قتلُ الجياد الكردية «عن محمد اوزون، عنه أيضاً» 3/3
التاريخ: الأحد 04 تشرين الثاني 2007
الموضوع: القسم الثقافي



ابراهيم محمود

في الرحاب المديد لمحمد اوزون:
ليس الوقوف على القمة، هو الذي يتيح للناظررؤية مساحة جغرافية أبعد وأكثر، فقد يكون فعل الوقوف هذا، حائلاً دون رؤية أقرب نقطة، أو التمكن الفعلي من رؤية القمة ذاتها، والعملية تتلخص في ذات الناظر،حيث القمة تتجسد هنا، في العالم الجسدي: اللحمي والعظمي، أي القدراتي للمعني، والرؤية تنطلق من الطاقة المتوثبة القادرة على رؤية المجال الممتد جهوياً.
ومن هنا " المكانية المحسوسة والمحسوبة"، لا يكون الرحاب الضيق، إلا تحركاً في نقطة واحدة محددةً( من ثقب واحد، كما هو الراصد الفلكي، يمكن تلمس سماء واسعة)، هي النقطة التي تسهّل فعل الرؤية المكانية والزمانية، وتعالقات ذاتيهما الإيحائية ، والذين يستخدمون تعميمات، أو إطلاق أقوال، لا يعني تلمس الأمداء، إنما التعتيم على العجز حتى عن رؤية المساحات الصغيرة، عن رؤية التفاصيل الضرورية، باعتبارها مكونات المكان: استطلاعاته.


وما يخص الراحل، كما هو الوضع مع أي كان بحثياً، تكون التسمية الدقيقة لما صار من أجله، ومن خلاله محمد اوزون الأبعد من نطاق سويركي الجغرافي، أبعد من حدود اوزون الكردي الأورفوي، حامل الجنسية التركية اضطراراً، كما هو الأوسع من حدود الاسم الشخصي.
الحديث عن اوزون، وفي حدود المتاح، هو التخلي عن العموميات، ليكون حضوره أرحب !

هل من بداية ممكنة؟:
أتخلى هنا، عن الإجراء الروتيني، وهو التوقف عند مكان الولادة وتاريخها، لأن ذلك، شكل العلامة الفارقة الأكثر حضوراً، في مجمل ما طالعنا به بياض الانترنت: خداعه.
ما يهم اوزونياً هنا، هو الجانب المعتبَرمعتماً، والمتطلَّب إلى توسيع مهاده الأدبي والتاريخي معاً، وتعميق مجاله الحيوي والثقافي معاً، وما بين الوجهين من تكامل وتفاعل.
وأعترف مجدداً، أن ما حاولت رسمه، أو تخطيطه، وتحويله مادةً للقراءة، للمقاربة النقدية، هو حزمة الملموم من مواقع انترنتية مختلفة، وبصعوبة بالغة( يعرفها المعني بمكابدات الانترنت)، أن مقالات ظهرت بالكردية، مؤكّدة لبعض مما يمكن التحاور حوله، مكَّنتني من أن أصيغ جملاً نقدية مفترضة، حول الروابط القائمة بين الكاتب وذاته، الكاتب وبيئته، الكاتب والكاتب، الكاتب وما يتحسسه ويستشعره، الكاتب وما يتوهمه كتابةً، الكاتب وما يحرره من فزَّاعة اليومي...الخ، أن بضع روايات، في حوزتي، هي ابداعات اوزون، حفَّزتني، في حدود الممكن الأدبي، لأن أستمر معه، أكاشف فيه بين الوجهين: الصيروري: تحولاً، والسيروري: تشكلاً، وذلك في مضمار( بناء الذات، بقراءة أكثر للآخر)، دون أن أخفي بؤس الموجود، أو المتوافر، من قلة المتوافر، بينما أنا على يقين تام، أن ثمة من ترقد مؤلفات اوزون، في مكان معتم، في درج من الأدراج، للمعلَن عنه : الكاتب الكردي، ناقده، موسوعيه...الخ، وبـ" ألـ: التعريف"، هنا وهنا، وليس هناك، كما لو أنه يؤكد مدى حرصه على " تسكيت" اوزون، الحجر عليه، وعدم التعريف به، إلا في الحدود التي تبقي فضول جل القراء في أوهى مراتبه البحثية، لغرض كردي معلوم.
ينهض السؤال الاعتباري الأول: كيف انتقل الكائن الهامشي اوزون إلى المتن الثقافي؟ مثلما أن سؤالاً آخر،يأتي مباشرة، وهو: كيف صار اوزون محط نظر، مختَلفاً عليه سلباً وإيجاباً؟ أوكيف ظل اوزون مواطن الهامش المحترس، في حدود طليقة، أكثر وساعة من محمية المتن السائد؟
في البداية، يمكنني القول، على أنه في وسع المتمعن فيما كتبه اوزون، الرجوع إلى الطفولة التي شكلت الشجرة الوارفة الظلال، وهي تظلل مجمل أعماله الروائية بصورة خاصة. وعندما أشير إلى الجانب الأدبي الروائي، مشدداً على عنصر الرواية، فلأن هذه، مثلت مهبطَ طيران الطفولة، وانبثاقة المدَّخر في وجدانه الطفولي، وكيف أن عالم الطفولة منح ما تلى طفولته، تلك العزيمة إلى جانب المواد الخام، لبناء عالم، يعيد للطفولة بالذات قيمتها، ويؤكد جميلها الإبداعي.
ربما، وفقاً لتصور من هذا النوع، يمكن قراءة تلك الأعمال التي يمتزَج فيها الأدبي بالثقافي، وبدرجات متفاوتة، في نصوص سِيرية لكل من (طه حسين، محمد شكري، عبدالكبير الخطيبي، طاهر بن جلون، سليم بركات...)، وبالتسلسل، في (الأيام، الخبز الحافي، الذاكرة الموشومة، حرودة، السيرتان..)، وهو لم يبخل في هذا المجال من خلال حوارات، أو اعترافات، أو مصارحات، متفرقة، يؤكد فيها، على أن الفضل الكبير لما تميَّز فيه روائياً، يرتد إلى الطفولة، تلك التي تتجاوز حدودها الكمية، أي عمرها الزمني، من ناحية التأثير، حيث إن رواياته التي يمكن اعتبار الكثير منها تاريخية، وبقالب الرواية الحديثة، ناحية الاهتمام برموزالثقافة والتاريخ الكرديين ومجتمعهما، وأن مؤلَّفه السّيري (زهر الرمان)، كما أشير إليه سالفاً، يري هذا المنحى، وفي الوقت ذاته، فإن معايشة مرارة الواقع، وبؤس المعاش اليومي، ومكابدة الحياة في أمكنة كثيرة، كردستانياً، وعندما انتقل إلى المنفى كرهاً على كره، والتعرف إلى وجوه كثيرة، كل ذلك، وسَّع من نظرته الأدبية والانسانية إلى معنى الانسان الفعلي بالذات في تداعياته الكونية، وكيف يمكنه أن يكون نموذجاً حياً، في تمثيل القيم الانسانية، وذلك في مضمار الممكن لديه.
إن أقرب مثال، إلينا، يوضح هذه الصورة، وذلك في مقاله الموسوم (الصفعة)، ماذا أثار فيه؟
صفعة الانتماء اللااختيارية " الكردية المنتظِرة":
إن طريقة التعبيرعن (درب الآلام الكبرى) بالنسبة لكاتب عانى كثيرعلى أصعدة مختلفة، بحيث كان انتماؤه ككردي، المنصهَر العاطفي والاجتماعي والوجداني الأهم حياتياً، هي تلك الفعالية النفسية التي أكسبته القيمة التي باسمها، يمكنه الارتقاء بذاته وهو معتبَر في خانة المرفوضين اعتبارياً، أي كونه كردياً، كما هو الآخر، ينتمي إلى أي أرومة بشرية.
حول النقطة هذه، يمكن التوسع، عندما يندفع الكاتب متحدثاً عما يكون، عما لا يستطيع تغييره، لأن ذلك ليس خياره، فأن يكون المرء أو لا يكون، ليس بمسألة ممكنة للنظر فيها، لأن ذلك يرتبط بفعل الولادة، بفعل الهوية التي تنتظر المرء، وهو ليس لديه أي خيار سوى أن يتحرك إزاءها، وأنه منذ لحظة الولادة، يسجَّل قبل أن يحسن الابتسامة بالمقابل، يتم تقويمه اجتماعياً.
والأكثر تعرضاً للمعاناة هو الذي يحيل سؤال الهوية إلى سؤال مواجهة الذات والآخر، هو الذي ينطلق من وحدة الانتماء البشرية، ويصر على ذلك، مخترقاً كل تصنيف حدودي إثمياً.
( لأسباب خارجة عن إرادتي، جئت إلى هذا العالم بصفتي كردياً، ومذ ذاك وحياتي موسومة بأمرين: العذاب والكذب، ونستطيع القول انه بالرغم من عدم امتلاكي الوسائل، فان السنين السبع والأربعين من حياتي قد دارت بأكملها في معركة منذورة للتحرر من هذين الشرّين. جاهدت مطولا ومن دون توقف، لكي أفك رموز وجه الكذب القبيح والبدائي والقاسي، محاولا أن أبدع انطلاقاً من عذاب الكائن أعمالا فنية لتوضع في خدمة الإنسان، في خدمة الإنسانية بشكل عام. اجهل إلى أيّ حدّ نجحت في ذلك، بيد أنني اعرف مع ذلك، أن ذلك الأمر كان المحركَ الأساس لكل ما فعلته) .
ربما، تلك هي البداية المستعادة، من بين سلسلة بدايات تعرَض على كل امرىء، وبحسب إرادته الأدبية والثقافية والاجتماعية، ليكون المخيّر بين واحدة وسواها، مراهنا على واحدة منها، تكون علامته التضاريسية حياتياً، وفي كل بداية سؤال من النوع الآنف الذكر، سؤال : من أنت ؟
السؤال الذي يمكن أن يكون وجودياً، أن يكون دلالياً، مثلما هو السؤال الذي لا يني يواجه به الكاتب، بصورة رئيسة الواقع الذي هو وإياه يعيشان حواراً يتفرع في كل الاتجاهات.
أن يكون الانسان مرفوضاً ، من خلال لونه، أو عرقه، أو لغته، هو ذاته السؤال الأكثر تمثيلاً لما هولا أخلاقي، لكل ما هو قبيح اجتماعياً ، وعلى درجة من الأخلاق، لأن كل القيمة تلتقي فيه.
وفي هذا الملتقى القبحي، يكون العذاب، مثلما يكون الكذب الأقصى، وكيفية تعريته قيمياً، ليكون الابداع، الوجهَ الأكثر مضاء، والأكثر قدرة على استشراف العالم المنشود، وما في هذا التجلي من رباطة جأش نفسية وكتابية، من حزم لقوى النفس، وتوجيه دفتها نحو الأكثر رحابة، أي أن يكون انتقال من فساد الضمير، وخبل الذات، والقهر الدامي، إلى المنتَج جمالياً وقيمياً.
وربما هكذا، كانت تفكر الكاتبة الأمريكية توني موريسون، وهي زنجية، وعاشت هذه المعاناة المتعلقة بعنصرية الجندر: العرقي: الأسود في مواجهة الأبيض، كثيراً( ينشأ مشروعي من المتعة لا من الخيبة. ينشأ مما أعرفه عن الطرق التي يحوّل بها الكتاب، مظاهر خلفيتهم الاجتماعية، إلى مظاهر لغوية، ومما أعرفه عن طرق رؤيتهم للقصص الأخرى، وخوضهم لحروب سرية، وترتيبهم لجميع أنواع الجدل في نصوصهم..)20.
تلك كانت البداية التي لا تنقطع، لأنها الخميرة التي تجددت، مثلما أنها أثمرت كائنها المقدام أدبياً، ولعل أي كاتب عندما يحاول الرجوع إلى الوراء، وهو يمارس مهنة الأركيولوجي، في تقصّي طفولته، كما لو أنه الآخر لنفسه، إنما لكي يحسن قراءة تاريخه، هذا الذي لا يعود ملكاً له، وإنما القفزة الكبرى في التاريخ الأوسع، كما هو المقروء في كتابات الآخرين.
ولعل مفصلة حياته الأولى، وكيفية الربط بين بداية عهده بالمدرسة، وما تلقَّاه فيها، وكيفية بدء التصدع الأهم في حياته، كان بمثابة صحوة الوعي الأولى، أو الصدمة الكبرى، تلك التي أرجعته إلى الوراء، وهي ذاتها المرآة التي أظهرت له زيف العالم من حوله، أن ما يدور في محيطه، يتجاور الاستقرار الذي تصوره من خلال طفولته، تلك التي عاشها متنقلاً بين حضن الجدين، وعالم كل منهما: أرضياً وحكائياً، أوما اعتبره أول معايشة لتلك الصفعة الحياتية التي تمتد معه طوال حياته، وهو يمرحل حياته، دون الفصل الكلي، بين مرحلة وأخرى :
( يعود الحدث الأول إلى العام 1960، أي حين كنت في السابعة من عمري. في احد الأيام الحارقة والصافية، عند نهاية فصل الصيف، وفي اليوم الذي كنت ارتدي فيه ثياباً جديدة من رأسي حتى أخمص قدمي، بسبب دخولي إلي المدرسة، تلقيت صفعة عنيفة، كدرس، حول أهمية اللغة والتعبير. ولدت ونشأت في قلب عشيرة كردية. لم يكن عند أهلي أي كتاب باستثناء القرآن المعلق على الحائط، كما لم يكن لديهم لا راديو ولا تلفزيون. في هذا المنـزل الكبير ذي الحديقة المزروعة بأشجار الرمان والخوخ، حيث تتفتح الأزهار، لم يكن هناك سوى "البيلور" (ناي الراعي) العائد لوالدي كما الحكايات والأساطير التي يرويها جدّ و"الستران" (الأغاني التقليدية) المدهشة التي كانت تغنيها جدتي بلهجة "الزازا" الكردية. كان عالما موسوماً بالعواطف والأفكار والقواعد وقيم اللغة الكردية.
كنت في السابعة وأحبّ هذا العالم الذي انتمي إليه. لكن ومنذ الساعة الأولى لأول يوم أضع فيه قدمي في المدرسة، علموني من خلال هذه الصفعة التي انحرفت نهائياً في ذاكرتي أن عالمي كان بلا معنى، عديم الفائدة، بدائياً ممنوعاً، وانه يتوجب علي مغادرته. بينما كنت التحق بزملائي المصطفين في ملعب المدرسة الابتدائية الذي كانت تحمل اسم الشاعر إبراهيم رفعت ذكّرني المدرّس الذي كان ينحدر من وسط الأناضول والذي كان في طور الانتهاء من خدمته المدنية عبر صفعته العنيفة، بالنظام، لأنني كنت أتحدث مع صديق بلغتي الأم: "ممنوع أن تتكلم الكردية"، لم افهم المعنى الحقيقي للجملة التي لفظها بالتركية، إلا بعد سنوات من تلك الحادثة(.
ثمة بعض مما يرويه لكابار وصاحبه، ما يسرده في المقال المشار إليه (اللغة روح البشر والأمم وكرامتها)، وبعض مما يتركه لقارئه ليتوقف عنده، وليكون ذلك إمكاناً تاريخياً وسردياً وأدبياً، ليحسن النظر فيما كان عليه وضعه، أن يكون هو الآخر ذلك الطفل الاوزوني، أو نظيره، فيما تعرَّض له أول عهده بالعالم، بالبداهة الطبيعية، بالطبيعة، بعالم البيت وكل من الأب والأم، الجد والجدة، مفارقات الحكايات، ونجاعتها الجمالية، في خلق حافز للمضي في الحياة، وإيجاد العزاء الكافي، لئلا يتراجع المرء إلى الوراء، هناك بالتركية، حيث العنف الذي تمثَّل في اللغة، وهنا، بالعربية، وفي مكان ثالث بالفارسية، ...الخ، وكيف العنف المتنوع، يعيد الجميع إلى ذات النقطة، ذات الألم المشترك، إنما من خلال مدى حساسية الطفل المتحرك،واليقظ، طفل الكاتب الذي يكونه، دون أن يتوقف عنده، بقدرما يكون خميرة مضافة، إلى خميرة المعاناة، والمجاهدة، لخرق المألوف، كما لو أن الكتابة هي ذاتها، امتحان للذات، وانتصار على الألم، مثلما هي تحدٍّ لأولي اللغة العائدة إليهم، من خلال بناء العالم الذي، من جهة، يشهد على أن المدوَّن شاهد على مدى امتهان الانسان، ومن جهة أخرى، يشهد على أن الذي كان، سيظل قابلاً للمواجهة، واستنطاق مضمونه، وعلى هذا الأساس، لكَم تخيف الكتابة الفاعلة في هذا الميدان .
إن القدرة على التحول، تضاهي القدرة على تحمل التبعات، وما تعرض له الكاتب من معاناة متنوعة، وهو يمارس العمل السياسي المركّب، حيث أعتبر، أن كل ملاحَق بلغة أخرى، ويسعى  إلى تجسيد العنف القام من ناحية اللغة، يكون السياسي أولاً،وحين يكون التعبير في كيان نصي : أدبي أو خلافه، أو بالانخراط في عمل منظم: صحافي، أو تنظيمي له طابع حزبي، تكون السياسة ذات منحى مختلف، وتتضاعف مسئولية المرء: الكاتب، كما كان تحمُّلُ الكاتب لهذا العبء النفسي والاجتماعي والتاريخي، في أوسط سبعينيات القرن الآفل، وفيما بعد، بدءاً من دخوله سجن أنقرة، وكفاحه في المجال الكتابي( عمله في مجلة رزكار)،وكيفية هروجه من تركيا، لأنه ما عاد في وسعه تحمل الضغط الذي تزايدت وتيرته، وأنه مثلما يتحدث بلغة تجمع بين السرد المكاني المتفاوت قيماً، والسرد التاريخي المتنوع الأصداء، ينشدُّ إلى الربط بين ما كان عليه وضعه، دون أن يتجاهل خميرة الطفولة، في انضاج الرجل فيه، وهومع آخرين، ومع نفسه متوحداً ومتأملاً لما يتعرض له، وما كان عليه سريان فعل المعاناة في تكوين الكاتب المنتظَرفيه، وهو ذاته، يوضح ذلك، في أكثر من إشارة، في حديث عن مكانة اللغة، أو من خلال الموضوع المؤثّر الحامل لعنوان (الصفعة)، إذ يحدد درسه الثالث هناك قائلاً (أما الدرس الثالث، فقد تعلمته في سنوات المنفى. كان قد أطلق سراحي أخيرا بعد 8 أشهر من الاعتقال. إذ كنت لا أزال متهما بسبب مسؤوليتي كناشر مجلة، فاخترت المنفى ورحلت إلى السويد حيث استقريت هناك في العام 1977. كانت القوانين السارية في تركيا، في تلك الحقبة، تجعل من كلّ عودة إلى بلادي، أمرا مستحيلا. ونتيجة لذلك، وبقرار من النظام العسكري وعلى غرار العديد من المثقفين الأتراك والأكراد نزعت عني جنسيتي، ابسط حقوقي. عرفت بسرعة بأن المنفى هو بئربلا قاع، أو بحسب تعبير غرومبفيتش "قبرا مأهولا بالأحياء". كيف يمكن لي أن أعيش منفيًا وأتجنب هذا القبر؟ كيف استطيع أن أحيا وجودا شريفا منتجا وقادرا على إغناء الإنسانية بأسرها؟ هذه هي بعض الأسئلة التي كانت تؤرقني في تلك الحقبة... وبما إنني كنت قادما جديدا إلى الغرب، بدأت البحث، بدأت قراءة كتاب العالم الغربي المنفيين، لكي استطيع اكتشاف تجاربه) .
لكن الاعتماد على تكرار الأسئلة ليس سوى البحث، والمزيد من البحث عن العالم الذي يمكن العيش فيه. ليس السؤال هو أن تعرف شيئاً عن الآخر، وإنما عن ذات الشخص الذي يسأل، وهذا المنفي الاضطراري، كما يظهر، لا يسأل إلا ليزداد اقتداراً، لا يسأل إلا ليتعمق في حياة، ويكتشف الحياة من حوله أكثر، خصوصاً، وهو امرؤ رحالة، متنقل من مكان لآخر، بينما اكتشاف انسانه المعذَب باسمه، أو معه، ومن يهتم بأمره، يتعرض للمكاشفة أكثر فأكثر.
كل هذه الحالات، أو الأسئلة، هي للمزيد من التوسع في مساحة الذات، لمعرفة التنوع في ذات العالم، ليتهيأ له العالم المتخيَّل، كما تقتضي الرواية، تلك التي جعلت منه كبير الروائيين الكرد.
ولعل اوزون في مختلف محطات حياته، كان يحاول أن يكون اوزون وخلافه، اوزون وسواه من العالمين، شعوراً منه بوحدة الانسانية، واختلاف المنتمين إلى العالم، وفي كل منطقة، حيث يمكن لناس متنوعين، في مشاربهم، وفي أهدافهم، أن يتفاعلوا مع بعضهم بعضاً، سريطة الشعور الجمعي بالانتماء المكاني الواحد، كما علمته تجربته في مكابدة العنف والقهر والغبن المتعدد الأشكال قومياً واجتماعياً وسياسياً، ومن خلال ترحالاته الكوكبية، ولكنه لا ينسى أن يؤكد ارتباطه بالذين يمكنه التحدث باسمهم، كأي كردي، دون أن يعرّف بنفسه ممثلهم الأول والأخير، وفي فعل الربط الانساني، كما يؤكد على ذلك في (الصفعة) وبوضوح (لأن الأكراد مثل جميع الطوائف المنحدرة من بلاد ما بين النهرين، كما الأشوريين والسريان والأرمن واليهود والكلدانيين والنسطوريين واليزيديين أو العلويين، الذين يجدون أنفسهم في وضع أصعب من وضع الأكراد محاصرون داخل نمط حياة لا يتبدل. إن هذه الطوائف التي تلقت صفعة من التاريخ، شبيهة بالصفعة التي تلقيتها وأنا في السابعة من عمري، تجد نفسها محكومة بالاندثار. ولكنه لا ينسى أن يؤكد ارتباطه بالذين يمكنه التحدث باسمهم، كأي كردي، دون أن يعرّف بنفسه ممثلهم الأول والأخير، وفي فعل الربط الانساني ) .
هذه التفعيلية في الثقافة، وفي المعلم الكتابي، الأدبي، والروائي بصورة خاصة، بالنسبة لاوزون، لا أظنه مجرد ظل عبَر، وإنما عنصر من عناصر كثيرة، تشكل فسيفساء الجغرافيا، مثلما أن اوزون، كان يحاول، كما تقول كتاباته المتوافر لدينا، إبرازَ محليته، وهي الناطقة بلغات عدة، دون أن يغفل من يكون هو، وما تكونه لغته بالمقابل، ولعله في وضعه الممكن المتابعة، كان ينطلق من ذات الألم، من ذات النطفة الوجدانية، وهي التي تبقي الجميع في مواجهة السؤال المصيري المشترك، عما يمكن أن يحققه الواحد منهم، وهوعاجز عن تأكيد الواحدية  هذه، أو الجميع، من خلال إبراز صدى التنوع في الذات الكلية، والمنصهرة، وما عاناه، يعيده باستمرار، إلى ذلك الرحم الأرضي (أقول ذلك، طالما أنه يشدد على حنينه إلى مسقط الرأس الذي يتجاوز القرية التي شهدت صرخته الولادية الأولى، إنما مسقط رأسه الجغرافي الواسع مساحة أرضية وفضائية)، ويمارس حضوره الكردي المتنوع من الداخل، ويكتب قناعته المتنوعة بثقة أكبر.
وهذا ما يمكن ملامسته بذلك الدفق الصوفي الدنيوي طبعاً، إذ (في أحد الأسئلة الموجهة إليه، وفي نص الحوارالمذكور، وبصدد كتابه ( زهر الرمان)، ثمة إشارة إلى الحديث عن الغنى الثقافي وتنوعه، من قبل الروائي، وما إذا كان لجيران الكرد من تأثير ثقافي عليهم، وبالعكس، وكيف هي رؤيته لهذه المسألة، ويكون جوابه، استمراراً لما أشار إليه في إجابات أخرى، ولكنه يوضح أكثر بقوله (بدءاً من وجود الميديين ولاحقاً، كان ثمة تأثير متبادل بين الآشوريين وثقافات الآخرين، الأرمن كان لهم أثر في وان، أما الكلدان فحول هكاري، واليوم أيضاً، مباشر، ظاهر. فقد كانت آمد على مر مئات السنين تمثل مركز الأدب والديانة السريانيين، وكذلك الأرمن واليهود. إن دير الزعفران في ماردين، كان مركزالثقافة الروحانية لمثات السنين بالنسبة للسريان.. وإمارة العمل لأمير بوطان، كانت تدار من قبل رجل يهودي. إن هذه الثقافات التي نمتلكها، في الأغاني والأساطير الكلاسيكية الكردية، تركت الكثير من آثارها. هذه الآثار يمكن تتبعها، بدءاً من الثياب حتى الأعراس والأفراح. إن الأكل والشراب يمتدان ويمضيان، إن تأثيرهما طبيعي ومؤكد كثيراً ) .
على أقل تقدير، يمكن التأكد من ذلك، من خلال روايته الأخيرة، رواية الوداع الظاهرة والمنتشرة، والتي تتطلب قراءة، تناسب القراءة التي حاولها اوزون، باجتهاده في أن يترك صداه تعددياً بالمقابل21.
وما يمكن قراءته في هذه الرواية، وفي كل رواية، يمكن اعتبار المقروء صيغة من صيغ الوداع الأخيرة، لأن الكتابة تنحو بالقارىء صوب الأكثر غوراً، صوب التاريخ، كما لو أن اوزون، يدرك تماماً، وهو الذي عانى مرارة الواقع، ورضي بالمعاناة هذه، مثلما أراد أن يبقي قارئه معه، في حضرة الألم، ليظل التاريخ ماثلاً في وجدانه المكاني والزماني، وكأن كل كتابة من لدنه هي نحت لمكان متخيَّل في مكان معلوم، بحثاً عن مجهول، أو عُتَم عليه، كما هي الأسماء الكردية الجاري التعتيم عليها، بغض النظر، عما يمكن أن تثيره العوالم النفسية في هذه الكتابات، أو الروايات، من خلال بنية اللغة، لأن الصوت الذي يتم الاشتغال عليه، يتردد دون توقف.
ولعل القارىء، عندما يرجع إلى مقاله الموسوم حول (اللغة...)، وكيف يتلمس، أو يثبَت فيها روح الشعب وقيمته الكبيرتين، يلاحظ في الجانب الآخر، هذا التروّي في القول، هذا الانتشار الروحي في المكاني، وبعد عودته الكلية إلى تراب الوطن، رغم أنه كان في وسعه البقاء حتى اللحظة الأخيرة في المنفى، خصوصاً وأن الجنسية التركية قد جرّد منها، أو أسقطت عنه، وعاد مشبعاً بجنسيات أكثر رحابة قيمة، كما تقول معاناته المودعَة فضاءات مؤلفاته المتنوعة، وصار هو أكبر من حدود الجنسية، ولكنه آثر معايشة رموز رواياته العظمى، وهم منتشرون حوله.
ومن جهتي، فإنني، وأنا أقرأ مقاله المؤثر هذا، كان طيفه يتراءى أمامي ، وحوله أطياف كل الذين آثر أن يكونوا ضيوف كتابة، ضيوف إبداعه الأدبي، عدا حضورهم التاريخي،وعلى طريقته، في التعبير عن الآخر، معرّفاً بسياسته الكتابية، تلك التي أثارت كثيرين، مثلما أنها أراحت كثيرين، مثلما أنها أبقت كثيرين مترددين، بين اوزون المؤطَّر في أذهانهم، واوزون المتحرر من القوالبية: القرقولية، كما تقتضي لعبة المستجدات، وبغية الأفضل انسانياً واجتماعياً.
إن مجموعة المقاطع التي ارتأيت ترجمتها إلى العربية، تتداخل، مثلما أنها تكوّن لوحة روائية الطابع، شفافة تماماً، وإن كانت صفة المباشرة جلية، لأن المتحدث هو اوزون، والمناسبة، هي تكريمه في بلدية آمد الكبرى، منحه جائزة بلدية دياربكر" آمد" بتاريخ 16-112005 :
( 1- إن العلاقات بين الاتحاد الأوربي وتركيا، يجب ألا تخدعنا، ألا تضعف عزيمتنا. إن واقع اللغة الكردية، بالطريقة هذه، لا يمكن أن يتحسن، صحيح أنه كان ثمة محظورات كثيرة، على اللغة الكردية، واليوم، هي غير موجودة، لكن النظام، يظهر، في كل الحالات، أنه لم  يستغن عن السياسة الاستئصالية للغة الكردية، ولو أن الكرد يريدون خداع أنفسهم بالخيالات المقهورة، ولا يولون الاهتمام الأتمَّ للغتهم الكردية، ولا يتلمسون في لغتهم، بمثابة الروح لوجودهم واحترامهم، حينها ستكون الأيام المقبلة لهم أياماً سوداء. لهذا، آمل منكم جميعاً، وليحدث ما يمكن أن يحدث، عليكم جميعاً، ومعاً، بكل قوتكم، احرصوا على اللغة، من أجل حماية اللغة وتطويرها، اعلنوا النفير العام والأقصى، الواسع، والطويل المدى، والعميق.
2- مع كلماتي هذه،في الوقت نفسه، يتم التعريف بي ومن أكون أيضاً. ثمة أشياء كثيرة تقال عني وتكتب. كلٌّ يقول شيئاً، بحسب موقفه ومعتقده، ويريد شد اسمي نحوه جيداً أو سيئاً، لكن ، نعم، أنا وحدي، أعمل في خدمة اللغة الكردية الجريحة. أنا لست برجل صراع، وإثارة المشاكل بين الكرد، دون أن أقف  محاصماً ومحارباً طرفاً، أو قوة، أو تنظيماً، أنا مثل امرىء، همه الأدب، مشغول بروح الانسان الكردي والشعب الكردي. كل همتي وبأسي يخصان الروح، حيث الجميع يلتقون فيها. ولو أنني استطعت جبر هذه الروح الجريحة، والتي تكون روح كل واحد، حينها سأجد نفسي سعيداً تماماً.
3- نعم، ليقل أي كان، ما يريد أن يقوله،لقد رجعت، أنا الآن هنا، وإذا شئتم أو لم تشأوا، هم يسألون: يا محمد اوزون، حتى الآن، ماذا عملتَ من أجل ترابك، ووطنك، وشعبك، وأناسك؟، وأنا بدوري، أعطي جوابكم، في هذه المناسبة المباركَة،. لقد أبدعت كل هذه الكتب والمؤلفات. تفضلوا، أعلنوا عنها، تناولوا هذه الكتب والمؤلفات. لأنها تخصكم. نعم، هي ظهرت تحمل اسمي، لقد أديت هذه الخدمة، لكن أصحابها هم أنتم. إنها تراب الآباء والأجداد. إنها نهرا دجلة والفرات العريقان...
لهذا السبب، فإن هذه الجائزة التي أستلمها الآن، هي بالنسبة لي، الجائزة الأكبر، الجائزة هذه، هي جائزة تراب الآباء والأجداد، جائزو دجلة والفرات، جائزة أناسي المضطَّهدين، لكنها قيّمة ورفيعة، إنني فخور جداً بهذه الجائزة، وفي حضوركم، أتوجه بشكري للبلدية الكبيرة في ديار بكر، لرئيسها، لرؤساء بلدياتها الأخريات، لأهل ديار ديار بكر، ولوطني...)22. .
إزاء حالة كالتي عاشها اوزون، وفي سياق أي حديث عما يكون عليه الكردي خصوصاً، والكرد بصورة عامة، قد يجد أيٌّ  كان، في هذا المهب التيهي، إن جاز التعبير، للكردي خاصة، وللكرد عموماً، في جغرافيا التاريخ المحلقة في الجهات الأربع، قد يجد ما يثير فضوله، في كلام، من أي نوع، في حركة، من أي طابع، في إشارة، من أي معنى، فقط، للتأكيد على أن لديه، ما يؤكد حضوره، وأن كل هذا التحرك ، هو من باب لفت النظر، على أن الموضوع، ليس فيه، ما يستوحب الاحتراس، بقدر ما يكون قابلاً للمداولة، وأن اوزون، في كل ما قام به، كما همُو الكتاب الكتاب طبعاً، وكما هو الصمت اللافت، والمشبوه للأسف، للكتاب الذين كتبوا بلغته، وأصرّوا، كما هي الوقائع الدالة، ربما، على أن الصمت، أو تجاهل الكتابة عن رحيل أبدي، أهم مشاركة سلبية في الكتابة عنه، وفي تقويمه، كما لو أن ذلك، يسجل كل قيمة يمكن النظر فيها، تتخلل نظرة أي من هؤلاء فيما كتب، وفيما تمسلكت( من السلوك) به حياته الكتابية، فما بالك بالآخرين، من أهل السياسة، بكل ظعائنها البرية وحُداتها بالتأكيد، حيث التوقف عند اوزون، أو التقويم لأي عمل اوزوني، لا يعدو أن يكون تزجية للوقت، كما  هي غالبية الكتابات الدالة، باعتبارها كتابات اللاكتابة في المحمول الأدبي- الثقافي- المعرفي الملموس، لأنها لا تعطي لاوزون هذا، إلا ما أعطته لنفسها، لأصحابها، في تنوع أطيافهم، طالما أن الكتابة عن الآخر، هو في منتهى اللباقة، وفي منتهى البساطة، لسان حال الذات، والخطوة الأولى، لتأكيد السماحة المعلومة، كما تتطلب الكتابة الفعلية، واللانرجسية، والذاكرة المتعددة الألوان.
وأن أكتب بالطريقة هذه، فلأنني، أجد في اوزون، ما يمكن أن يجده أي كان، في سواه، على الصعيد النقدي، كما كان تعرضي له نقدياً، قبل سنة وأكثر، لروايته ( يوم من أيام عڤدالي زينكي)، وكما هو تأكيدي، على أن نقداً كهذا، يفضي إلى المزيد من التقارب الأخلاقي في الأدب، وفي الثقافة، وأن الذين تعرضت لهم، في ممارساتهم الكردية، الكتابية : الروائية(فرات جَوري، لالش قاسو، حسن مته، حليم يوسف، جان دوست، لقمان بولات)، والقصصية ( أكثر من ذكرت روائياً) بالإضافة إلى (فواز حسين، محمد علي كوت، رضوا علي، أنور كاراهان، كاميران حاجو...الخ)،والشعرية (لا يمكن حتى التذكير بهم هنا، فهم كثر، كمياً)، وفي مجالات كتابية أخرى، لم يكن المسعى من ذلك هو محاولة تقويض البعد الأدبي، أو التقريظ الأدبي لما كتبوه، وإنما التقريب بين الكتابات هذه، باعتبارها كتابات، تنتمي إلى لغة واخدة، وأن( حمهورية الأدب) هذه، ببرلمان رموزها المفتوح، والدائم الانعقاد والامتداد، تستحق التعريف، لها وللآخرين، وليس تعريفاً بذات الكاتب، مطلقاً( أعنيني هنا)، وما يخص اوزون، يخص سواه، وبالعكس، حيث (الرُّتب) الأدبية، ومقاماتها، أو نياشينها، تتحدد من قبل القارىء، والسجل اليومي لأعمال الكاتب الفعلية سجل استحكاماته الإبداعية الشفافة: سلوكاً كشكولياً، وكتابياً، وحديثي عن اوزون، هو حديثي عن اوزون كاتباً، كان له ما له، وما له هو الذي يشكل مقاربة ما، لما هو اوزوني فيه كتابياً، وأن الكثير الذي كُتِب عنه، كان أقل القليل مما يمكن النظر فيه اوزونياً، بميزان الأدب الفعلي، أو النقد المتخصص.
أن يكون في وسع أي كان، التحدث حوله، حول أي كاتب، كما يمكن لأي كان أن يبدي رأيه، في  وجبة طعام رخيصة، كما هو الملموس هنا وهناك، بضبابية ملحوظة، وعمومية منفّرة، تصلح الكتابة هنا، في المجمل، لأن تكون حول أي كان، بعد تغيير الاسم ليس إلا، أن يكون هكذا، كما شوهد ذلك، فذلك ما يمكن النظر فيه، باعتباره بؤس الكردي المستمر، وهو في أوج ادّعاء الكتابة، زعم الكتابة الاحترافية، تقويمَ أي كان، دون اعتبار الشرط الأدبي، النقدي .
وما كتابة اوزون، في الكثير منها، إلا لوحة تحيل إلى أخرى، غير مرئية، لأنها تتشكل إثر قراءتها، كما هو المقروء، بسهولة في الكلمة الدياربكرية مكانياً، وفي كل إحالة له، إلى اللغة، وكيفية الارتباط بها، وخصوصية اللغة هذه، من جهة الانتماء، دون اللجوء إلى الشعيرة اللازمة شعبوياً، أي التذكير بمفردة( الكردية)، في كل سطر، لأن الاكتفاء مرة واحدة، بها، تحيل كل الكلمات اللاحقة إليها، وأظن أن كلمته واضحة هنا، في مجمل بانوراميتها، وأنها في الوقت ذاته، تسمي الذين لا يعجبهم في الأدب إلا حين يكون شعاراتي المضمون، أي اللاأدب، وحينها، كما أرى هنا، ما كان لاوزن أن يكون له هذا الحضورالاوزوني، ولا هذا الملأ الاوزوني المتشدد ناحيته، أو الحداد السلبي من قبل الكتاب الذين آثروا الصمت على الكتابة، ولوبالتنقيط، أو بقصاصة ورقية، لا ترفع عتباً، ولا تخفف غضباً، بقدر ما تفتح ثغرة أوسع في جدار الكردوارية الهش بنياناً، بالطريقةهذه.
في كتابات اوزون ثمة الكثير من الأدب، ثمة الزمن المرئي  والمقدَّر من الداخل: زمن اللحظة المكثفة، كما هو زمن التفجر الإبداعي، كما هو زمن القيمة الأدبية المتشكلة والمتحولة... ثمة الحضور الكثير من السياسة، ولكنها السياسة التي تتحرك في خانة الأدب، وليس العكس، كما يريد مسيّسو الأدب اللا أدب، وربما كان كوجلو في المقدمة الرحبة، وإن كان في كوجلو فضائل جلية في الرجل الكاتب، والمعني بشئون اليومي كتابياً، وعلى الصعيد الكردي، كما هومأثوره الكتابي المتتابع، وأن اوزون، في حرصه على وضع اعتدالي، هو وجه من وجوه المقاومة التي تشكل هجوماً معاكساً على المتشددين، كما لو أن الكلمة التي لا تُشتمُّ منها رائحة البارود، وبإطلاق،لا تستحق تسميتها بالأدبية، مثلما أن الكلمة تلك، تعتبر بمثابة بيان، دون استدعاء جماهيري، والا لما كان كل هذا الكلام، وما كان لاوزون كل هذا الاختلاف حوله.
وربما رواياته تشدد على الجانب، أكثر من أي كان، كما هوالتاريخ الذي يُعدَّ روائياً لبناء ذاكرة كردي، تتوقف عن أن تكون ذاكرة شعر فقط، وإنما ذاكرة رواية بالمقابل، وهي فضيلة كبرى، يمكن للقارىء المعني أن يكاشفها كثيراً، وما هي أبعادها الاستراتيجية على صعيد اللغة، وفي الإبداع، والبعد التربوي النفسي، والقيمة التاريخية لنجاعة إجراء مدروس من هذا النوع، لأن القيم المرغوبة، تستحيل لقىً أثرية، تتجدد في الداخل، تتطلب تنقيباً دقيقاً عنها، وتكون قيمة الحب، عصا موسى، في تحريك الرواية، أو خاصية الكتابة، وتلوين المفاهيم أدبياً.
إن هذا يحيل إلى معرفة سرهذا الإلحاح، على الحب، ودوره في تفعيل الأدب كردياً، وذلك في ذات الحوار المعقود معه، بالكردية، والسالف الذكر، في سؤال سمَّى هذا الجانب، فكان جواب اوزون، وكما تبيَّن لي، مقروءاً، في حدود ما كتب، وما عمَّره روائياً :  
( في الحياة ، ثمة خصوصية للكرد في الحب، أكثر من أي كان، لأن الكرد هؤلاء، يكابدون أكثر من أي كان، على مر السنين، والكرد يعيشون تحت وطأة  ظلم واستبداد لا مثيل لهما، ما هو مخلوق بشكل طبيعي، للانسان، صار محظوراً على الكرد، محدوداً، في سيرورة الحياة الأخرى، وفي ظل الحظر والتحديد، دور الحب كبير،إن عدم وجود حب  عميق، لا يكون في وسع الكردي، أن يحب لغته كثيراً، ولا ثقافته وأدبه، لا يمكنه أن يرعى كل ذلك، وأن يطوره.
في تلك الروايات، ثمة حديث عن تراجيديا المثقفين الكرد وعشاقهم، وفي زمن الحرمان، والاضطهاد،وقهر الخيالات، يتحول العشق إلى ملاذ لذلك. يغدو مأمناً إزء الضيق والتعب والتقهقر. إنه طاقة جديدة، للخطو إلى الأمام أكثر، العشق اندفاع انساني، والاندفاعة هذه، تترك أثرها، في حب الشعب، ثقافته، لغته وأدبه، في صورة قوة الوطن
لهذا السبب، فإن حباً نافذاًً وعميقاً،من هذا النوع، يمكنه أن يساعد على النجاح في المهام الصعبة، يجعلها جلية في الساحة. إن بئر القدر، هي رواية الاحتراس، بثقلها، رواية المثقف الذي يجد في اليقظة والعشق، رفعة الناس، ويعيش معها. في كل وقت، يعيد عشقه وحياته التراجيديين، ارتباطه باللغة، بالأدب، بالثقافة والموسيقى، إلى اللغة. تلك الرواية، هي استقلالية الاندفاعة، محمولة بتاريخ اليقظة، وبالألم والحسرة) .
واللغة التي يمكن النظر في طريقة تكوينها، وبناء الجملة، تظهِر أن اوزون، حاول اتباع الوسطية، حيث أنه لا يمارس كتابة، لا يكون في وسع القارىء، وبشكل عام، التكيف اللغوي معها، وأعني بذلك خصوصاً، قارئه، في محيطه،( محيط كردستان الشمالية)، وذلك من خلال كمٍّ لافت من المفردات العربية والأجنبية الأخرى، كما في ( eşq- ehtiras- anatomî..)، لأن الذي يهمه، هو كيفية لفت نظر القارىء، وبلغة قريبة من لغته المحكية كردياً، تقريباً، وفي اتّباع أسلوب كهذا، ثمة متابعة لما هو ثقافي في الشارع، وللسوية القرائية القائمة، ومدى انتشارها، وتلك الصعوبات التي تحوُل دون اتباع معايير أخرى، أكثر تعقيداً، ولأن اوزون ذاته، يجد نفسه، أكثر استقراراً، أو ارتياحاً نفسياً، ولكن، ما يبقى هو المردود، وأرى أن شجرته اللغوية الكردية المعالم، قد أثمرت، بأكثر من معنى، وليس كما هو مثار حوله، دون معاينة الواقع الفعلي بعمق !

في السجل الأدبي الاوزوني:
أ- حول أعماله المكتوبة:
كما هو معلوم، فإن اوزون، زاوج بين الكردية والتركية، وأن إشارة كهذه، يجب، ألا تعني أنه مارس نوعاً من المساواة الحسابية، إذ المزاوجة، لا تعني وجهاً تعادلياً، وإنما أولاً، التحويل في اللغة، بشكل عام، لتكون لغةَ أدب، وأن الكتابة التي تتبدى سياسية صراحة، وخصوصاً بعد المنفى، في نهاية سبعينيات القرن الآفل، أقل ما يمكن القول فيها، هو أنها  تخدم الأدبي، فيه، تحضر للروائي فيه، وخصوصاً أكثر بعد البدء بكتابة الرواية( والأولى، كما سنرى، كانت، مع  رواية" أنت" سنة 1985)، وثانياً، لتكون الكردية، بطابعها التاريخي والثقافي والأدبي، متَّكأ الابداع في السّفر التكويني الاوزوني، وأن التركية، تحال إلى ركب الكردية، خدمياً، ثالثاً، أعني أنها، وهي تعتمَد، لغة كتابة أحياناً،( كما في زهر الرمان)، لا تنفصل أداء معنىً عن الكردية. إن البروتوكولية، تشد من أزر الراغب في معرفة هذه المزجية في الكتابة، واستتباعاتها الجهوية!
ويبقى السؤال الأول، وهو: كيف  يمكن النظر في أعماله؟
هل هذا سؤال، يستحق التعليق، أوالتوقف عنده؟
أقول، نعم ( ثلاث مرات)، والسبب، هو أن اللائحة التي تذكر أعماله، رغم أننا، بصدد الجانب الأدبي فيه، تبدأ بالرواية مباشرة، كما لو أن حياته قامت بالأدب وفي الأدب، وانتهت بالأدب، وحصراً بالرواية، وهذا غبن تاريخي، وإجحاف بحق الكتابة، واوزون الراحل معاً،في كليته.
صحيح أن اللائحة الاسمية الخاصة بأعماله، تقدّمه هكذا، وأن اللائحة هذه، تستجيب لرغبات الكثيرين، طبعاً، وليس القلة، طبعاً مجدداً، ممن يعتبرون أن البعد السياسي، أو السياسة، ضرة الأدب التي لا تطاق، وليس وجهاً إنسياً، ترجمان أحوال الراغبين في قول كهذا، وخصوصاً، من يتجنبون الخوض فيما هو سياسي، من الكتاب، الذين، ينسون، أو يتناسون، أن وجودهم محال إلى ماهو سياسي، أن كل ما يتفوهون فيه، أو به، لا يعدو أن يكون تحت تأثير ( الضرة) التي يعرفونها جيداً، ولكنهم يخشون تسميتها، كما تقول الكثرة الكاثرة من كتاباتهم الناقصة تكويناً، ولكن اللائحة الاسمية، وكما هي مقررة، يجب ألَّا تعمي الكاتب الباحث في اوزون الكاتب، عن رؤية التنوع فيه، على الأقل من باب الإشارة والتساؤل الدوريين، لكي يكون كل قارىء، على علم، كلما انتقل من صفحة إلى أخرى، أن ليس من صفحة، إلا وللضرة تلك، نفََس كتابيٌّ، وإن تم تطعيمه بما هوأدبي، كما هي طبيعة رواياته، التي لا يمكن أن تكون تشكلت عفوَ الخاطر، إنما إثر معاناة، حيث أن الحياة التي يمكن النظر فيها، أي حياته،  ترينا أن الرواية الأولى التي صدرت له، كان عمره وقتذاك اثنين وثلاثين عاماً، وأن هذا العمر، شهد مخاضات حيوات كثيرة، وفي ذات السياسة، سواء، في مجلة( رزكار)، أو في العمل الصحافي، في الوطن وخارجه، وأن يكون العمر المتبقي هو اثنان وعشرون عاماً، وبالمقابل، وإثر ما تقدم، يكون السؤال التالي، هو: لماذا لا يظهر( على الأقل، من خلال التذكير بأعماله)، أي عمل، يخص اوزون، فيما هو سياسي مختلف، أو يتضمن أنشطة صحافية، ثقافية متنوعة، قبل الرواية الأولى، لئلا يتناهى إلى ذهن القارىء، أن أوزون، بدأ حياته بالكتابة الرواية، وهذا له تأثيره الانشطاري، في تلوين الانطباع بجلاء!
تلك هي ملاحظة، ينبغي التوقف عندها، ونشر كتابات تعنيه، لتكون الرؤية النقدية حوله أشمل!

ب- في تسلسل الأعمال:
بصدد هذه النقطة، كذلك، يمكن التعرف إلى الأعمال هذه، وهي منشورة هنا وهناك، وبسهولة، ولكن ما يجب مراعاته، هو التمييز بين الأعمال هذه، من جهة التواريخ.
من خلال القراءة، وفي أكثر من لائحة اسمية، ترتيباً، ثمة عدم دقة في ذلك، وهذا يعني، أن ثمة من اعتمد على الآخر نقلاً، أو كتب بالسماع دون التحقق، أو ترك التدقيق جانباً.
ولكن الكاتب المعني، لا بد أن يراعي هذا المنحى، أولاً، ليحسن تدبير القراءة الأدبية تاريخياً، من خلال العلاقة بين عمل وآخر، وثانياً، ليتمكن من متابعة المؤثر التاريخي والدلالي في أي عمل روائي لاوزون، وقيمة أي مؤثر(رمز تاريخي)،في عمله هذا، ولماذا في هذا الوقت...
هل من قراءة دقيقة ممكنة، لأعمال اوزون؟
لا توجد قراءة دقيقة، من حيث التسلسل التاريخي، والضبط المعلوماتي، بصدد أعمال اوزون، إذ ثمة من اعتمد على النقل، ونقلِ النقل، ليكون الخطأ مضاعفاً، وثمة من اعتمد على السماع.
أشير بداية إلى الكاتب والروائي الكردي ابراهيم سيدو آيدوكان ِAydogan، وهو الذي بذل جهداً تاريخياً وأدبياً مثمراً، في تأريخ الرواية الكردية، الرواية المكتوبة باللهجة الكرمانجية، ولكن جهده هذا، كما يظهر، لم يأت بالصورة المأمولة، وكما هو المقروء في التذكير بالروايات هذه.
أيدوكان يبدأ بالروائي  الأغزر كردياً، فكان اوزون، ولكن لا يبدو عليه أنه دقق في معلوماته، كما تابعتُ ذلك من خلال الائحة الاسمية لقائمة الروايات الواردة بأسمائها.
بالنسبة لاوزون، يشير الكم  العددي، إلى روايات سبع، وهي:
أنت (1985)،( يوم من أيام عڤدالي زينكي (1987)، موت رجل عجوزشهم (1989)، ظل العشق (1991)، بئر القدر(1995)، الضوء كالحب والعتمة كالموت(1998)، صرخة دجلة، جزءان(2001).
في اللائحة الاسمية هذه، ثمة خطأ في التسلسل، حيث تأتي رواياته بالشكل التالي( أنت،1985- موت رجل عجوز شهم،1987- ظل العشق، 1989- يوم من أيام عڤدالي زينكي،1991- موت مقدام، 1993- بئر القدر، 1995- الضوء كالحب والعتمة كالموت، 1998- صرخة دجلة، جزءان، 2001-2003).
وهنا يمكن ملاحظة التالي، عدا المشارإليه، وهو ثمة ما حاول الكاتب متابعته، دون التأكد منه، ومن ناحية ثانية، يظهر التسلسل أن ثمة أحكاماً، قد تقوم بناءً على هذا التمرحل التاريخي، وهذا يقلل من الفائدة العملية لإجراء تأريخي من هذا النوع،  وأن ما يؤكد ذلك، وكما هو متردد، يمكن الإشارة إلى عمل اوزون الأدبي الروائي الطابع، وهو (موت مقدام، 1993)، فتكون المسافة الفاصلة بين رواية وأخرى، تقريباً سنتين، وخصوصاً في الروايات الست الأولى.
وثمة معلومات أخرى، لا بد من ذكرها، من باب توخي الدقة، حيث أن أيدوكان ترك كلاً من (أنت، الضوء كالحب...الخ)، دون التذكير بعدد صفحاتها، وأنه لم يحدد لا السنة الفعلية، ولا عدد الصفحات بدقة، لجزئي (صرخة دجلة)، فالطبعة الأولى كانت سنة 2001، والثانية سنة 2002، ليأتي الجزء الثاني طباعةً، سنة 2003، أما عدد صفحات كل جزء، فهو بالتسلسل: 302-436 صفحة.
وبالنسبة لمجموع الروايات، لماذا لا يتم التذكير بـ(موت مقدام)، ألأنه عمل محدود، في عدد صفحاته( لا يتجاوز الأربعين صفحة)، حسبما أعلم؟.
ومن الملاحظ، أن ترجمة اللائحة الاسمية للروايات الكردية، لأيدوكان، إلى العربية، في ( حجلنامه)، في العدد المذكور (التاسع)، بقيت دون تعليق، وهذا يؤثر على القارىء الآخر سلباً.
وثمة من نقل المعلومة حرفياً، عن (نت كرد، مثلاً)، دون التعليق عليها، فيما إذا كان ثمة خطأ أم لا، ليضاعف الخطأ، وهو التقديم بعباره (أعماله)، ليتم التذكير بالكردية منها، فقط، إنما دون ذكر (زهر الرمان)، وكذلك ،دون الأعمال الأخرى، تلك التي وردت بالتركية. هنا).
أما الكاتب لقمان بولات، فهو في لائحته المتعلقة بأسماء الروائيين الكرد، لا يتَّبع منهجية كتابية ألفبائية في التسلسل، وليس هناك ما يقنِع، في التسلسل غير المنضبط، فالأسماء تتسلسل هكذا، مثلاً، بالنسبة للائحة، اسماً روائياً: صبري آكبَل- عرب شمو- محمد اوزون- حاجي جندي- محمود باكسي- بريندار- فرات جوَري- محمود هسوار- لالش قاسو- علي عبدالرحمن....
مع التنويه إلى أن القراءة تتبع تسلسل حروف الأبجدية اللاتينية، كما في (حاجي، علي..الخ).

ج- أعمال تساعد سواها:
تظهر الأعمال الأخرى: الكردية ، والمهمة، تلك التي تكون بمثابة الضوء الكاشف لخلفية الأعمال الروائية له، وأشير هنا، إلى مجموعة الكتابات( المقالات النقدية ذات النسَب الاجتماعي والتاريخي واللغوي والأدبي العام)، إنها جديرة بالقراءة، بالإشارة إليها، نظراً لمكانتها الاعتبارية، وهي:
بداية الأدب الكردي ( 1992)، الطاقة ولانهائية القلم (1993)، أنطولوجيا الأدب الكردي (1995)، اللغة والرواية" حوارات ( 1997) ..الخ.
روايات التاريخ المنتشرة:
ربما، كان بالإمكان القول، أنه خلاف جل الروايات التي تكتَب على صعيد عالمي، ولمختلف الشعوب، إن لم يكن خلافها كلياً، تكون الرواية الكردية، ذات وقع خاص، ومكانة مغايرة، لها ما يبررها، إن بقيت راسية في مرفأ التاريخ، وهي تستقي مقومات كينونتها الرمزية، من داخل التاريخ، وكأنها تتنفس بالتاريخ، مثلما أنها تتجسد عملياً، في الجغرافيا، طالما أن كائنها الكردي حرمانيُّ العلامة، وأن ذاكرته، محاصرة، بجملة ذاكرات، لا تريد لها استقراراً زمكانياً.
لا يعني هذا، أن على الرواية الكردية، أن تستقل المقطورة الأخيرة في قطار الأدب، إذا كان ثمة درجات لذلك، وإنما، حين يكون التاريخ محتاجاً، أكثر من تاريخ أي شعب آخر، أ وجماعة بشرية أخرى، إلى من يروّح عن نفسه، عن وجوده، ليكون له إطلاق عنان قيمي أكثر.
وربما أدرك اوزون،في اللعبة المركَّبة هذه، خطورتها، لحظة اختيار التاريخ حصانه الجامح، وهو يلج وعورة الجغرافيا الملغومة، وطقوس المكان المتداخلة، وما في مغامرة الامتطاء الأدبية، من صعوبة البلوغ للهدف الأدبي، من دقة المعنى، كون التاريخ له سحره، في تتويه الروائي، وهويحفزه، أول ما يتطلبه، ليكون في طوع الروائي، إخضاعه لمنطق الأدب: الرواية.
واوزون، بحسه التاريخي النقدي الانتقادي، لعله مدرك لخطورة التعرض للتاريح، وتحويله من المشهد الوثائقي المتعدد الألوان، أو المختلَف عليه، إلى المشهد الأدبي، التصوري، أو التخيلي/ حيث تتضاعف وتيرة القراءة، مثلما تزداد توتراً، أولاً لأن الرواية تعيد القارىء إلى التاريخ، أي تزيحه من مكانه وزمانه، كما لو أنه يتابع ما كان حياً، بشكل ما، ذات يوم، وهي من جهة أخرى، تبقيه خارج التاريخ، لأن الرواية تتقدم: تاريخاً، مستولداً من التاريخ، فيكون القارىء هذا، في مواجهة الروائي، وطريقة معالجته الأدبية لحدث ما، في إهاب أشخاص، وملامح وجوه معدَّل فيها.
اوزون، لا يبدو عليه، أنه يريد إبقاء تاريخه المقروء، بشكل عام، وتاريخه الكردي، بشكل خاص كما لو أنه غير موجود، بقدر ما يريد تأميمه، على طريقته، جعلَه شاهداً حياً، على مجتمع، يشكله الكاتب، بمتخيَّله، وهو إذ يتحرك في التاريخ، فلكي يبث القلق في نفس، من لا يريد للتاريخ أن يخرج عن مهاده الحدثي: الوثائقي، الأرشيفي، ليزداد انهماماً بالتاريخ، وكسف يستعاد، كيف يظل قابلاً للتعايش معه، وأن يكون له حضوره في معايشته، بحسب مستواه الثقافي.
ولهذا، كان اوزون، روائياً من نوع مختلف، ولكنه روائي تاريخ، لا يهدأ، أمام الخروقات المجازية، تلك الي يقوم به الكاتب الكردي، وكأن ثمة رغبة ماضية، بجعل التاريخ كلاً واحداً.
من روايته( أنت)، وحتى روايته الأخرى( صرخة دجلة)، وربما، حتى تلك التي تهيَّأ لها، وهي تدور حول مؤلّف كردي، بحياته، وأعماله، لتكون الحياة الشخصية هذه، موضوع روايته الجديدة كما ذكر بولات، في لائحته، ذات الصلة بالروائيين الكرد، ولا يعرَف ما إذا كان كتبها أم لا.
ثمة اهتمام بالصوت، وكأن اوزون، يبقي الصوت في مواجهة التاريخ الشفاهي، يتحرك في التاريخ بتاريخه الأدبي، يعيد التاريخ إلى البداية المفترضة، وكأنه يؤسس لبدايات، كان لها، وعليها، أن تكون مدوَّنة، لتجوَّد قراءاتها، ويكون التاريخ المنظور من خلالها، تاريخاً فعلياً .
في رواية( أنت)، أو (موت رجل عجوز شهم)،أو( ظل العشق)، أو(موت مقدام)، أو( صرخة دجلة)، يبقى الصوت الروائي، تمثيلاً رمزياً لصوت تاريخ مختلف، غيرمقروء، في نطاق تاريخ القوة المعاشة، قوة النظام المعرفي والسياسي في الواقع العام.
يحضر الشعب في الروايات كافة، من (أنت)، حتى (صرخة دجلة)، وفي مختلف كتبه اللصيقة بما هو أدبي، وتتنوع الأصوات، كما هو تنوعُ الشعوب الموجودة، تنوع أصداء التاريخ واقعاً، والمكان ذاته، بغنى عناصره يستمر، ودجلة الخير، كما يسمى، كما هو الفرات الخصوبة، نهران، هما شاهدا تاريخ، تمثيلا صوت قائم هنا:
دجلةٌ أنا
صوت دجلة.
نظرة التاريخ في قلب الانسانية
أنا االبداية، الولادة، الوجود.
نهر الجنة، شقيق آراس،
الزاب والفرات.
التوراة، الانجيل، القرآن.
أنا آدم، ابراهيم، نوح.
الطوفان، جودي، هركول.
حمامة بيضاء، ورقة خضراء لا زالت لشجرة الزيتون، انبعاث،
انبعاث الحياة
الزمن، الأمس، اليوم، الغد، يجري، يمضي، يأتي...الخ
( صرخة دجلة، ج1، ص 68).
اوزون، يراهن على رموزه، بقدر ما يراهن، على أي كان، لديه ما يدفع به إلى الأمام، ولكنه، لا يني يستعيد اللحظات المكثفة في التاريخ، أو مشاهد القوة التي كانت ذات يوم، وكان يمكن لها أن تكون متجذرة في التاريخ بصورة أفضل، كما في شخصية جلادت بدرخان، في (بئر القدر)، في شخصية ممدوح سليم، في (ظل العشق)، في شخصية فرهاد اوزون، في ( موت مقدام)، وحتى في الحديث عن التجربة الذاتية، وأفراد العائلة، وارتباطهم العاطفي بالأرض والتاريخ، في مؤلَّفه المعروف (زهر الرمان)، وكما هو في مجمل حواراته، عمَّن يكون، تأكيدَ مكانة ٍ...الخ.
وأظن أن كثيرين، من الكتاب الكرد، حاولوا أن يبقوا التاريخ، والكردي الذي كان، وما هو في طور التشكل، في سلّم أولويات المواد الخام المؤثرة، والقادرة على تفعيل أثر الكلمة الأدبية، أو الرهان عليها،كما في حال (حليم يوسف، لالش قاسو، حسن مته، جان دوست، لقمان بولات، فرات جوَري..الخ)23.
أن أكتب عن اوزون، أن أخنلف حوله، أن أحيله إلى مادة لأكثر من حوار أو نقاش أدبي أو فكري، بحسب الطريقة المنهجية في الكتابة، أن أعيد النظرمراراً، في المنعطف الحياتي لاوزون، وكيف اختلف اتجاه الأدب معه، فيه، أن أقاوم أي غواية، من نوعها، تغيّب مسافة الاختلاف فيما بيننا..الخ، كل ذلك، يمكن القيام به، وكل قامة أدبية، أو ثقافية، جديرة بالنظر في مقوماتها الإبداعية والثقافية، وهذا ما أردت القيام به، تاركاً اوزون الآخر: الجاري تمويته، أو الميت منذ زمان، أو الحي الذي لا يطاق، أو الخالد، أو الشهيد، أو المشبَع بالخطايا، اوزون الكردي بنسب ٍ مختلف من كردي لآخر، كما هو عدد الذين يقرأونه...الخ، كل ذلك جائز، وهو ما أدعه لجمهرة المعنيين به، أو يعرفون أن اوزون هو كاتب، كاتب كردي، أولاً وأخيراً، وفي حدود المختلَف، يمكننا مكاشفة الأدبي والثقافي فينا، أي استشراف جِينة الكردية فعاليةً...!

----------------
إشارات " تتمة" :
__________
20- انظر توني موريسون : اللعب في الظلام، ترجمة أسامة أسبر، دار الطليعة الجديدة، دمشق، ط1، 1999، ص 19.
21- انظر حول ذلك،  ما أثرته في كتابي (محاكاة الصوت)، المصدر المذكور، ص 45- 69.
22- ما أريد التذكير به هنا، ليس رداً، بكل معنى الكلمة، مثلما أنني لا أعتبر أي رد، كما هو محاولة انتقام ما، بقدر ما أشيرإلى البعد التثاقفي والتنويري في عملية الكتابة والنقد كتابية، بقدر ما أشدد على الحفاوة الواجبة، من جهة توسيع حدود النقد، وكذلك، إيلاء الكاتب الكاتب، القيمة الدلالية التي يستحقها، ليكون في ذلك تقليد، بمعنى مغاير للتقليد المؤطَّر، إنه ذلك  التركيز على الجانب الاجتهادي في الكتابة، مثلما هو تعزيز الاختلاف في الشأن الكتابي الفعلي.
وإذا كنت في فقرة ماضية، قد توقفت عند كلمة الكاتب كوجلو، وأهميتها المكانية والزمانية، في استثارة موضوعات لها خصوصيتها السببة، وعموميتها الرمزية، هي على غاية من الأهمية للكاتب، وهموم الكتابة ومجتمعيتها، وحصراً، عمَّا هو مختلَف عليه، فإنني أشير هنا، إلى ما أثاره القاص والروائي حليم يوسف، في مقاله المنشور في موقع ( Diyarname) الالكتروني، وبتاريخ 23 حزيران 2007، وبالكردية ( أوقفوا نهر الكذب هذا " محمد اوزون ومعطفه : 
 Mehmed Uzûn û qapûtê wî   Vî çemê derewan rawestînin ) ،وقد تعرضت له، قبل فترة، في مكان آخر، وإذا كان لي أن أشير هنا، إلى أمر مهم، بصدد موضوعنا طبعاً، فهو ذلك التلاقي والتفارق معاً أيضاً، بين ما ذهب إليه كوجلو مراهناً، وما يشدد عليه حليم ضمناً:
كوجلو، يراهن على السياسي كثيراً، وحليم يشدد على الاختلاف الواجب مراعاته.
وإذا كان كوجلو يمضي بعيداً في مجراه السياسي، فإن حليم يخرج كثيراً عن منحاه الثقافي.
لكن بالقدر الذي يظهر كوجلو واضحاً، في الكثير مما يراهن عليه، لا يبدو حليم واضحاً فيما يقوله دون أن يسميه، وتحديداً من خلال مفهوم " معطف الكاتب" الغوغولي، حيث أن الطابع الموقفي لكوجلو أكثر انقتاحاً، منه، ربما لأن ذلك يرتد إلى (الكار) الواحد(مهنة الكتابة). وفي الوقت ذاته، لا ينسى كوجلو الإشارة مسبقاً، إلى المكانة الأدبية والاعتبارية للراحل، وضرورة الحرص على هذه المكانة المستحقة، خلاف حليم الذي يجرده من كل إمكانية أدبية.
إن رهان الكاتب القصصي والروائي، على اللغة، ومكانة اللغة، وضرورة اللامركزية، بالقدر الذي يتجذر في الواقع الكتابي والذاتي للمعني، ولسواه، وكذلك، يكون لديه كامل الحق في أن يتحرك في هذا المضمار، بالقدر الذي قد يسبب مفهوم الرهان هذا دواراً يخندق الأدب كثيراً، وتصميتاً للسؤال الذي كان يجب أن يُطرَح منذ البداية، وهو : لماذا اوزون ولست أنا؟
حليم، وبدءاً من العنوان، يحاول إحكام الطوق التقويلي على اوزون، ولا داعي لشرح المتضمَّن في العنوان ذاك، لوضوحه المريع، وما يلي العنوان، بدءاً من الكلمة الأولى كذلك :
( في معاينة هذه الفوضى  التي أعقبت ظهوراً، انعقاد مؤتمر محمد اوزون، قبل كل شيء، ما أثار انتباهي هو بؤس الأدب الكردي، أريد أن أظهر للبهلوانات والمريدين الذين يريدون، وباسم الأدب الكردي، أن يجعلوا أبطالهم ومشايخهم في المقدمة من أجلنا، أظهرلهم على أن الأدب الكردي لم يعد دون صاحب) أي يكون هو مستصحبه، ليكون المثار فيما بعد، هو من جنس ما استوقف كوجلو، إلى حد ما، يضاف إلى ذلك، قول اوزون، بأنه جاء بلغة جديدة (  لقد أوجدتُ لغة جديدة، بالنسبة للكرد، وكذلك الترك، والعالم) ، وما حاول حليم القيام به، هو تسفيه هذا الجانب، وليس أن يقف في منتصف المسافة، أن يمارس تمعيناً في المقصود الممكن مما ذهب إليه، كما هو المقروء في كلمته التي ارتجلها، أو قرأها في البلدية السالفة الذكر، حيث لا يمكن اعتباره متطفلاً، أو مطعوناً في كرديته، كما يمكن الاستنتاج، مثلما أنه لا يمكن الذهاب مع المثال الذي أورده حليم بمعيّة سواه، بصدد أمية تلك المرأة، وزوجها، كما لو أن اوزون ومن معه، ممن مارسوا تقريظاً له،قابلاً للنقد، بالتأكيد، وهم ليسوا إلا في مرتبة ( صفرعلى الشمال)، مثل شيخموس ديكتين، الذي، وكما أظن، فاز السنة هذه ( 2007)، بجائزة مالارميه في الشعر الفرنسي ، مثلما أنه فاز بأكثر من جائزة فرنسية، وهو من مواليد 1965، وليس عبر الدفع به وبغيره، إلى أقصى حدود الإدانة.
مجدداً، في الوقت الذي يناقش المحاط باوزون، كما مر معنا، لا يوجه إصبع الاتهام المخيفة إلى اوزون، باعتباره مشبوهاً، فيما آل إليه موقفاً، وإنما يشدد على أن جواز التكلم بالتركية، في الوقت الذي يتطلب الأمر استخدامَ الكردية، إثر تشييع جنازته ودفنه، ومن قبل المعنيين، هو إساءة إلى الكردية بالذات، وله ما يبرره، خلاف ما يذهب إليه حليم، بوضوح تام، ومرعب، وهو اتهامه مباشرة (يجب معرفة من أين وفي وسط من، استمد محمد اوزون الجرأة..)، وهو يستخدم أيضاً، ذات الكلمة التي يعتمد كتابنا الكرد، في كردستان الشمالية ( heqareteke)، وهي تعني عندهم: الإهانة، أو الإساءة، وحليم حين يستخدمها( وهو استخدام مستقدَم، غير معتمَد كلياً في أدبياتنا الكردية المحلية)،لا أظنها واردة بالمعنى ذاته، لأنه يدرك معناها جيداً تماماً بالعربية، قبل الكردية ،إنها (الاحتقاروالتحقير) ليس إلا، وهو يجد أن مكانه، إذ تصريحه بما جاء به لغةً، أبعد من حدود ( مستشفى المجاذيب)، دون نسيان إبراز كذبه ومن معه ...الخ.
وأظن، أن لغة اوزون، في الجانب الكتابي، ومن ناحية المضمون، قد أتت أكلَها كثيراً، كما تدل الوقائع، حتى في استكبارها السياسي، وربما من هنا يمكن الانطلاق، أو مكاشفة خلفية المشهد الاعتباري والمدحي لاوزون، ودون أي تشيع لاوزون، كما لو أنه طفرة الأدب، كلا، طبعاً!
وأن في وسع حليم، الذي لا يُنكَر أنه كاتب قصصي وروائي، وهو يسعى إلى الظهور عبر منافذ مختلفة، ليست الدعائية مستثناة فيها، لتأكيد شخصيته الكتابية، وكل في موقعه المميّز له.
ومن جهة أخرى، ألا يكون اندفاع حليم، وهو يمارس" سلخاً إشهارياً" باوزون و"صحبته" نوعاً من المصادرة الكلية على المطلوب الأدبي، حيث لا يعدو ما كتبه، نوعاً من التأكيد، على أن صاحب اللغة الكردية، والأدب الكردي، يكون هو" حليم" وليس سواه، أولاً وأخيرا ومنذ البداية؟ وأن وراء الأكمة ما وراءها، أبعد من حدود الأدب وامبراطوريته الكونية المهيوبة!!
وهذا يحثني على طرح سؤال الأسئلة، وكما أرى، وهو: ألا يدل هذا الصمت على رحيل اوزون، نوعاً من الرغبة المستعجلة، الرغبة الكيدية في موته، كما لو أن ثمة شراكة غير موجودة بينهما، أو غير قائمة، عفل من الاسم،  هو وغيره، في هذا المسار،في الخبز والملح الأدبيين كردياً؟
هل يعني الكره الذاتي للآخر، تعديماً لكل ما قدمه أدبياً أو ثقافياً؟ كما هو الراهن الكردي غالباً؟
 بالتأكيد، إن هذا السؤال الأخير، لا يكون المعني به إجابة ضمنية، حليم يوسف فقط، وإنما كل من يمارس تحت يافطة النقد، جملة الأهواء التي تفقِد مقامه الأدبي أو الثقافي، ذلك التوازن المطلوب تواصلاً؟ مثلما أنه يتجلى محاولةً، للعبور إلى الضفة الأخرى من النهر، حيث يكون الاختلاف على أشده، أي على أتم ما يكونه انتثاراً ورحابة أبعاد قيمية...الخ.
لهذا، أكون مع حليم، وسواه، في التعرض للبنية الفكرية، أو المعتقدية لأساليب كتابية، أو مواقف مما تقدم، ومناقشة خلفية هاتيك المواقف، ومراعاة المكانة التي يُرى كاتب ما، من خلالها، وطابعها الرمزي أو الدلالي، وبشكل أخص، لأن ما يجمع بين حليم واوزون، على الصعيد الأدبي: الروائي، أكثر مما يجمع بيني وبينه، سوى أنني أحاول مقاربة هذه التحشدات الجبهوية، في المناوشة والمهارشة القوليتين، دون الرؤية الكافية للاخر الذي لا ينفصل عني/ عنه...الخ.
23- في إطار البحث التأريخي، وللمزيد من الإلمام بالرواية الكردية، والمكتوبة بأكثر من لغة، كما هو المتاح، يمكن الرجوع أيضاً ، إلى الكاتب والروائي الكردي، في مقاله (تاريخ الرواية الكردية)، بالعربية، والمنشور، في موقع (كسكسور) الالكتروني، حيث تضم لائحته الاسمية مجموعة مقبولة من الأسماء، من خلال إحالات تاريخية: تاريخ ولادة، أو وفاة، أو نبذة حياتية، أو مقتطف أدبي، من نتاج بعض منهم، كما في حال الراحل اوزون، وضمناً روايته المعتبرَة من وجهة نظره الأجمل (الضوء كالحب، العتمة كالموت)، وهو يشير إلى أنها الأخيرة، رغم أنها صدرت سنة 1998، حيث يتحدث عنها باقتضاب، من خلال شخصياتها الرمزية ( الباز والحمامة) مثلاً، وأن تاريخ نشر مقاله ، في الموقع المذكور، يعود إلى 16-22007، وضمناً يشير إلى أن الجزء الثاني، مثلاً، من رواية القاص حسين عارف (المدينة) قد صدر سنة 2001، وأنه في ذات السنة صدر الجزء الأول من رواية اوزون (صرخة دجلة)، وفي لائحته الاسمية، يشير إلى أن الكاتب شاهين بكر سوره كلي (بطريقته الكتابية)، هو من غرب كردستان، والمعروف عنه، أنه من كردستان الشمالية، ولا يُعرف من أين حصَّل المعلومة التأريخية المكانية هذه، سوى أن لقمان بولات، في لائحته الاسمية للروائيين الكرد دفعة الأربعين اسماً، وفي الترتيب الرقمي هنا ( 28)، يشير إليه، إلى  احتمال أنه من ذات المكان الذي حدده غفور، موضحاً إلى أنه من خلال اللقب، يُحتمَل أنه من  سويريك( قرية الراحل اوزون)، ويؤكد على أنه كاتب من " أسفل الخط " : (. Dibe ku li gor paşnavê xwe ji Sêwerekê be, lê nivîskarekî kurd ê binxetê ye.)، وليس من دليل جازم بذلك، حيث أن مقال الأخير، منشور في 30-82007، وهو ما سأعود إلى مناقشته في مكان لاحق!
وإذ أكتب بالطريقة هذه، فمن باب التأكيد على ضرورة مصداقية المعلومة تاريخياً، وأن المكان المجزَّأ كردستانياً، له مؤثراته البنيوية في حياة الكاتب، وما يكتبه ...الخ .







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1090