2- برقيات لا تصل طبعاً:
في الوقت الذي أعتبر البرقيات، أسلوباً رسائلياً ناجعاً، يمكن لها أن تقوّي العلاقات الوجدانية بين البشر، في حالات مختلفة: فرحاً أو ترحاً، وما بينهما، فإنني، وبشأن الحالة التي تعنينا، أجدني في غاية التحفظ، حين يتعلق الموضوع بالكتَّاب المحترفين، إذ تكون العلاقات مختلفة بدورها هنا .
فأنا، وبصراحة تامة، أستطيع القول، أن اعتماد البرقية، في محاولة للتعبير عن مشاركة المفجوع بموت عزيز، دون تحديد من يكون هنا، لكنه مهم، قليلاً أو كثيراً، بالنسبة للناعي، سواء جاء ذلك من باب التأسي الفعلي، أو التأسي التقليدي، أو الطقوسي، أي المنخرط في إطار الأدبيات الاجتماعية الشعائرية الطابع، أقول، أن اعتماد البرقية، من قبل الكاتب الفعلي، أي المحترف، لا يُعتدُّ به، لأسباب، يمكن تحديدها في النقاط التالية:
لأن في وسع أي كان، ودون تمايز يستحق الذكر، يمكن أن يكتب بالصيغة ذاتها.
ولأن البرقية، لا تستهدف التمايز، وإنما إلغاء التمايز هذا؟ كيف؟ وذلك من خلال الأسلوب المتَّبع، حيث الصيغة، أو( الكليشيه) تكون معروفة، إلا ما ندر.
وكون البرقية تتطلب الحد الأدنى من الكلمات وضوحاً وعدداً، وإلا لانتفت أن تكون برقية، وقد تتجاوز البرقية الحدود المتصوَّرة لمفهوم البرقية، عندما تقرَأ فقط، لأي في جعلها برقية- مقالاً، أو شبهه !
أشير هنا مثلاً، إلى كل من ( درويش فرحو، وGabar çiyan، ومانييل بروكا..)، إذ تقرَأ برقياتهم، باعتبارها مقالات تقريظية، رثائية، وفي موقع ( عفرين نت..)، ومن ثم في ( حقل البرقيات)، وذلك في موقع ( نِت كرد) الكردي الالكتروني..
وربما يتصرف كاتب دون آخر، في اعتماد برقية ما، على عجل، ولكنه سرعان ما يردفها، بكتابة نص ما، هو النص الذي يكون لسان حاله، من ناحية التعريف بموقعه، وطبيعة علاقته مع المتوفى، وفي الحالة هذه، يكون اختلافٌ بين الكتاب، ومعرفة أكثر تنوعاً لمسلكياتهم الفكرية.
أما بالنسبة للراحل محمد اوزون، فكما هو معهود، بالنسبة للآخرين، وبصورة خاصة، بالنسبة للكتاب الذين يعرف كل منهم الآخر، سواء أكان قريباً منه، أو بعيداً، فإن الرهان على البرقية، كثيراً ما يرتد بالخسارة على الكاتب، لأسباب، لا أظنها، خافية على كل ذي بصيرة، فهي في الوقت الذي تؤكد اجتماعية الناعي، وتؤكد حضوره الأدبي أو الثقافي، إنما تبقيه في نطاق ناشد السلامة الذاتية، وتجنب مسئولية الكاتب المقتدر، عما وراء العلاقة الصريحة.
ووفقاً لتصور من هذا النوع، فقد تتبعتُ، قائمة طويلة من البرقيات، وكيف جاءت من جهة الاختصار أو الكثافة، أو الإسهاب أحياناً، وبصدد من عنيتهم، وذلك على مدى أكثر من أسبوع، ورأيت غياباً كاملاً لمجموعة من الكتاب الذي لهم حضورهم الكتابي، الأدبي، أو الثقافي، ليس لأنهم أحجموا عن الكتابة فقط، وإنما، وكما أرى، لأن ثمة أسباباً وجاهية، تبرز المكانة الشديدة الوعورة لممتهني الكتابة الفعلية كردياً، ثمة مساومات، واعتبارات، وحقل واسع من التجاذبات والتنافرات والمراهنات، عن توزع هؤلاء الكتاب الكرد، في المحيط الذي أعرفه، في تفرع جهاته وجبهاته، أقل ما يمكن التذكير به هنا،هو أنهم، في صمتهم، وبدون مقدمات: يمارسون خيانة ذات الكتابة التي يُعرفون بها، لا بل يمارسون خيانة ذواتهم، كما قلت، مثلما أنهم يؤكدون زيف الجانب الكتابي الذي به ينتشرون، ويزدهرون ويتنافسون، ومثلما أنهم يأتمرون هنا وهناك.
أقول هذا،ونحن إزاء كاتب، لا يمكن تجاهله، أو تنحيته جانباً، بالسهولة المتصورة، بقدر ما أن الصمت تجاهه، والكتابة عنه بطريقة ما، يتبدى مقام الكاتب هنا، تقديره لذاته، قبل الراحل، نظرته إلى الكلمة التي تعرّف به كاتباً، ما يكونه الآخر له، ليكون هو بالتالي، في موقع اعتباري ما، وأظن، أن ثمة الكثير من الفجائعية المتمترسة في هذا التيه الكتابي الكردي، خصوصاً أكثر، حين يجد الواحد نفسه، إزاء احتفائيات برقياتية، أو كتابية تهليلاتية لافتة، باسم متقدمين كتاباً كتاباً، مقابل أسماء، ليس لها هذا المقام الذي يمكن مقارنته بما نحن فيه هنا .
ماذا رأيت في حيثيات البرقيات التي تهمنا هنا، من أسماء شدت سواها، أو نفتها؟ 6:
غياب كتاب ، كان عليهم المساهمة، في المؤاساة، ولكنهم تنحُّوا جانباً، ذاتياً، مثلما أنهم تركوا الكتابة في الموضوع كلياً .
اشتراك مجمل الذين أرسلوا برقياتهم، في صفة واحدة، هي إظهار التأسي والمؤاساة .
تكرار بعض البرقيات، لأسباب لها علاقة بالمرسِل، وتقديره لنصه .
ورود برقيات بأسماء مختصرة، قد يكون الاسم الأول، أو يكون الاسم حركياً، وهذا يلفت النظر، ومألوف بالمقابل، لاعتبارات تخص صاحب البرقية، ليس من باب الخوف مما هو مراقِبه، وإنما، ربما من سواه، في مجتمعه، لوجود حسابات اجتماعية وشخصية وغيرها ...
أما بالنسبة لما يعنينا، فيمكن لفت النظر، إلى اللافت في البرقيات، وأهم ما لفت فيها، هو أن الصيغة النعوية الطويلة، كانت باسم الكاتب رزو أوسي، وتحت اسم ( مؤاساة المجلات الكردية)، وبتاريخ 12-102007، وفي الأسفل يكون التاريخ المدوَّن 11-102007، ولتبرز المشكلة من العبارة الأولى، إذ المؤاساة باسم المجلات الكردية، ولكن النص شمل الجميع، كما رأينا، فلماذا حدث هكذا، ومتى كان الكاتب ناطقاً رسمياً باسم المجلات الكردية، ولاحقاً، كل ممثلي الفعاليات الثقافية الكردية؟ حيث يعرف كل معني مدى نفوره بالذات من مجمل المجلات، سواء تعلقَ الأمر بطريقة إدارتها أو إخراجها، عدا تجنبه الخوض في فعاليات تستشرف طابعاً من الحزبية أو التحزبية، ورغم ذلك تجلى خلاف معهوده، ألأنَّ مستجدات مراهَنلإ عليها، أحالته كائناً آخر، هو ومن معه، باستجرار ذاته تحزبياً، أو تكتلياً مستحدثاً، تمثيلاً، لمن كان يستحيل عليه، وعلى سواه، تمثيله بالترادف أو بالتناظر، حتى عهد قريب جداً، وكذلك تفويضاً احتيالياً، دون إعلام مَن يمكن اعتبارهم الأغلبية هنا، من خلال توقيت زمن الكتابة النعوية!!!
في ضوء العلاقة الخفية- المخفية هذه، يغدو كل منهما إزاء الآخر، معه، تماهياً أو تماثلاً، ويغيب الاسم، لاعتبارات، لا يمكن النظر فيها، إيجابياً، طالما الاسم لم يكتَب، لأن ذلك يعني مساءلة مشروعة عن هذا التفويض المجاني والمعمم، من قبل هذه الجمهرة الزاحفة في المهاد الثقافي العائم للبرقية الغفل عن الاسم، ولو كان الاسم قائماً، لاختلفت النظرة بالتأكيد، رغم أن المسئولية لا تتنحى جانباً، ولكن للصراحة توجهاً آخر، في الحالة هذه، وكانت الاستباحة بدلاً عنها!!!؟؟
وأعتقد أنه فيما إذا كان الاسم موجوداً بالنيابة أو دون ذكر الإحالة هذه، لما كانت الصيغة الواردة مقروءة هذه، إذ ثمة تفريط كثير بالموضوع- الحدث، حالة فرجة قومجية، كما قلت، وتدينية طارئة، وكل ذلك، يكون مسجلاً على حساب كل اسم ( مجلة، أو كاتباً، أو ممثل نشاط كردي ..الخ)، فهل حقاً أن المعنيين هم هكذا، هل كل ما ورد اسمه، كما هو في حقله الثقافي والدعائي، وبشكل منتظم، وأن ليس في وسع أحد التملص مما عُني به في مضمار البيان النعوي، والذي صير برقية بالمقابل؟ وهل في وسع كل من ذُكر اسمه، أن يتقبل ما ورد في البيان؟
أليس في الموضوع توريط لا مخرج منه، لأنها حالة مستديمة، مثلما هواستخفاف بالحدث؟
في الجانب الآخر، وفي برقية الكاتب الكردي، وفي ذات التاريخ، يفيض رزو أوسي مشاعرَ، في غاية من النبالة الاجتماعية المضافاتية،من جهة التأثر برحيل الكبير اوزون، بصيغة مستعيدة مما هو فولكلوري كردي بداية( يموت الثور، يبقى جلده، يموت المرء، يبقى اسمه)، ليطبّق ذلك على المنعي، وكيف أن خيمة الحزن الحدادية، إثر رحيل الخالد اوزون( تتكرر مفردة" الخالد" ثلاث مرات"وفي سطور عدة)، لأن اسمه ومؤلفاته، هما اللذان يبقيانه ( النبع الصافي في الثقافة والأدب الكرديين، لكل كردي، يكونان مصدراً لتحليق الذات" طلاقتها xwerehîkirin") وليأتي الباقي تقريباً، صيغة مختصرة مشابهة للصيغة الأولى، وإن كانت مفردة ( kurdewarî)، ثقيلة الوطء، ومن قبل كاتب متمرس في الكرديةxwerehîkiriye، حيث التعبير هذا، له صلة بما هو عملي، سياسي كردي، أما في نص البرقية، فالمقصود كل كردي ) لكل كردي ji her kurdekî re)، بعيداً عن التخصيص المعتقدي، رغم أن الكاتب، كما يعرّف بنفسه، بعيد عن هذه الصنافة المعتقدية وأضرابها.
لكن ما لا يجب تمريره، هو: هل حقاً، كان الكاتب متجاوباً ضمنياً مع نصه البرقياتي، وهل يشفع نص البرقية المقتضب ، له، ليبقى مكتفياً بما قاله هنا، ويكون على علم به، من هو قريب منه كثيراً؟ تُرى من أوعز إليه( من المقربين منه كردياً،طبعاً" حتى لا يُفهم الموضوع خارج نطاقه المعهود!!")، في أن يكتفي هكذا؟ أليس ما كتبه هنا، يتداخل مع ما كتبه سابقاً نعوياً؟
والأهم من ذلك، وكما هو معروف، لذي الاطلاع، فإن الكاتب، هو أبعد ما يكون( هو ومن يشاطره الموقف الذاتي، لا الثقافي الفعلي، ولا الأدبي)، عما كتبه، لا هنا، ولا هناك، إذ لم يكن الراحل، بالصورة المعرَّف بها، في عرفه، أو عرف المقرَّب منه. لقد كان ثمة تجاهل كبير له من قبله، بدءاً مما كتبه عنه، قبل عشر سنوات ونيّف، حول روايته ( أنت)، من جهة تسخيف الروائي بداية ونهاية، إلى درجة التهكم المضاعف، كما لو أنه يتعرض لكتابة مبتدىء 7، فهل حقاً كان الكاتب هنا، على وئام- وفاق مع نفسه، وهو يفيض بمشاعر إنسية كردوارية؟
إن إيجاد مثال وحيد، يري القارىء أنه فعلاً، فيما ذهب إليه، عبر كتابة، تتجاوز نطاق البرقيات وسواها، ربما هو الوحيد الذي يبقي الكاتب، بعيداً عما أشرتُ إليه.
وربما ينطبق ذلك، ولو بصورة أقل، على الكاتب كوني ره ش، في برقيته التي تتداخل مع المادة التي أعدها مختصرةُ، عن سيرته الحياتية 8،( كما هو معهود فيه كثيرا: ولد في ...عاش في ... مات في ...)،وتلك، وقبل كل شيء، مساهمة مؤثرة، إذ يأتي ذلك في سياق المتابعة والانهمام بالكتابة، وبالراحل( رغم أنه استخدم :مثل weka،مرتين، بصدد روايته " مضاء كالحب، معتم كالموت"، وأن المفردة في العنوان، وكما ذكرها في الأسفل : mîna،ـ وفي هذا السياق،ثمة ناع ٍ آخر كتب " معتم كالظلام، وليس كالموت، جزءاً من عنوان رئيس لمقاله)، وإظهار التأثر تأكيد لمقامه الكبير، ولكن، وكما أعلم، ليس لاوزون، أي حضور موقعي، يستحق الذكر، لدى كون، أقلها، اعتبار اوزون متطفلاً على الكتابة، وخصوصاً، في رواية( بئر القدر)، باعتباره سارقاً إياها من الأمير جلادت بدرخان، وأن هذا الموقف، ساري المفعول، في وسط كتَّابي كردي، وكون واحد من هؤلاء، وأن برقيته بالتالي، بما تدَّخره من عواطف جياشة مباغتة، لا أظنها في محلها، باعتبارها إعلاموية، وبعد صمت وتصميت مثيرين للتساؤل المألوف من ناحية مضمونه الشخصي كالعادة، إذ يرفل نص البرقية بالكثير من التقريظ رثائياً، في إثر من رحل، وكيف أنه صُدِم بنبأ رحيله، وهو يتهيأ مع آخرين، للاحتفاء بالذكرى السنوية الرابعة، عشرة لرحيل الشاعر الكردي الكبير أوصمان صبري( أسهب في الحديث عن الشاعر، حيث لا لزوم لذلك البتة، في نص البرقية، إلا لزوم من يذكر شيئاً، ليؤكد شيئاً آخر)، مثلما يتلبسه العجب المشوب بالفرح، لأن الاثنين ( أسلما الروح في يوم واحد)، وكما هو وارد نصاً (Bi rastî tesadifiyek xweşe ku herdû di rojekê de cane ji dest dane)، وبلغة لا تخفي كلاسيكيتها المنسَّقة، كما في ( tesadifeyek)، اقتداء في غير محله، بالأمير جلادت، والمفردة عربية صرف، حيث كان الأقرب هو ( li hevrasthatinek)، رغم أن المصادفة هذه غير صحيحة، إنما الصحيح هو أنهما أسلما الروح في تاريخ متشابه، أي في 11-10،( أوصمان صبري، في سنة 1993، واوزون في سنة 2007)، أما عن اليوم، فليس صحيحاً طبعاً، لأن الأول كان قد أسلم الروح يوم الاثنين في (10-111993 )،وبعد الظهر، وأن الآخر، كما هو معروف، أسلم الروح صباح يوم ( الخميس)، وهنا يختلط التاريخ مع اليوم عنده9.
إن البرقية كأسلوب مشاطرة عزائية، وكتابية، لا تمنح الكاتب قيمة توكيدية، فيما يذهب إليه، في حالات كثيرة، وخصوصاً في الحالة التي نحن إزاءها، والملاحظة التي وجَّهتها إلى الكاتب رزو، أوجهها إلى الكاتب كون.
