتْ ولا تزالُ تتجولُ هنا وهناك .
 ورسالتها اليومَ تختلفُ إلى حدٍّ ما من سابقاتها لكونها ترتدي لبوساً ثقافياً ليس إلاّ . واستهدفتْ الرسالة هذه المرةَ دولة مصرَ بكيانها السياسي والثقافي والشعبي أيضاً من خلال فيلم إعدام الفرعون والذي يتناول قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات ، وليس بخفيٍّ على أحدٍ من تكونُ مصرُ ، وما هي إمكانيات مصر، وكيف سيكونُ ردُّ مصر . وليس من المهم أبداً شكلُ هذا الردِّ ، ولكن المهمَ أنّه سيكون عنيفاً وعنيفاً جداً ، وقد بدأتْ بوادرهُ تظهر للعيانِ من خلال ردود الفعل الأولية على مستوى المراجع الدينية والأوساط المثقفةِ المتحالفة بشدةٍ مع مصريتها كظاهرةٍ جنسويةٍ ووطنيةٍ وقوميةٍ وانتمائية . وإذا كان الإيرانيون قد نجحوا إلى حدٍّ ما في اختراق بعض الساحاتِ بتواطؤاتٍ محليةٍ ، إلاّ أنهم تمكنوا فقط هذه المرةَ من إطلاق الدبابير المصريةِ الوطنيةِ من أعشاشها لدى أول اقترابٍ من التخوم التي يعتبرُها المصريونَ مقدسةً ومقدسةً جداً ....






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1762