القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مهن تمتهن الكرامة ؟؟؟

 
الأثنين 16 تموز 2007


لافا خالد

ينتشرون في كل الأماكن المزدحمة, تجدهم على قارعة الطريق, في الأسواق وأماكن مختلفة مهيئون لمباشرة نهار آخر يفترشون الطريق بصف واحد وأحيانا متناثرون ينتقلون هنا وهناك سعياً وراء حذاء يلمعونه و يسدون  خلالها جوع أفواه كثيرة, هم أطفال وشيب وشباب أيضا, حرفتهم سهلة عملياً ومؤلمة معنوياً بالنسبة للكثيرين منهم,عدتهم بسيطة صندوق الأحلام الخشبي وخرق بالية وألوان البويا المختلفة للتلميع وجوههم مبتسمة دوماً يسألون في كل شيء يدخلون مع الزبون في متاهات قضايا مجتمعهم الكثيرة


إنهم ماسحي الأحذية أو /البويجي/ الذين قادتهم ظروف مختلفة إلى هكذا مهنة أدرجتها المنظمات الحقوقية الدولية بالمهن التي تمتهن كرامة الإنسان تتجاهلهم وسائل الإعلام, أعدادهم في تزايد, تكافحهم الجهات المختصة لسبب وآخر يعانون الفقر والعمل في ظروف صعبة مطاليبهم بسيطة لم تقم منظمات المجتمع المدني بدورها تجاههم فهي منغمسة في السياسة وأية سياسة, كان الفضول عندي شديداً ومنذ زمن بعيد أن أخالط أصحاب هذه الحرفة حينما وجدت دوريات مكافحة  بسطات الشوارع وماسحي الأحذية  تلاحقهم لأتساءل بيني ونفسي , لما هذه المهنة , كيف يتعامل ممتهنوها معنوياً بمسح أحذية الآخرين وإن كان القصد هو الرزق , هل يخجل أصحاب الحرفة من مهنتهم , كيف يتعامل معهم المجتمع والجهات الحكومية هل هم يطأطئون رؤوسهم للأسفل أم لاشموخ للذين يتعاملون مع الأحذية العابرة كما وصف أحدهم

بدنا نقابة

ابو ياسر وفريقه الكبير الذي يفترش طرقات البرامكة التي تتفرع إلى العاصمة في البداية هربوا من الكاميرا ظناً إننا صحافة حكومية ونشر صورهم تعني قطع الأرزاق بطريقة وأخرى أقنعناهم إن البحث هو بقصد تسليط الضوء معاناتهم ومعرفة مطا ليبهم, بعضهم حمل عدته ولم يسمحوا لنا بالحديث معهم أو تركوا الأمتعة وذهبوا بعيدا خوفاً من التقاط صورة للصحافة 
 بدأنا مع العم أبو ياسر الذي يتكلم بلسان ثقيل ويبدو إنه لا يسمع كثيراً أيضا  فتح شهية الآخرين ليقولوا مطالبهم ويتناسون معها المعاناة يقول هو فقر الحال الذي دفعني أن أمسح أحذية الآخرين أعمل في المهنة منذ سنوات طويلة وولديّ تركوا المدرسة ليرثوا المهنة,  نريد أن تكف دوريات الشرطة عن ملاحقتنا يقولون إننا نسيئ للوجه الحضاري للعاصمة ونحن لا نريد أكثر من أن يخصصوا لنا أماكن معينة أو يساعدونا بفتح  محلات صغيرة كي نتقي الملاحقة المتكررة لنا ونهرب بأمتعتنا أو نتركها في كثير من الأحيان خلفنا خوفاً من الاعتقال وكإننا حرامية أو نسرق بينما نبحث عما يسد جوعنا 
 
أياد  

 شاب في ثلاثينيات عمره  مقعد ,يلعن الظروف الغريبة التي دفعته للمدينة  كي يعمل يويجي هرباً من البطالة والفقر  التي شتت عائلته , لا يشعر بالاستقرار والامان فهو ملاحق من دوريات المرافق وصعوبة وضعه إنه مقعد وهي المرات الكثيرة التي أهين فيها أمام المارة بسبب مهنته من قبل المكافحة , يحمد الله على كل حال ويطالب بنقابة تضمن حقوقهم ويقول إن كنا نخجل من مهنتنا أو لم يكن كذلك هي لقمة العيش التي تجعل الإنسان يعمل في مهن أسوأ مما نقوم به, نحن لانسيئ لمظهر البلد والسياحة, في أوربا سمعت قبل فترة في  إحدى الفضائيات إنها ستفتح متاجر خاصة للحفاظ على هذا التراث فلينظروا إلينا حتى كتراث نحن لا نعارض المهم أن يتركونا نعيش أو يجدوا هم البدائل التي تحفظ آدميتنا والعمل ليس ذلاً طالما هو كسب حلال ولا انتقص من الذي يمسح حذاءه عندنا طالما هو يعاملني كإنسان لا يفتح يده للغير بل يحصل على لقمته بعرق جبينه
ديار القادم من إحدى قرى حلب الفقيرة يتصبب من وجهه عرق كثيرو هو يعمل في صيفنا الملتهب دائماً  ليدخر مصروف دراسته في الشتاء ويفكر بترك مقاعد الدراسة ليعيل والده الذي يصرف على عائلتين بالرغم من المعاملة السيئة من الكثيرين أبناء المجتمع  وحتى من أصحاب المحلات أنفسهم,  يطالب بنقابة أو سوق صغير يضم أرباب الحرفة صونا لهم ولكرامتهم
أما عماد الذي يصف نفسه بالمتشرد كون لامكان واحد يعمل فيه بشكل ثابت,   يعمل مع أخوه في هذه المهنة بالرغم من قسوة الظروف التي مر بها كما يقول ووفاة والده المبكر ليعيل أسرة كبيرة والقدر الذي شاء أن يترك الدراسة ويتعلم وجد نفسه في شارع طويل عريض يرمقه المارة بنظرات مختلفة وآخرون يمدون له الحذاء ليلمعها لم يعد يجد حرجاً في ذلك كما البداية التي فكر أن يدفع حياته تحت عجلة إحدى السيارات الفارهة التي تمر في طريقه , هو الآن متفائل ويعمل ولو بقوت قليل لكن هذا القليل افضل من لاشيء وتراه يستفتح صباحه ليجذب الزبائن بوجه بشوش / صندلي يا صندلي يا صندالي بلمعلك كندرتك عبيلي جيبي ...

أحلامهم والواقع

هم بشر مثلنا لم يلدوا على قارعة طريق ولم ينتشلهم أحد من زقاق ما , كرمهم الله كما كرم كل البشر , هي الظروف والقدر الذي غير حياتهم كي يمتهنوا مهنة وإن أدرجتها أية منظمة بأنها ممتهنة للكرامة الآدمية لكنها مصدر رزق الكثيرين  وإن كانت  هذه المهنة فقط في هذا البلد الشاسع المفتوح على كل شيئ  هي التي تمتهن كرامة الإنسان فسلام عليك يا وطن وانت لا تبوح بما عندك كيف نعاني , مطا ليبهم هو نقابة تحميهم وتحفظ حقوقهم وتجد لهم بدائل أفضل وتلتفت الجهات الحكومية والمنظمات الحقوقية لمعاناتهم المزدوجة النفسية والجسدية معاً

 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 1


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات