القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: نزيه أبو عفش أخلص للشعر كإخلاصه للنبيذ

 
الأثنين 26 كانون الثاني 2009




بقلم: فتح الله حسيني

الشاعر السوري، نزيه أبو عفش، من أهم الشعراء السوريين المقيمين حالياً في سوريا، ولم يخرجوا منها، إلا نادراً، لحضور مهرجانات تؤرخ للشعر، للشعر وحده، حيث الشعر حصانة أبو عفش، التاريخية، والى الراهن، وظل أبو عفش كما القليلين من الشعراء والمبدعين، الذين واكبوا روح القصيدة، لكي لاتتفتت تلك الروح، ولكي لا تتمزق أوردة الكلمات على مقاصل اللامبالين بالشعر، هو إذا أحد أهم المواكبين لثقافة عصر، كان حاضناً للشعر، وظل أبو عفش مخلصاً للشعر، كما إخلاصه للنبيذ.


عندما يحّن الشاعر نزيه أبو عفش، الى الروح المقدسة، والى جلساء، ربما ماعادوا حضوراً، أنما ينشد للروح، كما يقول في كتابه، إنجيل الأعمى، الصادر عن دار الآداب البيروتية:
لا تشهق/ يا روح أبيك العالي/ يا روح أبيكَ النائم/ يا درَّة روحِ أبيك/ لا، يا ذا الجالس يتبسم في أيقونته/ لا تشهق/ هو ذا بيت أبيكَ الأزرق/ لا يلبثُ أن يغرق..
يلاعب أبو عفش القصيدة، كما يلاعب روحاً تائهة، وقد عثر عليها مجهول في عتمات غابة، أو في ردهات قصر فاره، يغضب، يضحك، يبكي، يخاطب القديسين كما يخاطب منشدي الأعراس، ويشبه، ولا يشبه، وتظل للكلمة معناها الحر الحار، غير المقسم، في اللفظ وفي المبني، ويظل هو هو لا شئ سوى نفسه الحائرة في التأمل وفي سبر أغوار التأمل الانساني:
يا أبتِ/ لست ابنكَ، لستُ حفيدكَ، لستُ وريث خطاياكَ، ولا منشدَ أعراسِك، لست أخاكَ ولا عبدك، لا القديس ولا الخاطي، لست يهوذا النادم يتمرغ تحت صليب يسوع كي يطلبَ غفرانَ يسوع..
ولست يسوع لكي أمنحَه مغفرتي./ لستُ سوى نفسي.../
ولد الشاعر نزيه ابو عفش في مرمريتا بمدينة حمص السورية العام 1946 ، وصدرت له، على مر كتابته للشعر الجميل، حصراً، العشرات من المجاميع الشعرية التي لاقت رواجاً وصدى واسعاً وفي نفس الوقت سجالاً أدبياً بين مختلف الأوساط الثقافية سواء داخل سوريا أو خارجها، من حيث الألق الذي يضفى على قصيدته التي يحبكها كما يحبك ضفائر للفتيات الجيملات، ومن أهم مجاميعه: الوجه الذي لايغيب في العام 1967 ، عن الخوف التماثيل،  الله قريبا من قلبي،  أيها الزمن الضيق أيتها الأرض الواسعة، الله يبكب، ما بين هلاكين.
أوان رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير، محمود درويش، المفاجئ، عن دنيا النبيذ والشعر والألفة ووسعها، وعن الخديعة ومكائدها، وفلسطين ومآسيها، والمسارح وجماهيرها، وجماهيره هو، جماهير قصائده التي ظلت تدق أجراس الخطر، وأجراس المحبة، وفي الذكرى الأربعين لصديقه الراحل درويش، قال نزيه أبو عفش "لن أسمح لنفسي قول كلمة رثاء واحدة، حيث افتتح الشاعر أمسيته الشعرية، التي جاءت ضمن المهرجان الثقافي الفلسطيني الرابع في العاصمة السورية دمشق،، ليضيف بلا توقف "أن ذلك سيلزمني استخدام كلمة كان"، هم الشعراء، يحزنون بملئ دمهم ودمعهم على ما فات، و"كان"  بحروفها الثلاثة، مفردة تدل على ما مات وما فات....
أبو عفش، الذي لاتشرق الشمس من أجل تجفيف غسيل أمه، كما يقول، وتظل لعبة الخسارة ماثلة أمام ناظريه، حينما يضع الشخص المغامر إصبعه، بشكل ارادي، على الرقم السابع والثلاثين في لعبة الروليت، هو نفسه، الشاعر، الذي يشتكي لليل الذي يحبه، بشكل أعمى، أعمى مفرط، ليظل انجيله أعمى، ويؤلمه، تماماً أن الليل وحيد وحزين، وأن الباب المغلق بوابة قبر وفكرة موت:
يؤلمه أن لا أحدٌ في الليل
يؤلمه أن الليلَ وحيد وحزين، يؤلمهُ أنّ الليل، يتألمُ في وحدته..
ألباب المغلق يعني/ أن حياةَ الإنسان انقَفَلت بالكاملِ/ الباب المغلق بوّابة قبر/
ألبابُ المغلقُ يعني: وحدكَ، في مجلسِ وحدِكْ/  ألبابُ المغلق فكرة موت.
يظل اسم الشاعر السوري نزيه أبو عفش يزخرف خارطة الشعر العربي المعاصر، بإرادة أو لا إرادة، وهو الذي غنى للشعر، وهتف باسمه، ودافع عنه/ مراراً وتكراراً في أصعب وأحلك مراحله وظروفه العصية على الفهم، على الرغم من أن الشعر لم يك يوماً خبزاً للجياع، ولا دواءً للمرضى، ولا مأوى للمشردين، ولكنه أفرط في أن أوصل بعض عشاقه، عشاق الشعر، الى حد الإعياء.
أبو عفش، الشاعر، الى جانب الشعراء سليم بركات، ادونيس، ممدوح عدوان، تشكل أهم أسماء سورية غردت خارج حدود سوريا كما صفقت لها أياد ودور نشر عربية وعالمية خارج جغرافيتها.

صحيفة (الإتحاد) بغداد

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 3
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات