صبي ولا بنت ؟ أكيد صبي !
التاريخ: السبت 03 تشرين الثاني 2007
الموضوع: القسم الثقافي



لافا خالد

ربما كانت عصور الجاهلية تنتشر فيها مختلف القيم السلبية وسميت  بهذا الاسم لشيوع الجهل بشكل معمم على مختلف مفاصل الحياة حينها , لذا كنا نسقط ولا نزال كل قيمة لاتروق لنا وتختلف مع ما نعايشه أو مع ما تعودنا عليه بأن هذا الشيء أو تلك العادة/ دقة قديمة وبدائية /وبما إن ما سنلقي بضوء خافت عليه هو محور الحديث عن ظاهرة كانت قديمة وتتجدد على مختلف الأزمنة وعند مختلف الأفراد وهي ظاهرة (بدك صبي ولا بنت, أكيد بدنا صبي)


وفقاً لدراسات اجتماعية كثيرة ومن مراكز أبحاث لها ثقلها  تعيد أسباب الظاهرة إلى عاملين أولهما إن لا أحد يكره فلذة كبده حينما تكون المولودة أنثى ولكن تبقى ظروف الحياة التي تعيشها المرأة وما تعيشه من أعباء هو أهم الأسباب التي يفضل الكثير من الآباء أن تكون ذريتهم ذكوراً وفقط ذكور مقتنعين في نفس الوقت إن البنت هي من باتت في هذا الزمن العمود الفقري لرعاية الوالدين وليس الابن الذي شغلته قسوة الحياة أن يلتفت لأشياء أخرى وربما العامل الأهم في رغبة أي أسرة أن يكون وليدها البكر ذكراً هي موروثات مجتمعات الشرق الذكورية  المتخلفة والزراعية بالأساس التي كانت ترى الذكر سندها في العمل وما يستتبع ذلك من أمور الحياة واحتياجاتها

بين الماضي والحاضر لا نختلف كثيراً ؟!
  في القديم  والآن وحتى عند بعض الشعوب التي تعيش على ذهنية تلك الأزمنة كانت المرأة التي  ترزق ببنت  تكون قد جلبت العار فتلطم نساء القبيلة خدودها وتشق صدورها ويظل وجه الرجل الأسود مسوداً من سوء ما بشر به إما تقتل المولودة  وبالأصح توأد أو تبقى تلك المرأة في دوامة أن تكرر الإنجاب سنوياً حتى تزيد من نفر العشيرة ذكوراً, ويعني ذلك مهابة عند الآخرين ويعني أيضاً القوة الجسدية في الدفاع عن الحمى, متغافلين تحت سطوة موروثات مبتدعة إن من يتجاهلونها وينكرون وجودها بالأساس هي ستصبح أماً وأختا وزوجة وحبيبة ودونها ليس للمجتمع من توازن

ماذا عنّا
 في وقتنا الراهن ظلت هذه العادات السلبية تفعل فعلها, هي نفسها العقلية القديمة التي ترتدي عباءة عصر يدعيّ التمدن شكلاً, وهو نفسه المجتمع الذكوري, ونفس الموروثات الوافدة تتجدد مخالفة شرع الله وحكمته فنرى إذا بشر أحدهم بأنثى ربما سيرتقي بأدوات تصرفه, لا يقتلها كما عصور الظلام لكن لا يعنيه بالمطلق ما رزق به, فلا يشارك المرأة فرحتها بأنها أنجبت له روحاً هو من عند الله ويتناسى إنه الأب, لا بل يتعالى عن معاناة تسعة أشهر للأم التي تجرعت الكثير وتبقى لحظة الولادة بشرى حياة جديدة للأم قبل جنينها إن كان الرجل لا يدرك ذلك.

صور وعبر من واقع حياتنا لمن يهمه الأمر
سيدة التقيتها  عند عيادة الطبيبة النسائية كانت هناك لترى نتيجة التصوير (الإيكو) هل ما في أحشائها ذكر أم أنثى لتفاجأ بأن البطن الثالث لها أيضاً أنثى لتكون أول من تنغص عليها فرحتها والدتها لتقول لها /  أمشي حظك مو أحسن من حظ أمك / لتمضي مستاءة ليس مما في أحشائها ولكن من نظرات المجتمع لامرأة يرون فيها إنها أم البنات وفقط ؟ وسيدة أخرى قالت لي إنها في ولادتها الأولى أمسكت الممرضة بكتف زوجها  وأخرجته خفية من الغرفة لتقول له على انفراد إن نصيبك أنثى وكإن ما رزقنا الله به عاراً وكإنما المسألة متروكة لاختياري, وأخرى أخبرتني إنها منذ ستة اشهر تجرب حمية خاصة كي تتحكم وزوجها بجنس الجنين وهي في شهور الحمل الأولى كي تسترضي زوجها الذي هددها بالزواج عليها إن لم تنجب له ولداً هذه المرة
وأخرى حاولت أن تنجب ذكراً بعد ثمانية أطفال بنات وحينما جاء البطن الثامن ذكراً لسوء الحظ  كان الطفل مشوهاً وبالرغم من تحذيرات الأطباء ونصائحهم بإسقاط الجنين لم تسمع النصيحة و ها هي بعد ثمانية سنوات من الألم  تقول ما عشته وعانيته مع طفلي المعاق يساوي أتعاباً مضاعفة مع ما عانيته في رعاية بناتي كل ذلك لأنني كنت أريد صبي ولم أشكر الله على نعمة إن عندي بنات هم زهور عمري
سألت طبيبة نسائية حول كيفية تعاملها كطبيبة مع سيدات يبحثن عن صبي وكيف تصارحهم  بجنس المولود ؟  
أكدت بدورها تذمر الكثير من السيدات منها والكثيرات تركن الطبابة في عيادتها وحولنّ لطبيب آخر, تتابع:
ما علينا فعله من نصائح طبية نقوم به وما تبقى متروك لقدرة الله ومشيئته, بفعل تركيبة مجتمعنا الذكوري وبفعل العادات والتقاليد أقول لك وبعين الصراحة الأغلبية تريد  ذكوراً سأفشي لك سراً أنا طبيبة نسائية رزقني الله بست بنات وبقيت وراء حملي حتى رزقني الله بولد وكثيرات يفعلن ذلك دون معرفة تبعاتها السلبية على الصحة والمجتمع وعلى الحياة التي تزداد متطلباتها وتقسي ظروفها يوماً بعد آخر.






أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1086