القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

شعر: أوتوبيا أنثى الملاك

 
الخميس 19 اذار 2009


   نمر سعدي  
 
             1              
 
كانَ يحلمُ مستيقظاً جمرهُ في دمِ الكونِ
 أنْ ولدتهُ الحياة مغطىًّ بدمعِ مشيمتها
 والدمِ الأنثويِّ المقطَّرِ من جنةِ الرحمِ
عبرَ رمال الشتاء الأخير بروحي
وعبر بحار الضحى المتدَّفق في جسمها
يغسل الماء من جاهلِّيته بابتسامتها.. والظلام بتوبتهِ
عن شذى شعرها المتناثرِ في زرقتي
الظلام الذي كان يصرخ في نقطة الضوءِ
مستوحشَ القلبِ في جوِّهِ شاعري / آخري
علِّقيني على ما تبقى من الغيم في زمن ممطرٍ بأُحبكِ حتى البكاءِ
أُحبكِ حتى البكاءْ


               2

 
كان يبكي بلا سببٍ عند حدِّ سماءٍ خلاسيةٍ
كانَ يصرخُ مستسلما لعذاباته ولألوان رمبو : شتائيةٌ هذهِ الروحُ
يا من تربيّن رؤياكِ في كلٍّ قلبٍ حزينٍ كفرخِ القطا
كمْ أحبكِ كمْ
 عندنا تملئين نوافذَ حريتّي بالحنين إلى كلِّ شيءٍ
أما كان يمكنُ تأجيلُ هذا الألمْ ؟
إلى موعدٍ آخر وغدٍ شاغرٍ
من تثّنيكِ في الماء والمفردة
أما كان يمكن يا شهرزادُ ولو مرةً واحدةْ
تبّني الطيور التي ترجئيّن بغير صباح. . . . لليل القمم؟
أما كانَ يكفي من الحبِّ حتى نحيّي الهواءَ القديمَ على رئتينا
على ضفةِ النيلِ في غرب أرواحنا... النيلِ في شفتينا
أما كانَ يكفي لنصعدَ هذا الخريفَ الأخيرَ ونخزنَ ما ظلَّ
من برق شهوتهِ في يدينا
 
               3
 
كانَ ينظرُ لي عبر بلورِ دمعٍ شفيفٍ يحُدّثني  عن ضمير المدنْ
كان يحلمُ بامرأةٍ لا تمشِّطُ أحزانه في الصباحاتِ
 إلاَّ بما يترقرق في روحها من حنينٍ إلى شفقٍ أزرقَ في فضاءِ الزمنْ
هي من صيَّرتْ قلبه سادناً للجمالِ الذي ظلَّ
 يبكي بدمعِ سيوفِ العربْ
هي من صيَّرتْ روحه قبلةً لأهلة نيسان باحثةً عن رياح المصب
آه , أنثى ملاكٍ تنام على نوم سجني هنا في تراب السماءِ
يصلِّي لها الماءُ.. يرفعُ من ساعدي حفنةً من شذى نبويٍّ 
غدي حنفة من ضياءِ المقيمين في ليلِ أعضائها
وغدي حفنةٌ من عذابٍ سيبذرها في دمي حبُّها. . . .
 
          
 
              
 
كنتُ أحببتها عندما أمطرتنا أنا وأبا الطيِّب المتنبي مصائبنا
كنت أعرفها جيِّداً حين تبكي بلا سببٍ مثل عصفورةٍ في حديد الجسور
معلقة مثلَ حلمٍ صغيرْ
كنت أعرفها كلُّ أنتروبولوجيا الطبيعيةِ فيها وسرُّ الصفاتْ
صارت اللغةَ.. الطاقةَ المستحيلةَ للحظة المشتهاة
 
               5
 
لا يماثلها أحدٌ حيث تنظرُ في قاعِ روحي
وأشعار رمبو التي لم يقُلها
ولكنَّها – حين  تنظرُ – مأخوذةً بالشواظ الإلهيِّ مغسولةً بالبرَدْ
في  ظهيرة آبٍ يماثلها آخري
ويضيءُ لها قمرُ الدمع فوقَ رصيفِ الأبدْ
               6
 
ربّما ربّما في اليوتوبيا غداً أتقمصها حينما يتبلورُ في ذاتها
صبحها الأزرق الزنبقي
وأنا لا  نبيٌ لأشرح معنى مزاميرها
حين تعبر في الروح برقاً. . . . يجرِّدني
من أنوثةِ  آبٍ.. أنا لا نبيٌ
لأصنع من حزنها ظبيتين / وعصفورتين
 
                7
 
ربَّما ربَّما في أوتوبيا بلا كلمات
ألتقيها اذا فرَّقتنا الحياة
فيغمرني ضوءُ نجمتها
ربمَّا ربمَّا ألتقيها أنا في أوتوبيا المماتْ
نرتدي شفقاً ازرقَ ونطيرُ بأجنحةٍ من
دموعِ الحريرِ لأنثى الملاكْ
 
                8
 
في اليوتوبيا أكَذِّبُ ماءَ الحنينِ العموميِّ في رغبةٍ
تتأصَّلُ أو صفةٍ تتأرجحُ ما بيننا
وأصدِّقُ ما فيكِ من عسلٍ جارح ٍأن عينيك لوزيتانْ
وعيناي في غمرةٍ منهما فيهما تسبحانْ
 
               9
 
في اليوتوبيا أنا بالمجاز أقيسُ جمالك... أو بالصباح الخريفيِّ
يشعلنا بالغموضِ الضبابيِّ والعاطفةْ
لقراءة عينيك في صيف أرواحنا. . . .  أن نعرِّي حنينَ الظلامِ. . . .
ونمشي على حدِّ قبلتك النازفةْ
 
               10
 
ستوافيكِ أمطارُ روحيَ أنَّى ذهبتِ فحزنك بوصلةُ القلبِ في الريحِ
يلمع مثل دموع غصون الغمام العتيقِ التي تتقطَّرُ من عالمٍ ما. . . .
توافيك ذكرى ورائحة الوطن المتسلِّل وقت الظهيرة فينا
يوسِّعُ دربَ المساءِ إلى قبلةٍ ضيقة
 
             11
 
مريضٌ بأسطورةِ الذئب أو بكِ. . . .  قلبي
يعلِّق أنفاسه فوق حبلِ الحياة
مريضٌ كألبير كامو بالمحبةِ واللعناتْ
مريضٌ بما تتركُ الذكرياتْ
على القلب من وجعِ الصبحِ أو تترك الكلماتْ
على فمنا من رحيقٍ توزّعه الشمس في دمِ كلِّ نهارٍ بشرياننا
ناوليني مسدس أحزاننا / ناوليني مسدس أحزاننا
 
             12   
 
في اليوتوبيا نطير بأجنحة الروح متحدّين كزوجيْ يمامٍ
 بعيدينَ عن حافةِ الأرضِ. . .  عن جسدِ الهاوية
في اليوتوبيا نسبِّح لله باسمِ الحياة
نُدبِّج مدحاً رقيقاً له
/كم نحبك كمْ يا الذي أنت فينا
وأقرب منَّا إلينا
إلهاً نصدِّقه ونكذِّب أنفسنا
ونصادقُ رغبته . . . .
ما تخليت عنَّا غداة اشترانا يهوذا الرجيم
وساق قوافلنا في سدوم الجميلةِ . . . . لا
 نريد سدوم الجميلة بل فسحةً في ربى جنتكْ /
 
             13
 
في اليوتوبيا نذيبُ الحجابَ الذي بيننا والإلهْ
بدمعٍ ضعيفٍ ونمشي على حافةِ الصلواتِ . . . .
إلى الأبدية . . . . لا ننحرفْ
 
             14
 
قال لي مرةً شاعرٌ :
القصيدة أنثى تراودني في العشيَّات عن نفسها
ولكنني ساقولُ : القصيدة غيبِّية الروحِ
حسِّيةٌ في تشكُّلنا.. أحرقتْ نفسها قبلةً قبلة ًفي مهبِّ الصدى
القصيدة خلق المجرَّدِ في ذاتنا. . . .  سرُّ معنى نبيلٍ لعشقِ الحياةِ سُدى
والقصيدة عشبٌ جريحٌ على هامةِ الأبدية ينـزف أحزاننا والندى
قال لي آخري
 
 
             15
 
أتلاطم بالحبِّ أو باشتهائي الجمال الممضِّ كزهرة أفعى. . . .
تهدهدُ جسمي بحيراتُ من لذةٍ لا تُسَمَّى
الأعاصير تملأ رأسي تخضُّ دمي
يتوَّسلُ  قلبي بشعر سفوكليس أو بنشيدِ سليمان أو يتسوَّلُ بالحبِّ
أو بالجمال الممضِّ كزهرة أفعى... ويسعى
على وجههِ في دهاليزِ قصر الأميرةِ في عالم ٍثالثٍ للمجازِ.....
 
             16 
 
في اليوتوبيا. . . . 
تستحمُّ النجوم بعينيك إذ يستحمُّ بعينيَّ عبَّادُ شمسكِ
والمفرداتُ. . . .  تصيرُ نوارسَ أعلى فأعلى تطيرُ
على ساحل الروحِ في الزمن الكوكبيِّ الفضائيِّ حتى الحريرُ
استحمَّ بكفيك من غدِ ماضيهِ حتى الحريرُ
 
 
             17
 
في اليوتوبيا. . . . أستعيدُ غموض الشعور / الحنين الممضَّ
إلى زمن لاحقٍ كنت فيهِ......
توزَّع وجهك في الأبيض المتوسِّط مثل زهور الشتاء المحمَّل ِ
بالفتيات الجميلاتِ.......
لا زمني  يستطيع الخروجَ ولا زمنكْ
من دوائر دمّي ودمّكِ في زرقة العاطفة
....................
 أستعيد البروقَ التي أينعت فيَّ من قبلُ
والزمن الكهربائيُّ يملئني بالرؤى الخاطفةْ
أستعيد الهواءَ الذي كنت عبَّأتهُ أمس بالقبلاتِ.. وأودعته طعمَ حرِّيتي
الهواء الذي صار يبكي بدمع قطيعِ الطيورِ المهاجرِ عن جنة وارفةْ
أستعيد بحرفين سرَّ الحياة ولذتها المرّة الخائفةْ
أستعيد الحنان الأُنوثيَّ في شبقِ العاصفةْ
 
             18
 
سأجلس يوما وحيداً على شرفة الأبدية دون رجاءْ
ودون حراكٍ... أفكرُّ فيكِ... أحدّقُ فيما
تكسرَّ في قلبنا من زجاج الهواءْ
أحدّقُ في زمن هاربٍ مثلَ قيصرَ دون مساءْ
إلى أن يجىءَ الشتاءْ
بدموعٍ نسائيةٍ  ينحني تحتها قلبنا
قلبنا واحدٌ واحدٌ واحدٌ في دموعِ الشتاءْ
 
             19
 
تتراكم فوقي سماواتُ لا طعم لي ولها.. يتوَّضأ سرب ملائكة ٍ
طيّبين بحزني. . . .  يضيئون ظلِّي بنرجس أحلامهم وبليل المجاز الشتائيِّ
يأتي ابن عمار طيفاً لماء القصيدة. . . .  أندلسٌ فيه عطشى ومسجونة ٌ
مثل روحك في جسدي
يأتي ناظم حكمت. . . . يشرب قهوته بالنبيذ ويذهبُ
برقاً خفيف الأماني على القلبِ
يأتي غرامتشي يشاطرني غرفتي والفراشَ وقنديل حرِّيتي الذهبيَّ
 إلى الصبحِ..... أما أنا... فسأنفضُ عن شِعر نلسون مانديلا دمع الندى
المتحدِّرِ من عالمٍ آخرَ للبنفسجِ نحو فضاءٍ بلا قبلاتٍ
وليلٍ بلا شرفاتٍ
تنامين وحدك فيهِ
وأنثى ملاكٍ تنامُ على نومِ سجني هنا . . . .
قمرٌ أحمرُ في أصابعها كان يركضُ مغرورقاً
بنشيدِ الأناشيد. . . .
آن لنا أن نهذِّبَ ما فاضَ
عن ليلنا من كلامٍ
لنظرة إلسا. . . . وآن
 لنا أن نرّتب ما فاض
عن  روحنا  من  خزام ٍ
أليفٍ  على أيطليْ  ظبيةٍ أو حمامْ 
 
               20
 
تمشين  أنتِ  على الأمواج  حافية ً
والبحر مشتعلٌ بالنرجس  الكابي
وترجعين  وصيفُ الحبِّ  زنبقة ٌ
ينمو سنا  الثلج  فيها فوق  اهدابي
غسلت  بالنارِ عن قلبي أناملها
وراح  ينزعُ  عنها  الماءُ  أنيابي
 
                21
 
فسحةٌ أرى صوتَ أوريديس فيها...
أرى  ملء قلبي الهبوبَ المقفَّى لطيرِ خطاكِ
على حيرتي في القصيدة ِ
أو عزلةِ اللونِ  فيها على قمر ٍ  من  هلامْ
******

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات