القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

حوارات: حوار مع الكاتبة والشاعرة الأديبة السورية الأسترالية راغدة السمان

 
الأثنين 10 تشرين الاول 2022


حوار : نصر محمد /المانيا 

(يكفيني فخراً أنني لُقبّت بالسيدة الدمشقية أن أحمل إسم وطني الأم أينما حللت) 
(الحب صفة من صفات الوعي الإنساني ولا يزال الحب أقوى من الحرب لأنه من الله، أما الحروب صناعة بشرية) 
(لا تقوى النفس إلا بالعزلة والخلوة بصومعة الذات بمعزل عن الناس فالسلام الداخلي ينتقل إلى الفكر والجسد والروح والممارسة اليومية). 
(الحب سرّ إلهي يُعطى في كل ذات على حسب وعيها وما يليق بها..) 
(أستراليا وطني الثاني أرض الجمال والعمل والحرية الفكرية  والانفتاح على الآخر والعدالة والمساواة في الحقوق). 
(الفن التشكيلي والشعر وجهان لعملة واحدة) 
(نأمل جميعنا أن تكون أوطاننا آمنة ليعود كل مهجّر ومغترب إلى مسكنه)
(ثقافة القتل والإبادة لم ولن تقتصر على دين أو عرق او ملّة..هي ثقافة أساسها الرغبة في إنهاء الآخر لأسباب عديدة).
(ليس هناك دين يمنعك أن تحرر نفسك وعقلك وروحك من كل الموبقات الأرضية  المادية لتسمو  بأفكارك وتكرس حياتك لخدمة الآخرين  بلا قيود ولا مصالح) 


*راغدة السَّمان أديبة وكاتبة للقصة القصيرة، والشِّعر
-كاتبة وشاعرة سوريّة أسترالية. 
- تخرجت من كلية الآداب قسم اللُّغة الفرنسية-جامعة دمشق. 
- درست اللاهوت من بطريركية الملكيين الكاثوليك- دمشق. 
- حائزة على شهادة الغراند ماستر في الرِّيكي الياباني من مدرسة حامل المسك لعلوم الطَّاقة الحيوية والإنسانية -دمشق
- نالت شهادة مدربة، ومعالجة في رموز الرِّيكي الياباني، والكوني، والهندسة المقدسة من الأكاديمية البريطانية. 
- تهوى الرسم والتصوير الفوتوغرافي 
- شغلت منصب مديرة شركة داري للنقل البحري- دمشق
- مسؤولة الشُّؤون الأدبية، والثقافية في المنتدى الثَّقافي الأسترالي العربي- سيدني
 - تكتب باللغة العربية، وتنشر نصوصها ومقالاتها في جريدة التِّلغراف الأسترالية، ومجلة عرب، ومجلة المثقف- أستراليا، كما تنشر كتاباتها على منصات التواصل الأجتماعي، وفي بعض الصحف الإلكترونية. 
- لها مجموعة كتب ستصدر قريباً :
١-حروف قلب.
٢ – رفيف.
٣ -الذَّات الإنسانية.
- سبق لها ان شاركت في ديوان شعر تشاركي بعنوان ( طيور مغادرة). 
- مقيمة بأستراليا منذ سنوات. 

*   راغدة السمان شاعرة وكاتبة سورية مقيمة بأستراليا معروفة في الوسط الثقافي، والقارئ بحاجة ان يعرف من هي راغدة الشمان الشاعرة والإنسانة... 

- تولد مدينة دمشق من بلدة صيدنايا التاريخية والعريقة والتي تعود إلى القرن الخامس الميلادي وتعتبر المحج الثاني بعد كنيسة القيامة، لوجود دير سيدة صيدنايا الذي يعتبر من أهم الاديرة المسيحية المعروفة في العالم. 
أفتخر بجذوري وأرضي وتاريخي وبأبناء بلدتي الذين عرفوا بشهامتهم، وطيبة أخلاقهم وعنفوانهم، ومن اهم مواقفهم التي سجلها التاريخ هو التكاتف يداً واحدة منذ بداية الحرب على سوريا، وردع الهجوم العنيف الغادر والسافر على البلدة بجهود شيبها وشبابها ونسائها
بحراسة مناوبة ٢٤ ساعة، وكان الدعم المادي والامدادات لم تنقطع من ابنائها الغيورين في بلاد الاغتراب ....قدمت صيدنايا مئات الشهداء والجرحى والمفقودين..
من هي راغدة السمان عرفينا عن نفسك --؟ سؤال أبتعد عن الإجابة عليه غالباً..واترك  الفسحة للآخرين الإجابة
وألخص ذاتي الإنسانية بالتواضع والمحبة الغير مشروطة لجميع الكائنات التي تشاركنا الحياة على سطح الكرة الأرضية، ولم أتمنى يوما إلا أن أكون"أنا"
وبحسب ما كتب على معبد أبولو في اليونان بزمن أبا الفلاسفة سقراط (كن نفسك) 

*  قرأت  لكم مقالاً حمل عنوان ( شظايا وطن ) على صفحات جريدة تلغراف الأسترالية، تقولين في بدايته
"الف حكاية وحكاية ...
آلاف الدمعات ...
مذابح .. ارمن .. يزيديين .. اكراد .. سريان .. اشور .. تشتت يعم اراضي ومناطق وقرى الشمال، التي كان اهمالها ملفت". 
لوتحدثينا متى كتبت هذه المقالة ؟ وماهي مناسبتها ؟ وما الرسالة التي تريدين ارسالها من خلال هذه المادة الطافحة بالأنسانية  ؟

- كتبت هذا المقال ومقالات مشابهة عديدة تصب في نفس خانة الروح الانسانية في زمن ساد فيه القتل والعنف على الرحمة ...في وقت تعاظم فيه التهجير والتفجير، والتشريد في بلدي سوريا، وكذلك في العراق، ثم عادت بي الذاكرة إلى عقود سابقة حيث محاولات الإبادة ومجازر الأرمن والأكراد والسريان والآشور  والتي يعرفها الجميع ..
مقالات عن أحداث جرت من أشخاص جمعتني بهم منتديات وفعاليات في المغترب من المهجرين ،أبناء المناطق المنكوبة ومن ابناء الجالية الكورد والايزيديين وغيرهم ،،
رسالتي من هذا المقال تقول، أن ثقافة القتل والإبادة لم ولن تقتصر على دين أو عرق او ملّة..هي ثقافة أساسها الرغبة في إنهاء الآخر لأسباب عديدة. 
مذابح لا يكاد يخلو منها بلد تمّت على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو إجتماعي أو سياسي أو نفسي .. ولم ينج منها أي دين ولا عرق ولا طائفة ولا مجتمع. 

 *  أن تكوني امرأة مثالية فتلك معضلة، فكيف اذا قيض لك ان تكوني شاعرة وكاتبة، برأي راغدة السمان من هي المرأة المثقفة ؟ وهل تهتم المرأة الأسترالية بجوانب تثقيفية متعددة، ام فقط ضمن مسار التخصص؟. 

- المرأة المثقفة هي التي تعي احتياجات ومتغيرات  حياتها الخاصة والمجتمع الذي تعيش فيه والعالم الذي يحيطها ثم تبني تصرفاتها وسلوكها وكذلك نتاجها الفكري والعلمي بناءا على هذه الاحتياجات وتلك المتغيرات .
بالنسبة للمرأة الأسترالية في الحقيقة لم اكون فكرة واضحة وشاملة عنها، لكن ضمن معرفتي المتواضعة المرأة الأسترالية تتجه في مسار تخصصي وليس شمولي...هناك إختلاف ومفارقات كثيرة .

 *  راغدة السمان مارأيك في كتابات المرأة ؟ كيف تقيمين هذا التصنيف أدب المرأة أزاء الأدب كما هو، فليس ثمة مصطلح او تعبير مفاده أدب الرجل.. ؟. 

- ليس هناك مايسمى بأدب المرأة بالنسبة لرأيي الشخصي، فالأدب نتاج إنساني تساهم فيه المرأة مع الرجل كل حسب رؤيته ومفاهيمه الشخصية ومبادئه  وطبيعة ثقافته .
لهذا لا نجد مايسمى بأدب الرجل كنظير لما نريد أن نسميه أدب المرأة.
فنحن كبشر ذكوراً أو إناثاً ولدنا من رحم واحد متصل بحبل سرّي مع الأم وبأي بقعة من بقاع هذه الكرة الأرضية ...
وما علينا نحن سوى أن نضيف على كتابتنا شعراً كان أو مقالة أو قصة شيئا من إنسانيتنا المغلفة بالرحمة والرجاء والمحبة لجميع  العالم.

*  الأنسانة السورية ،الدمشقية تحديداً، كيف تعيشين الغربة وانت بعيدة عن جذور  ثقافتك العربية والسورية ؟ كيف تجدين تأثيرات الهجرة والغربة على كتاباتك؟.

- جذورنا السورية تمتد وتتشعب على امتداد الجغرافية في أعماق أي أرض بقدر ما نعيش عليها ..عندما أُقتُلعنا من أرضنا لنرحل أتاني قول للإمام علي: "أهناك أشد من الموت؟
قال نعم : فراق الأحبّة أشدّ من الموت" ..هذا ما افتقدته  في غربتي ..
رحلة الحياة  قصيرة ولا تنتظر طويلا..علينا أن نزهر ونثمر ونتابع المسير فحمل الماضي ينهك ويقطع عليك التقدم والوصول فقد تألمنا بما فيه الكفاية 
أستراليا وطني الثاني أرض الجمال والعمل والحرية الفكرية والانفتاح على الآخر والعدالة والمساواة في الحقوق .
أستراليا أزهرتِ فيكِ
أستراليا الأمان والسلام 
وطيب الرفقة والأصحاب..أعيش بين نكهات مجتمعية مختلفة الأعراق  والأديان والألوان واللغات وما يجمعنا هو الإنسانية والإحترام ، فأنا أعيش أياما شرقية دمشقية بمذاق قارة جنوب الأرض الأسترالية.

*  دراستكم اللاهوت، وتعمقكم في علوم الطاقة، لفهم مسارات الحياة، هذه الدروب الجميلة والفسيحة لفهم الكون والانسان،
كيف يمكنك مقاربة العلاقة بين الكون والانسان، بين تعلقه بأمكنة دون سواه وسط هذا الكون الفسيح، واريد منك تحديداً ان تتحدثي عن علاقتك بالأمكنة في تنقلاتك واسفارك؟. 

 
- كل شيء يتعلق بالروحانيات  والميتافيزيق اي علوم  الماورائيات تشدني من خلال دراستي لعلم اللاهوت الذي فتح أمامي أبواب لا حصر لها  فكانت مواده غنية وشاملة بالعلوم وكانت مادة الفلسفة تسافر بي بعيداً نحو بلاد الإغريق، والفلاسفة اليونان، وقد ابحرت بعالم من الحكمة وأفكار غير قابلة للتعليب ومحاكاة العقل "أنا أعرف أنني لا أعرف شيئا.."
أما دراستي لعقيدتي المسيحية والعلوم الانسانية وطاقة الحياة، فتحت لي أبواب العرش السماوي والطاقة الكونية والحياتية والاستنارة الروحية والذوبان في الذات الإلهية بنيت لنفسي صومعة مختلفة عن مفهوم مغاير تماما عما يعتقد البعض من أن علوم الطاقة الانسانية تتعارض مع الدين .،،
ليس هناك دين يمنعك أن تحرر نفسك وعقلك وروحك من كل الموبقات الأرضية  المادية لتسمو  بأفكارك وتكرس حياتك لخدمة الآخرين  بلا قيود ولا مصالح ..
وكما الاديان لها وصايا، 
الكون له قوانينه فنحن نعيش في عالم متحرك كل شيء بداخله مرتبط ومتصل بذبذبات .
علاقة الكون بالانسان لا تتجزأ فأنت "جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر .." 
واينما كانت وجهتي وفي أي مكان زرته من مدن هذا العالم كان يسجل في الذاكرة وكنت أتمنى أن أعود أليه مرات ومرات ألتحم بالأماكن وتصبح كأنها جزء من حياتي وعلى الأخص تلك الأوابد التي تحمل تاريخ وحضارات وأساطير الأقدمين...لاتشدني الأبنية الحديثة التي خلت من الروح هي فقط أماكن تجارية مادية إستهلاكية ..

*  الديوان الشعري التشاركي الذي حمل عنوان"طيور مغادرة"
ومن خلال عنوانه كعتبة نصية ندرك انه يحمل نصوصا، تتحدث عن الغربة وعن الشوق والحنين، وهي ذاتها سمات الأدب المهجري خلال القرنيين الماضيين،
هل يمكن ان نطلق على مجمل الكتابات الحالية مصطلح الادب الأغترابي الجديد، وهل هو فعلاً ادب مهجري جديد يحمل سمات أدب المهاجر كما كان عليه الامر قبل عقود من الآن؟

 
- الديوان التشاركي "طيور مغادرة"كان نقلة جديدة في أدب المهجر بمشاركة ٦ شعراء من لبنان وكنت السورية الوحيدة من ضمنهم، وكان مفاجأة لبقية المنتديات الاغترابية، ويفضلوا أن يكون لكل شاعر كتابه الخاص الذي يحمل إسمه ..عملنا بقلب واحد وبكل حب وتسامح .
 الغربة تلّم وتجمع ولهذا كما تفضلتم بالسؤال عن الأدب المهجري الجديد هو كذلك مثله الذي كان قبل عقود من الزمن حيث شهد العالم نتاج المثقفين العرب ممن هاجروا إلى الأمريكتين وكان جلهم من الشرق الأوسط ومن هؤلاء الرواد: جبران خليل جبران، ندرة حداد، عبد المسيح حداد، ميخائيل نعيمة، سلمى الصايغ، مريانا فاخوري، وربما ما ميز الشعر في تلك المرحلة هو نفسه من آهات الحنين ولوعة الفراق إلى ملاعب الصبا وديار الأجداد  ...

*  عطفاً على السؤال السابق، كانت الرابطة القلمية من ابرز الجمعيات اوالمنتديات التي جمعت وربطتت بين ادباء المهجر في الأمريكيتين، ماهي المنتديات والجمعيات التي تنشط في استراليا، وكيف يمكن ان تحدثنا عن الصحافة العربية او الاعلام العربي في استراليا؟.

 
- منتديات عديدة ناشطة في معظم ولايات أستراليا وأكثرها فاعلية هي منتديات سيدني التي تضم عشرات المنتديات والجمعيات الثقافية وتضم كافة الجنسيات من الوطن العربي والأكثر فعالية من حيث المشاركة والعدد هم الجاليات اللبنانية والعراقية المصرية الاردنية والصحافة العربية والمجلات والاعلام أيضا لدينا الحرية الفكرية الكاملة والميدانية لتغطية كل حدث على الساحة السياسية أو الرياضية او الاجتماعية او الأدبية ..
ومن أهم الجرائد والتي حازت على المركز الأول  ولعدة سنوات هي جريدة التلغراف، ورئيس تحريرها الشاعر والإعلامي أنطوان قزي ولي فيها عامود أنشر فيه قصص قصيرة ومقالات اجتماعية هادفة ..بالإضافة إلى منشوراتي في مجلة "عرب أستراليا" وعدد من المجلات الالكترونية  الشهرية ..

 *  لكم ثلاثة مخطوطات أدبية تحمل عناوين لها علاقة بالروح العميقة، وبالتعاطف الانساني المتجه نحو المصالحة مع العالم والذات التي تسكننا او التي نسكنها.. "رفيف" و"حروف قلب" و " الذات الإنسانية"  إلى أين تقودنا هذه العناوين البهية؟ 

- " رفيف"
"حروف قلب"
"الذات الإنسانية "
أقول لا قيمة للأشياء خارج حدود الحياة الداخلية للإنسان، لا قيمة لإنسان بلاروح راضية مسالمة تبث فيه الطمأنينة..لروح تمتزج بروحك ونفس تشبهك تحتضنك وتحبك وتخاف عليك..إحتضنت نفسي بإيمان قوي وتشافيت من إنكساراتي بقوة الله وبقوة الحب ..ولا تقوى النفس إلآ بالعزلة والخلوة بصومعة الذات بمعزل عن الناس فالسلام الداخلي ينتقل إلى الفكر والجسد والروح والممارسة اليومية...
ومن هنا أتت  تسمياتي  "رفيف"رفيف الكلام ونعومته, حُسنُ الأخلاق، الرقة، وقد إخترته اسما لديواني الأول لأنه يحمل اسم ابنتي الأولى والتي جعلتني أحمل أجمل لقبين أماً ومن ثم جدّة .. وقد إخترت هذا الإسم لأنه جزء من " النشيد الوطني السوري رفيف الأماني وخفق الفؤاد"
أما "حروف قلب" فهو نصوص من حروفي التي تنبع من وريد القلب فتلوّنها بألوان الطيف والنور..
"والذات الإنسانية" أن يكون الإنسان نفسه ويكّون شخصيته ويقدسّها ويحترمها كماأمرنا الخالق  "خلقنا الله على صورته ومثاله"
"قدسوا أجسادكم لانها هياكل للروح القدس"
وهو كتاب يتحدث عن القوانين والوصايا والسر المقدس لإسعاد النفس، والمقاربة بين الدين والسلام والأخلاق بنفحات تأملية أدبية وعلمية وفلسفية ودينية والسبيل للوصول إلى النقاء النفسي .

*  دفعني فضولي ان ابحث قليلاً في صفحة الشاعرة والكانبة راغدة السمان وان اتابع من هنا وهناك قصيدة بعنوان ( مراثي الغياب ) من مجموعتك الشعرية ( رفيف ) تقولين فيها : 
 "شرفة زرقاء
 وليلة قمراء
استحال درب المِجَرة 
إلى شفاه...
تَلتَهِم النجوم تِباعاً
يلثم خد القمر  "... 
تقتربين جدا من الرسم بالكلمات، هل تسكنك روح فنانة تشكيلية؟.. وكيف تفسرين العلاقة بين الصورة الفنية والصورة الشعرية؟ 

- الكاتب، الشاعر، الفنان، الرسام أرواح باطياف لطيفة كالفراشات. 
لطالما كان الفن التشكيلي والشعر وجهان لعملة واحدة ففي الديوان المشترك "طيور مغادرة " كنا نختار لوحة فتلهمنا للكتابة عنها..تراها عيوننا ويترجمها قلبنا ..
وأنا هاوية للرسم والتصوير وكم أقدم الشكر لحسناء جنوب الكرة الأرضية التي حققت لي الكثير منها ممارسة هواياتي المتعددة وأهمها الرسم والتصوير فحين أشعر بالفقد أحمل التلسكوب والكاميرا وألاحق الفراشات وأحتضن الأشجار  وغيمات الشفق .. وأراقب دورة القمر ... عندي تجارب في الرسم، ولي عدة لوحات بالألوان الزيتية على كانافاس ولوحات بأقلام  الرصاص والفحم  .

 *  العزلة، والصلاة، والتأمل
ولنضف ايضاً الكتابة
هل يمكن ان تكون ممارسة الكتابة عاملاً رابعا، او مكونا مربعاً يحاول أو يسعى للتدوير، حيث الكون الدائري التواصلي المستمر..
ضمن هذا المسار كيف يمكن ان تضعنا الكاتبة، والمفكرة راغدة السمان في صورة كتاباتها ورؤيتها للكون الجغرافي والأنساني؟

 
- العزلة، الصلاة، التأمل، الكتابة،ماهو إلآ إطار يحتوي الجسد ...أما الروح فهي وسع المدى لا يحدها زمن ولا مسافات وأستمد منها كتاباتي التي تنزل بأشعة ذهبية من مصب إلهي يثري فكري ويلهمني حنينا وثراءً، ونتاجاً أدبياً من عصارة ألم وشوق ولوعة.

*  الهجرة.. من الشام، حيث حمائم الاموي، وساحة المسكية المترعة بالعطر والدفء، إلى سيدني تلك البلاد التي تشبه الحلم، تلك البلاد القابعة بأتساعها المدهش ماوراء  بحار سبع،.. كيف يمكنك ان تتحدثي عن المدينة دمشق
واين هي دمشق من كتاباتك.. ؟

- يكفيني فخراً أنني لُقبّت بالسيدة الدمشقية أن أحمل إسم وطني الأم أينما حللت  ..
فالنوافير والبلابل وصحون القيشاني وزخارف  الموزاييك، وأباريق النحاس، والسماء الزرقاء المكللة بالغار وعرايش العنب ومساكب الياسمين في بيوت دمشق القديمة تروي قصص عشقي ..وهل مرايا باب توما نسيت وجهي؟ هل سرق المنافقون مكتبتي وأشعاري وطاولتي واستباحوا فراشاتي وعصافيري...
كتبت فيك الكثير يا عشقي 
"يا بوابة التاريخ يا دمشق 
يا مرقد أجدادي
يا قصيدتي التي لم تكتمل 
كشرنقة 
قتلت 
قبل أن تبصر النور"

*  اللغة الفرنسية وأدابها، تاريخ عريق من الشعر والرواية، والادب السياسي حملته هذه اللغة عبر اقلام مبدعة وعبقرية،
ما رأيك بعملية الترجمة، ذاك الجسر الذي انتقلت فلسفة وهسيس اللغات عبره عبر التاريخ؟ 
وهل لك كتابات بالفرنسية؟ وهل ثمة عمل تفكرين بترجمته للفرنسية.. وانت تقيمين في قارة تتحدث الانكليزية.. وطالما نحن هنا وفي محور اللغات حبذا لو تحدثينا عن تأثير دراستك لآداب اللغة الفرنسية على اسلوبك الأدبي وثقافتك العربية ايضاً؟ 

- لدي بعض التجارب الشعرية المتواضعة في اللغةالفرنسية وهي الأقرب إلى الشذرات والومضات. 
بالنسبة لأعمالي الشعرية منها أو الكتابية لا أفكر بترجمتها لأنها تفقد رونقها والروح التي تسكنها وسحر الكلمات العربية وجذالتها..
اللغة الفرنسية لغة راقية وعريقة تعرف بلغة الصالونات ولغة الحب ولها أناقة باريس وعطرها، وأبنيتها، متاحفها، كاتدرائية نوتردام، قصورها، وشوارعها العريقة
وبالمختصر باريس هي مدينة العشق كما دمشق دراستي للأدب الفرنسي له أثر كبير ومحطة هامة بالإنفتاح على أدباء وفلاسفة التنوير الفرنسيين أمثال: "فولتير" الذي رفع شعار العلم فوق الخرافات...
"فيكتور هيجو" وحضور مدينة باريس الباذخ في كتاباته الروائية ،بودلير ، سارتر، البير كامو ، دو بوفوار التي وضعت حجر الأساس للحركة النسائية الحديثة...
وتبقى جذوري الدمشقية ولغتي العربية هي من تأخذ الحيّز الأكبر من مجمل الثقافات الأخرى فالبيئة، ومرابع الصبا تشكّل المكون الأصلي لبنّية الإنسان وإمتداده أينما حلّق وحطّ الرحال،،

*  للحب والعشق المكان الأوسع والأكثر عمقاً في مجمل كتاباتك، 
وتقولين في مكان ما :"الحب صفة عظمى من صفات الوعي، وليس مجرد انبجاس عن الغريزة الفطرية" 
سوريا عاشت ظروف قاسية وحرب قذرة، وهناك في ظل تلك الحرب كانت الأوجاع والآلام، وقصص وفجائع، 
رغم كل شيء، فهناك حب وفي كل مكان ورغم كل الظروف، ماذا يمكنك ان تخبرينا عن الحب في زمن الحرب ومن خلال كتاباتكم ورؤيتكم العميقة ومعايشتكم للحرب، وكمية الحب التي تسكن روحكم الجميلة؟

- نعم الحب صفة من صفات الوعي الإنساني ولا يزال "الحب" أقوى من الحرب لأنه من الله، أما الحروب صناعة بشرية، هذه الجملة في سؤالك دخلت إلى عقر هدف الحزن والألم في نفسي.."وهناك في ظل تلك الحرب كانت الأوجاع والآلام، وقصص وفواجع" 
أقول من شدّة الظلام ينبلج النور ..بعد المخاض العسير تأتي الولادة ...بذور الشر لابد أن تحصى وترمى في التهلكة وفي أتون النار...
لا تخف من إنسان مؤمن عرف قدر" نفسه" وأعتمد على قدراته ولم يمد له أحد يداً لإنتشاله غير يده الثانية... 
هنا إسمح لي ان ادخل فلسفيا ولاهوتيا في النفس الإنسانية التي تحلّ بالجسد عند الولادة وتشكل شخصيته، هي جوهر ذو طاقة ووعي تحدد بصمته في هذا الكون الرائع فالحب سرّ إلهي يُعطى في كل ذات على حسب وعيها وما يليق  بها..
من إنجيل يوحنا "المولود من الجسد جسدٌ هو ، والمولود من الروح هو روح"
كم نحن عاجزين عن إدراك الأبعاد الروحية للحب جاء النور إلى العالم لكن البشر أحبّوا الظلمة...
هذا هو الفرق بين أن تعيش الحب الشفّاف بروح صافية بعيدة عن المصالح الأرضية، وبين أن تعيش الموبقات والفوضى والأرضيات الزائفة والزائلة. 
عراقيل الحياة الكثيرة منعتني لفترة طويلة من الكتابة والعطاء عانيت الأسى بصمت حزنت نفسي حتى الموت لكني كنت على يقين أنّ الكرامة  إن لم تولد معك لا تبحث عنها فهي لا تُّكتسَب فهي أغلى وأسمى من كل حبّ.
وأريد أن أختم بقول للاوتسو : 
"الذهن المفتوح يعني قلبا مفتوحاً"
الطيبة السامية كالسماء  قادرة على ادراك كل الكائنات  ولا تنافس  أحد. 
أما العظيم جبران  يقول:
"لا تحاول تغيير أحد، أبحث عن الروح التي تشبهك منذ البداية".

*  كلمة اخيرة.. نختتم بها حوارنا الجميل مع حضرتك سيدة راغدة السمان القديرة.. 

- أشكر ثقتكم وجهودكم في نشر روح المعرفة والتعريف عن نماذج من هذا العالم  المليء بالإنسانية والرحمة من خلال كتابات ومنشورات واشعار تعطي الدافع للاستمرار في ظروف  نأمل جميعنا أن تكون أوطاننا آمنة ليعود كل مهجّر ومغترب إلى مسكنه. 
"سنرجع يوما خبرني العندليب"

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 2
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات