هَل ظلَمت شريْعَة الإسلام المَرأة!؟
التاريخ: الأحد 23 تموز 2006
الموضوع:


آهين

ما مني دين من الأديان بمثل ما مني به الإسلام من أعداء في الظاهر والخفاء قديماً وحديثاً، ولم يقم في وجه دين مثلما قام في وجهه من تآمر ودسائس، وكم هاجمته
الجيوش المنظمة فارتدت على أعقابها، وكم أرجف في وجهه المرجفون فعاد كيدهم في نحرهم وباؤا بالإخفاق.
وهو والحمد لله إزاء هذا كله راسخ لا تزيده الأيام إلا انتشاراً وذيوعاً، تصديقاً لقوله تعالى في قرآنه الخالد: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) (التوبة/ 32).


فها هي ذي الأمم والدول تعود إلى بدهياته بعد عقود من السنين فيلتزمون بها ويدعون إليها، وقد كانوا من قبل ينعتون من يقول بمثلها أو يميل نحوها بشتى صفات الجهالة والتخلف ومساندة الاستعمار، أصبحوا يعترفون قائلين: كنا خلال هذه العقود المتطاولة على خطأ، وقد أزف أوان تغيير الأوضاع. فمن هذه الأراجيف التي يتشبثون بها ويموهونها على الجهلة والسذج وذوي الأغراض لإبعادهم عن دينهم قولهم: أن الإسلام أضر بالمرأة وظلمها وفضل عليها الرجل، ألا ترون أن شهادة امرأتين تساوي في الشريعة الإسلامية شهادة رجل واحد؟ وأن سهم رجل في الميراث يساوي سهم امرأتين؟، أليست هي أيضاً كالرجل؟ فلم هذا التمييز؟ تلك دعواهم وهي دعوى باطلة واهية لا تملك أن تضمحل أمام حقائق الواقع عندما تجابهها، كالثلج عندما تشرق عليه الشمس، ونحن إزاء مناقشة هذه الدعوى لبيان زيفها يجدر بنا أن نستعرض وضع المرأة منذ أقدم العصور إلى العصور الحديثة، ثم نقارن ذلك بما منحها الإسلام من جملة الحقوق الرائعة وبوأها المكانة التي تليق بإنسانيتها من غير سعي منها نحو تحصيل هذا المستوى أو مطالبة منها أو من غيرها بهذه الحقوق، وحينئذ سيبدو الفرق واضحاً جلياً لكل منصف متبصّرٍ انعتق من أسر الأهواء والأغراض.
فعند اليونان كانت المرأة محتقرة حتى سموها رجساً، وكانت تباع وتشترى، مسلوبة الحرية، محرومةً من الميراث، وهي ما عاشت لا إرادة لها إزاء سلطة الرجل، ويُفرض عليها الزواج ولو من شخص لا تميل نحوه نفسها، وليس لها التصرف في أموالها إلا بموافقة ولي أمرها من الذكور.
أما عند الرومان فلم يكن للبنت حق التملك، وإذا اكتسبت مالاً فإنه يضاف إلى أموال رب الأسرة، وكانت مكانتها في القانون كمكان العبد، وليس لها حق المواطنة وينظر إليها كقطعة من أثاث.
وفي عهد الملك جوشنيان المتوفى سنة (556م) تحسن وضعها قليلاً، لكنها ظلت قاصرة حياتها كله، لا تملك حرية التصرف، ولا تستحق الاحترام الإنساني.
أما في شريعة حمورابي، فقد كانت تحسب في عداد الماشية المملوكة.
وعند الهنود كانت تلبث حياتها كلها قاصرة، عليها أن تموت يوم موت زوجها وتحرق معه حيةً على محرقة واحدة، ثم بطلت هذه العادة على كره من رجال الدين.
وأما عند اليهود فكانت بعض الطوائف ينظرون إليها نظرهم إلى الخادم، وكان لأبيها الحق أن يبيعها قاصرة، وهم يعتبرون المرأة لعنة، لأنها أغوت أبانا آدم عليه السلام ـ حسب زعمهم ـ .
وأما عند المسيحيين فلم تكن بأحسن حالاً من أخواتها لدى الأقوام الأخرى، فقد انعقد مجمع (ماكون) في القرن الخامس الميلادي لإبداء الرأي في وضعها، فقرروا أن المرأة مجرد جسم لا تتمتع بروح ناج من النار، ما عدا أم المسيح عليه السلام.
وفي عام (586م) أي في شباب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عقدوا مؤتمراً قرروا فيه أن المرأة إنما خلقت على صورة الإنسان لتصلح لخدمة الرجل فحسب.
وفيما بين القرن الخامس والحادي عشر الميلادي كان للشريف النبيل ـ روحياً كان أو زميناً ـ في أوربا من الحق ما يبيح له الاستمتاع بامرأة الفلاح إلى مدة أربع وعشرين ساعة من بعد عقد زواجها.
وفي سنة (1567م) صدر قرار البرلمان الاسكتلندي بأن المرأة لا يجوز أن تمنح سلطة على أي شيء، وظلت محتقرة في القرون الوسطى تتقلب في مهاوي إِلاذلال والإهانة والاستغلال، فكان يحق لزوجها عند الإنكليز أن يبيعها بثلاث بنسات، وظل الزوج يملك هذا سنة (1805م)، لكن كثيراً من القوانين الجائرة بقيت على ما هي عليه إلى سنة (1938م) حيث عدلت حينئذ لصالح المرأة، ولا تزال بعض البلاد الاسكندنافية حتى اليوم تميز الذكر على الأنثى.
أما عند العرب فكانت مهضومة مهانة ذليلة لا تملك رأياً، ولم تكن ترث من ميراث أبيها شيئاً، وليس لطلاقها عدة محددة، ولأوليائها أن يفرضوا عليها الزواج بمن شاؤا بإلقاء مهرها، وإذا مات زوجها وترك أولاداً وزوجات، فلولده الكبير أن يرثهن بإلقاء ثوبه عليهن، فيصح حينئذ أن يتخذهن زوجات له ما عدا (أمه) أو يزوجهن لمن يشاء من غير مشورتهن، وله مهرهن وليس لهن حق الاعتراض، وبعض القبائل العربية كانت تئد البنات وكانوا يكرهون إماءهم على البغاء لجلب المال لهم، إلى غير ذلك من الماسي التي يندى لها جبين الإنسانية وذكر الفيلسوف الفرنسي المعاصر (روجيه غارودي) في كتابه (مستقبل المرأة) أن (ريجن برنود) أثبت أن موقع المرأة ضمن المجتمع يتراجع بمقدار يتناسب مع امتداد الموقع البورجوازي، ويضيف قائلاً: إن أجور النساء في القانون الفرنسي لعام (1980م) تتدنّى عن أجور الرجال بنسبة (30%) ويقول: إن رجال القانون قد تشبثوا في بداية القرن الرابع عشر بشريعة مسيحية مزعومة تمنع النساء من تملك الأرض بالميراث، ويحد هذا القانون من سلطة النساء على أملاكهن.
ويضيف غارودي أن (ريشيليو) قال في مؤلفه (الوصية السياسية): لا يوجد شيء يمكن أن يسيء إلى الدول مثل هذا الجنس (يعني النساء). وينقل (غارودي) قول القديس (توما الأكويني): إن المرأة تخضع للرجل بحكم طبيعتها، فالرجل يتمتع أكثر منها بالقدرة على التمييز العقلاني.
وعن إعلان حقوق الإنسان في فرنسا سنة (1793م) يقول: إن هذا الإعلان لم يكن سوى إعلان لحقوق الرجل، وذلك لأن القانون المعلن في نيسان (1793م) يقرر أن الأطفال والبلهاء والأحداث والنساء والمحكومين بجنايات مخلة بالشرف تحجر أموالهم وليس لهم حق المواطنة، وينقل عن نابليون بونابرت حين سن القانون النسوي أنه قال: إن خيانة الزوج لا تمثل أي خطر على حفظ الإرث، في حين قد تُدْخِلُ خيانةُ المرأة ضمن الأبناء وريثاً لا ينتمي إلى النسل الشرعي، ثم يضيف غارودي: لذلك نجد في شريعتنا وحتى عام (1975م) أنه لا توجد مساواة أبداً في معاقبة الخيانة الزوجية فان المرأة تتعرض للعقاب في كل الحالات بينما لا يعاقب الزوج إلا إذا فوجئ مع عشيقته في البيت الزوجي، وينقل عن الفيلسوف نيتشه قوله: إذا ذهبت إلى النساء فخذ معك سوطك.
ونشرت صحيفة أبناء موسكو مقالاً للمناقشة تحت عنوان: المرأة تبحث عن التحولات، للصحفية ناتاليا كرامينوفا، جاء فيه: إن المرأة تأسيساً على القوالب القديمة قادرة على كل شيء صابرة عليه، أجل هي قادرة، لكنها لا تريد الاستمرار في ذلك، ثم أضافت: يجب منح المرأة الاختيار في أن تعمل أو لا تعمل، وكم ساعة تود أن تعمل، وحسب أي نظام، وتضيف ناتاليا كرامينوفا: إن المرأة متخلفة عن الرجل حتى في الراتب، وليس في إمكانيتها تأمين مستقبل باهر.
هذه هي أوضاع المرأة أيها القارئ الكريم في مختلف الشرائع والأنظمة والأعراف قديماً وحديثاً.
وهاهي ذي الآن الحقوق التي منحها الإسلام إياها والشرائع التي سنها لها، ليعلم الفرق بين قوانين وأنظمة وشرع الله.
فبعد أن أشرقت شمس الإسلام انطلق صوت الشريعة الإسلامية يضع الموازين القسط لكرامتها ويعطيها حقوقها كاملة غير منقوصة ويرفع عن كاهلها إصرار الإهانات ويمنحها إنسانيتها كاملة كالرجل، فها هو النداء السماوي ينادي بان لا فرق بين الذكور والإناث، قد خلقوا من نفس واحدة، الله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) واعتبرها أهلاً للتدين والعبادة ودخول الجنة إن أحسنت، ومعاقبتها إن أساءت كالرجل سواء بسواء، قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينَّه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) (سورة النحل/ 97) ومنع أن تورث كرهاً، قال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النّساء كرها) (سورة النساء/ 19) وحرم وأدها قال تعالى: (وإذا المؤودة سئلت، بأي ذنب قتلت) (سورة التكوير/ 8) وحدد طلاقها ومنع الزوج من العبث به، قال تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) (سورة البقرة/ 229) ومنع نكاح زوجات الأب، قال تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) (سورة النساء/22) وأعطاهن حق الإرث كإخوانهن، قال تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً) (سورة النساء/ 7) وجعل لها من الحقوق مثلما عليها من الواجبات، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) (سورة البقرة/ 228) كما جعل نفقة الزوجة على زوجها، قال تعالى: (وعلى المولود رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (سورة البقرة/ 233) ونهى عن إكراه الإماء على البغاء، قال تعالى: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصُّناً) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال) وقال "ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم" وقال: (من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة).
  (وأكد كل هذه الأوامر في حجة الوداع وهي آخر حجة حجها صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا فاستوصوا بالنس







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=130