أما بالنسبة للكاتب برزو محمود، فهو بدوره اكتفى بالبرقية( هل تشفع هذه أيضاً)، ليؤكد مشاركته العزائية والكتابية؟
برزو، أرسل برقيتين، هما واحدة، كما قرأت، ربما لأن الأولى، كانت ناقصة، حيث إن مفردة ( sersaxî)، لم تكن موجودة، فاستهلت بها الثانية، أما عن التاريخ، ففي الأولى، كان ثمة تاريخان(12-102007) و( يلي ذلك مباشرة( 14-102007) في الأعلى، ، وفي الثانية( 13-102007)، وفي الأسفل ( 12-102007)، مع ذكر الاختصاص( كاتب لغوي)، وتحديد المكان( قامشلو)،وكانت البداية( مؤاساة من أجل العامل في المجال الكتابي الجنتي محمد اوزون).
وثمة ما يلفت النظر في البرقية هذه، والمكونة من 9 أسطر تقريباً:
كتابة اسم " محمد"، كما يتصرف بعضٌ من الكتاب الكرد، في كردستان الشمالية وغيرها، هكذا
( Mehmet)، ولا أظن أن أسلوباً كهذا، في محله، لأن العملية، تتضمن تجييراً لمعاني ودلالات، كما يتصرف آخرون، من خارج اللغة، وبقصد، بجعل( آذاد: آذات، شيرزاد: شيرزات، فرزاد: فرزات...الخ)، فيكون التقليد تبديداً للمعنى في النهاية.
من جانب آخر، لا ينسى الكاتب برزو، أن يشير إلى ضرورة الاهتمام بآثار الراحل، بتراثه، وتوجيه الأجيال القادمة إلى ذلك، وهذه لفتة جميلة، والسؤال الممكن طرحه مباشرة: هل لدى كاتبنا – حقاً- هذا الإلمام بتراث الراحل محمد اوزون، وليس ( محمت اوزون)، وبتسكين حرف الحاء، ولو في بعض منه، وأين مصداقية ذلك؟ أليس لأن انخراطاً قائماً، في صمت المتكتمين عليه هو الجاري؟
يشير ضمناً، إلى أن رحيله كان خسارة : xisaretek، وأنا أسأل( رغم حداثتي في هذا المجال)، أما كان بالوسع وضع مفردة بديلة، كأن تكون ( derçûnek)؟
طبعاً ثمة كتاب آخرون، أكدوا على أهمية اوزون، وعلى أن رحيله شكل خسارة كبيرة للثقافة والأدب الكرديين، وأنا أشير هنا إلى آرشف أوسكان، وهو كشاعر، يحمّل القدر بعضاً من مسئولية ما يجري للكرد ( ربما هو قدرنا، حيث أن الذين يجتهدون أكثر، سرعان ما يرحلون من وسطنا، والشعب الكردي يحتاج إلى مئات السنيين، لملء الفراغ الذي تركه أمثال هؤلاء)، وكاميران حاجو ككاتب، وهو يشير إلى البعد الرمزي والسياسي له ( كانت آمالنا كبيرة، عندما توجه نزيل الجنة محمد اوزون، إلى كردستان، واعتقدنا أن تراب كردستان وهواءه سوف يكونان له دواء،ولكن المرض الغدار، وللأسف، خطف ذلك الانسان من بيننا ) ...الخ.
بوسعي أن أمضي أكثر من ذلك، متتبّعاً القيمة الكتابية والإعلامية لجملة برقيات أخرى، ولكن الموضوع سوف يتجاوز نطاقه المرسوم، ولعلي فيما اعتمدته، كنت أحاول التركيز، على مسائل عدة، أراها في غاية الأهمية:
مسلكية الكاتب فيما يتفكره حياتياً، بينه وبين نفسه، وفي الحالة هذه، لا يمكن قراءة ما في داخله طبعاً، وإنما لا بد من انتظار ما يتفوه به، أو يسطره هنا وهناك ، فيكون المأخوذ بقوله.
ومسلكية الكاتب فيما يقوله، وفيما يمكن أن يتشكل الموقف منه، انطلاقاً مما يكتب، وفيما هو عليه واقعاً، وهنا، يكون الكاتب متحركاً بين ما هو عليه ككاتب، وما هو فيه كإنسان فرد في المجتمع.
وما انطلقت منه، وما أركّز عليه، هو ما مدى التفاعل الحي بين حقيقة ما يعنيه الكاتب لنفسه، ويريد تحقيقه واقعاً، ما يكون هو، وما يريد أن يكونه للآخر، من خلال القول والفعل المتداخلين بالتأكيد؟ والبرقيات التي اعتمدتها مصدر تحليل وتأويل، تكاشف جوانب كثيرة معتمة هنا !
الأكثر من ذلك أيضاً، أن بعضاً من بعض هؤلاء، انشغلوا بموضوعات، لا صلة لها البتة بحيثيات أوضاع يعيشها الكرد، لا يمكن تجاهل ضغوطها الاعتبارية والوجدانية، إنها موضوعات، تبقي كتابها، كما يظهر، في بر أمان، أو تصور أمان، بأكثر من معنى، وحين يجد الجَد، أو في أول محاولة، عمَّن يكون الواحد منهم أولاً، تأتي مفردة الكردية، كانتماء إنسي واجتماعي، وكتفعيل ثقافي، وكل ذلك ( بالدَّين). قل لي أي كتابة لديك، أقل لك أي كردي أنت !
-----------------------
إشارات :
1- انظر نص الكتاب المترجم إلى العربية، من قبل حسين عجة، والمنشور في موقع ( أدب وفن) الالكتروني.
2- انظر حول ذلك، مصنَّفه التاريخي : لائحة بأسماء الروايات الكردية، باللهجة الكرمانجية، في موقع ( كردوار كوم) الالكتروني، والتاريخ يرجع إلى أكثر من سنتين.
3- بحسب ما ذهب إليه لقمان بولات ، وذلك في مقاله الصنافي ( ماذا يفعل الروائيون الكرد) في موقع ( نت كرد كوم)، بتاريخ 30-82007، هو الآخر، ولكن، من خلال التعريف بالشخصية الروائية، وبعض الأعمال المكتوبة
4- نُشر في موقع ( روزآفا) الالكتروني، والذي يشكل موقعاً رسمياً له.
5- نقلاً عن موقع ( عفرين ) الالكتروني .
6- طبعاً، يمكن مراجعة اللائحة الأسمائية لهذه البرقيات، في موقع ( نت كرد كوم) الالكتروني، وكما قلت، فإنني، ومن خلال ما أشير إليه آنفاً، شملت مراجعتي لأسماء مختلفة، على مدى أسبوع ونيّف، أما عن مصادر أخرى، فقد تكون موجودة، في مواقع أخرى: انترنتية، بالدرجة الأولى، ولكنني، هنا، وفي إشارات أخيرة، أحدد المصدر المستقى منه : الخبر، أو المعلومة..
7- انظر حول ذلك مقاله ( كتاب أوزون : Uzunname)، في مجلة ( Dugir) الفصلية، العدد الثالث، 1996، ص ( 37- 53)،حيث لا تخلو صفحة من مقاله، من عبارات في غاية التهكم والإيلام، وأحياناً: التحقير البيّن، وهو يتساءل مثلاً، عن سبب قيامه بحمل هذا العبء الثقيل، بتوسع، ورغم أنه يعترف أن ما قام به، ليس من مهامه، كناقد متخصص، باعتباره مهندساً، ومهندس بترول، وهو يوضح موقفه بشبه حكاية فولكورية كردية( أترك قراءتها، للمعني)، تهوّل الأمر، في النتيجة، مثلما أن الكاتب، يريد إلغاء كل صبغة أدبية عن روائيّه المنقود( انظر ص 53، العمود الأول فيها)..
8- انظر موقع ( ولاتى مه) الالكتروني.
9- طبعاً، هذا ناجم عن عدم التدقيق في المعلومة، والاندفاعة العاطفية والارتجالية في الكتابة، واللافت هو أن كون ذاته، أصدر كراساً يدوياً ( في أربعين صفحة، من الحجم الصغير، سنة 1997)عن المرحوم أوصمان صبري، إثر رحيله، وذكر هذه المعلومات التي أوردتها ( انظر كراسه ذاك ، ص 30).