« بقى الكتابة هي الوسيلة المثلى للتعبير والحوار والتلقي ..!! » حوار مع الكاتب والمثقف الكردي محمد قاسم (ابن الجزيرة)
التاريخ: الثلاثاء 30 تشرين الاول 2007
الموضوع: القسم الثقافي



أجرى الحوار: حسين أحمد
Hisen65@gmail.com

ربما استطاع الأستاذ محمد قاسم (ابن الجزيرة) بمعرفته الثرية من إثبات حضوره الجميل ككاتب وكمثقف ملتزم في المشهد الكردي العام بسبب كتاباته الثقافية والسياسية والتاريخية والدينية, نعتقد أنها في غاية الأهمية المعرفية. من هذا المنطلق كان لنا معه هذا الحوار الصريح ...

 بداية من هو الأستاذ محمد قاسم ( ابن الجزيرة ) الكاتب والإنسان والمثقف...كيف حدث مجيئه إلى عالم الكتابة في هذا الزمن الكردي الصعب ..؟؟

كأي كائن بشري ولد من رحم امرأة عادية ،ربما المزية –إذا جاز تسميتها مزية-أن زوجها كان ملاّ ،يقرأ القرآن وكتب الشرع ضمن أسلوب الدراسة في ما يسميها العرب الكتاتيب (ويسميها الكرد حجركا فقها) الملحقة بالجوامع عادة.ويؤم الناس في جوامع القرى التي تنقل بينها (قرغو-دوكركه - رميلا شيخ).


وكانت ولادة فيها بعض تعويض لأسرته عندما كانت في اليوم ذاته الذي توفي فيه عمه واسمه (قاسم) فانتقل اسمه إليه.كوني ابن ملاّ متنور فكان نصيبي
أنني درست رغم ما عاناه الوالد من نقد ضاغط من المتدينين –المشايخ خاصة- ووفّر لي الجو العلمي –حيث يجتمع عدد من أئمة الجوامع-ملاّ- في مضافة الوالد يتبادلون المعلومات والأسئلة وأجوبتها وبعض لحظات الأنس والصحبة مع ديوان الملا الجزري.يرددون معا-أحيانا بأصوات عذبة..
صباح الخير خانا من...... توي روح روانا من
ببت قربان ته جاني من..... وره بيناهيا ﭼافان
ببينم بـﮋن وبالايي
فقرأت القرآن قبل دخولي المدرسة وبعضا من كتب الشريعة الخفيفة،فكان زادا لي في مسيرة دراستي، وجهني نحو حب المطالعة التي بدأت بها منذ المرحلة الابتدائية..وكنت في الإعدادية اقرأ روايات أوروبية، لعل أهمها-المتداولة حينذاك- البؤساء -فكتور هيجو،آلام فارتر -غوتيه......الأم -مكسيم غوركي ..وكنت قبل ذلك قد قرأت كلا من فيروز شاه، وحمزة البهلوان، وألف ليلة وليلة، ومائة يوم ويوم، وكتب تتعلق بالأدب الكردي منها –صفحات من الأدب الكردي -روشن بدرخان ومم زين باللغة الكردية –د.نورالدين ظاظا.. أذكر هذا لسببين : أولهما:تذكير الشباب بأهمية الدراسة –المطالعة -مبكرا .
ثانيهما:توضيح المناخ الذي –ربما- كان سببا في دفعي للكتابة تحت ضغط الإطلاع وغيره من الدوافع.وأما الخطوة الأولى فكانت عندما طلب إلي احدهم –عمر كوجري- أن أعطيه موضوعا لينشره في مجلة أجراس عام 1995. وهذه كانت البداية .

 ما المشروع المعرفي الذي يحمله (محمد قاسم) للإنسانية... للبشرية... للكونية الكردية عبر كتاباته ودراساته و صرخاته وخلجاته..؟! هل باستطاعته أن يكشف لنا كامل الخبايا في هذه الحوارية مباشرة ...؟؟؟

إذا تأملنا في الكون في الحياة.، فإننا نضطر الى ان نتفلسف.. ونضطر الى محاولة فهم الحياة وطبيعتها،وسياقاتها... وهذا يحمّلنا مسؤولية عظيمة عن الكيفية التي يجب ان نقضيها في حياة قصيرة إذا –أحسنا تقديرها- لذا فالخير كله ان نرى الحياة بجدية عبر عنها احد الشعراء-وأكرره دوما لطلابي-في مديح احد الخلفاء-:
       الجدّ شيمته وفيه فكاهة      سجح ولا جدّ لمن لم يلعب.
 ولأن الإنسان لن يبلغ المدى، فحسبه ان يكون في طريق السير نحو المدى..!
 بتقديري وظيفة الكاتب -والثقافة الجادة ضرورة لوظيفته- أن ينقل ما يشعر بالتفاعل معه من عناصر وعوامل الحياة.... بطريقة واضحة وهادفة، الى الآخرين، فالحياة تفاعل، والتفاعل هو الوسيلة في اكتشاف الحقائق، واستثمارها إيجابيا لمصلحة الجميع، خاصة وإن العالم أصبح قرية بفضل التكنولوجيا المتجددة بسرعة واضطراد.. وبما أن  الكاتب وظيفته الأساس هي: التأمل.. والمتابعة.. وإنتاج الأفكار.. فمن الضروري ان يكون مواظبا على القراءة والمتابعة، ومحبا لوظيفته كرسالة، وليس كوسيلة ارتزاق أو شهرة –وان كانت الأجرة والشهرة ترافق عمل الكاتب الناجح غالبا بشكل طبيعي..!!
فالمشروع هنا تنويري وإصلاحي واستشرافي.. تكاملي إنساني...!

 المتعة الكتابية وتفاعلاتها الروحية والإنسانية والأخلاقية عند الأستاذ (محمد قاسم) هل بمقدوره ان يحدد لنا مكامنها بشفافية مطلقة في هذا المشرق المتوحش..؟!

أحيانا أكون مستغرقا في الكتابة أو القراءة أو المتابعة الى درجة أتعرض فيها للوم والعتب، خاصة وإن ظروفي الصحية تتطلب بعض السير والحركات الرياضية ضرورة..وقد يطول الاستغراق ساعات..تبلغ ثلاثة أو أربعة أو أكثر في جلسة واحدة.. فماذا يمكن ان نسمي هذه الحالة سوى أنها متعة الكتابة والقراءة، لتخرج تفاعلاتها التي تزحف عبر النشر نحو أماكن مختلفة، تتلقاها عقول نهمة الى الاستطلاع والاطلاع، والغرف من مناهل الفكر والأدب والعلم وكل ما هو مفيد وممتع....؟!
 ويرتد إليّ الصدى رأيا جديدا.. نقدا موجها.. تفاعلا مغنيا...الخ.
فالكتابة هي وسيلة فعالة وراقية –إذا أبقيناها راقية في الأسلوب واختيار المنبع لها- للتعبير عن تفاعلات الحياة بجوانبها.. وعناصرها.. ومكوناتها المختلفة،تشرُّب لبعضها، وتمثُّل لبعضها.. وهضم للجميع لإخراج جديد، في قالب تطبعه الشخصية الكاتبة بطابعها،لتخرج مادة تجمع بين تجارب الآخرين وخبراتهم ،وبين خبرة الكاتب وتجاربه، في حبكة جديدة تتطلبها المرحلة.... فتكون قديمة جديدة، تربط الماضي –في شكل ما –مع الحاضر -في شكل ما-لتكون جسرا ايضا للمستقبل الذي نطمح جميعا الى أن يكون: جميلا.. وزاهرا .. ومريحا.. وممتعا.. فضلا عن كونه منتجا بفعالية وإبداع..!! لنشعر بأننا في الحياة موجودون كما ينبغي لنا ان نوجد.



 ماهي آفاق الكتابة سواء السياسية أو الثقافية عند الكاتب محمد قاسم (ابن الجزيرة) ومتى تكتمل المشهدية المطلقة عنده خاصة داخل هذه التصدعات الثقافية والسياسية الاجتماعية الراهنة ..؟؟

يبدو ان طبيعة الحياة ناقصة ، فلا نطمح إلى كمالها..
لذا فلا نستغرب ما يوجد فيها مما وصفته ((بالتصدعات الثقافية والسياسية)) فهذا ناتج عديد من العوامل منها: اختلاف التربية بين البشر،واختلاف المستوى المعرفي والأخلاقي، ومن ثم اختلاف الرؤى والأهداف...الخ.
 تبقى الكتابة هي الوسيلة المثلى للتعبير والحوار والتلقي... لما تتمتع به الكتابة من خصائص لا تتوفر في المحادثات.. والحوارات المباشرة..سواء لجهة السيطرة على الأفكار حين كتابتها أكثر منها حين الحديث، أو القدرة على تصحيح الأخطاء قبل الإضاءة.، أو القدرة على التركيز في اختيار وصياغة الأفكار.. واللغة المناسبة... وفضلا عن ذلك يقول شاعر:
  الخط يبقى زمانا بعد كاتبه      وكاتب الخط تحت الأرض مدفون..!
وهذا ما لا يتوفر للمحادثة المباشرة-المخاطبة- و((الكتابة مسؤولية)) وهذا عنوان لإحدى مقالاتي المنشورة..!.
 في الحقيقة بالنسبة لي، الكتابة في إطار فكري ثقافي للموضوعات المختلفة ومنها السياسة، أفضل وسيلة للإضاءة.. والجذب الى التعمق..فالضحالة هي المشكلة التي تعاني منها الكتابة في عصر الإنترنيت –كما أرى-بسبب سهولة النشر، والركض وراء الشهرة السريعة، وهذا ما لا أحبذه لأي كاتب.. بل وفي أي ميدان. خير للمرء-برأيي- أن يلتزم بقول دايل كارنيجي -المربي والفيلسوف الأمريكي- ((كن نفسك)). كن كما أنت.  والأفضل للإنسان ان يفعل بما يوجه إليه قول الشاعر:
قم هذب النفس واستكمل فضائلها        فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان.
 فتقليد الغير، أو الاستعجال في الشهرة، ربما اخطر شيء على المرء فيما يتعلق بشخصيته وبنائها، وما يمكن ان تحققه، ولعل التقليد الذي ابتلي به الإنسان الشرقي تجاه الغربي –ومنهم الكتاب والمثقفون- قد بلغ مبلغا لا يمكن قبوله في بعض أحواله، لأنها تجرده من خصوصيته، وتجعله ذيلا لآخرين-كائنا من كان- وهذا من أسوأ تكوينات الذات الإنسانية إذا حصل ...! لذا فاكتمال المشهد أمر مستحيل، ولكن التوجه نحو الكمال جهد مطلوب ومشكور.

 ثمة رأي يقول.... بان الأحزاب الكردية مارست عملا تشتتياً على نطاق واسع مما أدى إلى خروج المثقفين من صفوفها لأن المثقف بطبيعته يحب العمل التوحيدي وليس التشتيتي وهذا ما حصل للعديد من المثقفين الكرد في الساحة الكردية وخاصة التنظيمية منها.... ماراي الأستاذ محمد قاسم بهذا الكلام  الخطير ..؟؟؟؟

السياسة هذه الوظيفة الخطيرة والهامة في حياة المجتمعات أصبحت في يد الكثيرين -ومنهم غالبية العاملين في السياسة الكردية- وسيلة لهدف-أو أهداف ضحلة، تتمثل ببعض المكاسب المالية، أو الشهرة، أو بعض المكاسب الاجتماعية- وربما المظهرية أهمها- وأنا أفرق بين الشهرة والمظهرية، فالشهرة قد تكون طبيعيا، وناتج جهد وعمل وإبداع... ولكن المظهرية -خاصة- خطرة اجتماعيا لأنها جوفاء.. ولهذا فقد خاطب سقراط أحد الأشخاص -وكان ذا هيكلية جميلة جسديا وقيافة: ((يا هذا ، كلمني حتى أراك!!)). وإذا كان هذه حال غالبية السياسيين لدينا-والمفترض أنهم أصحاب رؤى سياسية مستقبلية،بنيت على حالة فكرية اختيارية في الإيمان بها وبأساليبها-النضالية بطبعها السياسي-.. فكيف سيكون حال بعض المثقفين الذين –ربما – لم تتكون لديهم بعد، مقومات الشخصية الناضجة، إذا فقدت توازنها، بين حالته –كصاحب شهادة يتعالى بها على الآخرين، وقد يجرهم ذاك التصور الى تنازلات مريعة من اجل تحقيق نوازعه النفسية، على حساب قضية أمته، ومجتمعه-وبين حالته كإنسان اجتماعي منخرط في الحياة.. ولقد كتبت –وأشير دوما –حول خاصية فقدان التوازن النفسي بسبب عدم التوافق بين مكونات الشخصية في العالم الثالث،ومنها الشخصية الكردية،والتي يكون سوء توازنها اخطر على الحالات القيادية اجتماعيا وسياسيا وثقافيا.. وضرورة مراجعة دائمة للذات لتحسنها باستمرار توافقا مع تطورات كل مرحلة. ولكن الشكر كله لأولئك الجند المجهولين –بمعنى ما- والذين يعتصرون أدمغتهم وعقولهم التي اختزنت خبرة ووعيا، بذلوا في سبيله ما بذلوا من جهد؛ ربما أبقاهم بعيدين عن توفير متطلبات معاشهم كغيرهم، ويتعرضون لصعوبات مختلفة من مجتمع لا يتفاعل ايجابيا مع أطروحاتهم،وسلطة تترصد كل حركة وسكنة في حياتهم، تتحين الفرصة لتجريدهم من هذه الفعالية التي تراها -ويراها السياسيون-الحزبيون- إجمالا، وكأنهم مهدِّدون لمواقعهم ومراكزهم التي يتشبثون بها دون استحقاق في الغالب -سواء أكانت منتجة أم لا- ومع ذلك فلا بد من تضحيات. في سبيل المبادئ والأهداف النبيلة.

كيف يفسر الكاتب والمثقف الكردي محمد قاسم هذه الآية الكريمة (لكل حزب بما لديهم فرحون) ..!!

كل جماعة من البشر تتمسك باتجاهاتها في الحياة، بغض النظر عن مصداقيتها، فالتعصب للمبادئ وللمصالح سمة بشرية، وإنما الوعي الأخلاقي، يضعها في مسارها الصحيح. والمفيد. ومن المؤسف أن هذا الواقع ينطبق على كثير من المشهد السياسي والثقافي الكردي اليوم في بلادنا.

 كيف يقيّم الأستاذ (محمد قاسم) ككاتب و كمثقف الخطاب السياسي الكردي في سوريا ..؟؟  خاصة في عمق كل هذه التحولات والمتغيرات الإقليمية والدولية في الحالة الراهنة .

أذكر أنني كتبت مقالا نشرته مجلة الحياة ( ژين)- العددان 83، 84 عام2003.تحت عنوان (من سمات الخطاب السياسي الكردي): ((إنه خطاب يكاد ان يوصف بالفني..ولكنه بأي حال لا يكون خطابا بالمواصفات اللازمة، لكي يسمى سياسيا.. يجمع بين المقومات العلمية والأفق الفلسفي...!)). إنه خطاب يعكس تخلف المستوى عن المرحلة الحاضرة عصريا، رغم أنه قد يكون أفضل –واقعيا- مما لدى  بعض الساسة العرب، في كثير..! إن الكرد شعب يعاني أشد ما يمكن من المعاناة -لسنا بصدد تشخيصها الآن- وهذا الأمر يتطلب عملا سياسيا بآفاق واسعة-إستراتيجية- وبروح صادقة – صوفية- وجرأة لازمة –بطولية- ونظرة شاملة إنسانيا ..الخ.والأهم، التعالي على حالة التآكل الداخلي في التفكير والعلاقات الكردية، والسمو بلغة النقد.. إنها مسؤولية من يحمل الأمانة، ولا يفرط فيها تجاه الله وتجاه الشعب، فهذا الخطاب -في حال كتابته- يتحول إلى تراث يعبر عن مرحلة في حياة الأمة، فهل يراعي أصحاب الخطاب هذا الأمر؟ ماذا سيجد أولادهم وأحفادهم من قيمة فكرية وفنية، تمثيلية لواقع معاش في حياة آبائهم وأجدادهم..؟!

كيف يمكن للكاتب الكردي المستقل أو الحياد ان صح التعبير ان يلعب دورا فعالا في الحياة السياسية الكردية في سوريا داخل هذه الأنانية الحزبية الضيقة ..

ربما لست مبالغا –إذا قلت- بان المرحلة الحاضرة هي الميدان الأصح لعمل الكاتب المستقل، ولولاه –بالإضافة الى القوى المستقلة الأخرى زائدا المثقف السياسي المتحرر- لما كنا نشهد اليوم هذا الاتجاه الحزبي الى:
 - الرقي بلغة الحوار والنقد الحزبيين، رغم أنها لا تزال تحتاج الى مستوى أرقى فيها..
-  توفير المناخ الملائم للتحاور حول مختلف القضايا ومنها التحالفات والمرجعية..
 - التوجه الحزبي نحو الدخول في تجمعات وتكتلات سياسية تضم أحزابا عدة تحت أي مسمى.. وذلك، إما بما وفره من ساحة للحوار مع القبول بالاختلاف، أو بما وفره من تعامل مع مطبوعات الأحزاب رغم المعاناة معها، بسبب التعامل الحزبي المعروف، والذي تكون المصلحة الحزبية –صحيحة أو خطا-أساس التعامل، والأساليب الهجومية لدور الكتاب والمثقفين في مرحلة ما.. وربما حتى الآن. بالنسبة لبعضها –على الأقل-.
على الكاتب ان يحافظ على متناقضات حتى يستطيع تأثيرا إيجابيا:
1- الاهتمام بنفسه ثقافيا وأخلاقيا وبناء ذاته وفق الممكن والمطلوب..
2- أن يلقي الضوء بصراحة وشجاعة على الواقع الكردي ومنه السياسي (الحزبي) دون محاباة لأحد أو خوف من احد. ...
3- أن يحافظ على مساحة واحدة في التعامل –إذا كان مستقلا فعلا- مع الأحزاب، وإن كانت لديه ميوله الخاصة، أو قناعاته الخاصة.. سواء في التحاور معها، أو الاشتراك في أنشطتها الحزبية و(القومية والوطنية)..أو غيرها.
4- الابتعاد عن رد الفعل تجاه الآخرين، على الرغم من ان البعض منها قد يلجأ الى الاستفزاز بشكل أو بآخر-قاصدا أو غير قاصد..-.
 المصلحة القومية (والوطنية) والأفق القومي (والوطني) هو ما يجب على الكاتب -والمثقف عموما – الحرص عليه، ولا ينزلق الى ما يصرف جهده نحو التشتيت –كما سميته- ومن المؤسف أن البعض من الكتاب الجديرين، من حيث المقدرة على التفكير وعلى التعبير .ينحدرون - بسبب ظروف تربوية خاصة – إلى المستوى الذي لا يليق بهم، مستوى وفعالية..!
 برأيي، مطلوب من الكاتب إدراك انه ليس أفضل الناس، وإنما اقدر الناس -ربما- على الفهم والوعي والتفاعل والطرح.. وهذه وظيفته التي اختارها عن رغبة ورضا، ولا ينبغي أن يشتط به السلوك إلى التعالي، والجفاء، والعزلة...الخ. إنه مسؤول –شاء أم أبى- عن حياة ينبغي أن تكرس بفعالية للتغيير والتطوير ..!
 عليه ان يكون حياديا إيجابيا –إذا صح التعبير.

 وفى حديث للرسول (ص) يقول: (الدين معاملة) والخلق كلهم – بما فيهم الإنسان – (عيال الله أقربهم إلى الله أنفعهم لعياله) ، (والله قد كتب الإحسان في كل شيء). إذا لماذا لم ينظر المسلمون إلى الكرد على إنهم أصحاب حق وقضية ولماذا لا تعترف الدول الإسلامية بحقوق الكرد ..؟!

 أخي الكريم يمكنك العودة الى كتاباتي التي أكاد أقول أني خصصتها لهذا الميدان، فكوني من المؤمنين بالإسلام دينا ومنهجا في الحياة ينبغي ان يراعى. معني جدا بهذه المسألة... وأحيل إلى مجموعة مقالات حول هذا الشأن- وكلها في أرشيف المواقع الكردية المعروفة ومنها –
www.welateme.net  
www.rojava.net  
www.amuda.com  
والعربية:
www.grenc.com  
 www.alhiwar.net  
www.odebasham.net  
 أو موقعي:
www.grenc.com/a/ibneljezire
 أو مدونتي.. في مكتوب، تحت عنوان (الشخصية). لاحظ التسمية..! لعل الإطلاع على ما فيها يوضح آرائي أو فهمي لهذه القضايا المثارة..
هناك ذهنية عروبية خاصة تعاملت مع الإسلام على أساسين خاطئين:
- شعور التعالي على الآخرين عبر تسخير المفاهيم الإسلامية لخدمة أخيلتهم، والتغطية على شعورهم بالنقص حيال الحضارات المجاورة –الرومانية والفارسية قبل الإسلام... فضلا عن حالة التخلف والعشائرية المعاشة واقعيا (والمستكنة ثباتا في الذهنية العروبية).. ولم يستطع الإسلام -كما يبدو- في التأثير فيهم بعمق.
واكرر: العروبيين، لا العرب –كقومية - مثلها مثل كل الأمم الأخرى.
-المصلحة السياسية التي دفعت الحكام دوما، - وبعض القوى العربية غير المسلمة- الى صياغة فكرية قوموية، تتعالى على الآخرين بانتحال الخصائص الإسلامية ورجالات الإسلام التاريخيين –علما وقيادة...- ونسبتها الى القومية العروبية - ميشيل عفلق مثالا- وتسخيرها لأهدافها السلطوية والسيكولوجية.. والمصلحية المباشرة.. ولا نعدم الأمر لدى كل من تركيا وفارس إضافة الى المصلحة الواقعية التي تفرق كل الناس عن بعضها، حتى الذين يُظن فيهم مستوى أخلاقي عال أحيانا.. على مستوى الأفراد، وعلى مستوى الجماعات، ومنها الشعوب والأمم.
 ولا ينبغي أن ينسينا المسلك الخاطئ من الممسكين بزمام المسلمين، قيمة الإسلام التاريخية والقيمية في تاريخ الكرد خاصة، كما لا ينبغي أن ننسى ان غير المتدينين من الساسة والكتاب وغيرهم... لا يقلون عن هؤلاء المخطئين إسلاميا، في أساليب حياتهم وسلوكياتهم. فلا نخلط الأمور ببعضها.
 ان الخطأ صفة بشرية وعلى كل المستويات، فلا نخصص المسلمين وحدهم بالخطأ.. ومن الناحية الواقعية فنحن جميعا -الكرد والعرب والترك والفرس وغيرهم... محكومون بالعيش معا، ولا بد من البحث عن الوسائل التي تتيح هذا التعايش بروحية تمهد للنجاح والتطور ومواكبة العصر ..

الأستاذ محمد قاسم برأيك لماذا لم يستطع الخطاب الإسلامي المعاصر مواجهة العولمة والدخول إلى ما يسمى بالقرية الكونية الصغيرة .؟!

الإسلام كدين وفكر وتشريع.الخ، كحياة، (قضية حق في يد محام فاشل). وقد ذكرت بعضا من أسباب الفشل.فالمبادئ إما إنها تبقى مبادئ نناضل من اجلها بمقتضياتها، وإما أنها تتحول إلى مصالح ينبغي أن نحسن فهمها والتعامل معها.. أما التخلي عن المبادئ، وعدم وعي المصالح وطرق التعامل معها، فهو الطريق الى الفشل.. وهكذا هو حال العالم الإسلامي اليوم.. خاصة العالم العربي المسلم..!

  الأستاذ محمد قاسم برأيك هل تكتفي المرأة بحقوقها الإنسانية المتاحة بحسب الشريعة الإسلامية أم لا.؟؟؟؟

من وجهة نظري إن الشريعة الإسلامية – كما فهمتها- توفر قاعدة متينة للوقوف على قضية المرأة على ضوء معطياتها.. وأهيب بالجميع رجالا ونساء- أن يتعاملوا مع قضية المرأة وحقوقها بوعي ومسؤولية.. فإن للتناول الخاطئ لها، منعكسات خطيرة على حياة المجتمع، وخاصة المجتمع الكردي ذي التاريخ الإسلامي الطويل بما تركه من معتقدات وعادات وأعراف وقيم..الخ، في هذا الشأن،. وضرورة التدرج المدروس في التغيير بما يحافظ على حسن سير الحياة الاجتماعية، لتجنب الهزات المحتملة اجتماعيا – في حال التسرع- فإنها قد تدفع المجتمع الى انهيارات اجتماعية، وربما أخلاقية لا يسهل أبدا استعادة صحتها..!. ولنا في الثورات السياسية التي رافقتها الصيغة الثورية في تناول المجتمع، واعظ. ولا بد من الإشارة الى قضية إشكالية –هنا-  وهي الخلط بين ما هو نفسي كالرغبة والاشتهاء وخلافه، وبين ما هو منطقي وعقلاني وما هو طبيعي وتنظيمي له، بموجب الثقافة السائدة –دينيا أو اجتماعيا..الخ.
 فقد أشتهي ارتكاب الغلط في ما يتعلق بالمرأة، كأنثى مثلا، ولكني أميّز بين الخطأ وبين الصحيح عقليا، فلا يجب إغفال فكرة ان السلوك لا يتطابق مع التصورات المثالية.. فينبغي أن يكون الحكم على الأشياء بواقعية، لا بتصورات مثالية.. والمسلمون –في الحصيلة – بشر مثلهم مثل غيرهم، فمن أحسن فله جزاؤه، الإحسان، ومن أساء فله جزاؤه، الإساءة.
 
 الكلام لك ..؟
يا سيد الكلمات في هذا العالم المثخن بالجراحات والتأوهات..
أهتك التاريخ كله يا (ابن الجزيرة) حتى من نياشينهم التقليدية واقذفها قوياً تحت براثن الأحصنة الكسولة ..!!
وافضح كل شيء.. حتى في قاع أقبيتها الداجية وأبعده قليلا عن ابتسامات أطفال شاحبي الوجوه في هذا الراهن الشاحب..

كلمة (افضح) تناسب البيانات السياسية -الحزبية- ولكنها لا تناسب الخطاب الثقافي.
 أنا أحاول ان أكشف عن الحقيقة عندما امتلكها –أو أعتقد باني امتلكتها- أحاول ان أضع المعلومة، أو المادة المعرفية في تناول من لم تتح له ظروفه الذاتية أو الموضوعية أن يتناولها.. أحاول ان ألقي الضوء الكاشف على الزوايا المظلمة، والقضايا المعتمة، بطريقة الصحافي الأمين، ما استطعت. وأشرح المعقد..  واحلل الوقائع والأحداث على طريقة المتأمل..
والغاية من ذلك كله، ان اشعر بفعاليتي في الحياة، وتفاعلي معها من جهة، وان أعرض بضاعتي على الآخرين ليأخذوا منها ما يجدون فيها متعة لهم، أو فائدة –مهما كان نوعها- للوصول معا الى المخيض الذي يعطينا الزبدة المرجوة، واللذيذة، والمفيدة... لبناء الحياة..!
شكرا على تجشمكم عناء الدعوة لي، إلى هذا الحوار، والذي أرجو ان يكون مدخلا لحوارات أكثر غنى ومتعة وإفادة ..!







أتى هذا المقال من Welatê me
http://www.welateme.net/cand

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1080