القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

قراءة في كتاب: الكورد وكوردستان في كتاب (سياحتنامه)

 
الجمعة 24 تموز 2020


  ريوان ميراني

يُحدثنا المؤرخ التونسي ابن خلدون_ ( 1332_1406م) عن التاريخ فيقول: "بأن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، ولكن في باطنه نظرٌ وتحقيق." والرحالة العثماني (أوليا جلبي - Evliya Çelebi ) (1611_ 1682) أرخ تآريخاً مستفيضاً عن بلادنا تاركاً لنا النظر والتحقيق فيه، إذ أن الجزء الرابع من كتابه المشهور ذي العشرة أجزاء والمكتوب باللغة التركية العثمانية: (سياحتنامه_ Seyahatnâme/ كتاب الرحلات 1655 م) يعتبر من كتب التاريخ الكوردي بعيون جيرانه. يبدء أوليا جلبي رحلته الكوردستانية من ملاطية مروراً بولاية وآن وماردين وسنجار و نصيبين وغيرها من المناطق الكثيرة. ويضم كتابه هذا بين دفتيه ناحيتين مهمتين الأولى أخبار رحلته عن الكورد وكوردستان، ويتحدث فيه عن الجغرافية الكوردستانية بما تشمله من جبال وسهول وانهارٍ وأشجارٍ وثمار وعن الجانب الحضاري للإمارات الكوردية التي كانت شبه مستقلة بما يشمله عُمرانها من قلاع ومدن وبيوت وأسواق ومدارس ومساجد وحمامات كما يتحدث عن العادات والتقاليد والأزياء والأسماء التي كانت سائدة بينهم إبان القرن السابع عشر الميلادي، وما كانوا عليه من تقدم وإزدهار. 


وأما الناحية الثانية فإنها تعطي التفصيلات الدقيقة حول إمارة بدليس والمؤامرة الكبيرة التي خططها الباب العالي وقواده حول إمارة بدليس الكوردية وأميرها صاحب المقام الرفيع والنسب الشريف ( عبدال خان البدليسي) حفيد المؤرخ الكوردي المشهور الأمير شرفخان البدليسي(1543_1603) صاحب الشرفنامه، وما كان يتحلى به من صفات الرجولة والشهامة والفضل والجود والكرم إضافةً إلى تبحره في العلوم وخاصة الطب، والأدب، والتي ظهر من خلال صفحات الكتاب بأن التخطيط للقضاء على إمارة بدليس وأميرها كان نتيجة الحقد والحسد من هذا الأمير الذي نافس العلماء بعلمهم والسلاطين بمجدهم فبات مصدر قلق يقض مضجع سلاطين آل عثمان خشية من قوة شوكته و إلتفاف الكورد من حوله، وإعلانه لدولته، بإستقلالٍ كاملٍ شامل. ومن جهة أخرى كان الهدف هو نهب ثروات تلك الإمارة وأميرها وإضافتها لخزينة الباب العالي. إذ يذكر الكاتب وبتفصيلٍ شديد خزائن الأمير عبدال خان الغير قابلة للجمع والإحصاء من ذهبٍ وفضة وجواهر وأسلحة، كما يذكر بأن مكتبتهُ وحدها كانت تقدر بأحمال سبعة جمالٍ من الكتب الثمينة والتي كانت تحمل ختم الخان(1)، و ستة وسبعون مجلدا من الكتب الفارسية والعربية والتركية من تأليف عبدال خان نفسه.(2) والتي باعت في المزاد بأثمانٍ تافهة ووقعت بأيدي من لايستحق حتى النظر إليها ولو من بعيد. 

 

ونستطيع أن نستنتح من محتوى الكتاب وتفاصيله، خلافا للكثير من الكُتاب العرب والفرس والترك الحاقدين على الكورد وكوردستان، بأن (أوليا جلبي) قد كان حيادياً فيما طرحه لحد كبير، ومتعاطفاً مع الأمير الكوردي المظلوم (عبدال خان) وكان يلقبه دائماً (بعالي المقام) رغم عداء سيده (ملك أحمد باشا) للأمير. ولكن ما يشوب الكاتب شائبة يسيرة من عرضه هو بعض الأفكار الخرافية والصوفية، وحِدهِ عن جادة الحق والصواب بعد إعلان (ملك أحمد باشا) الهجوم المُقيت ضدّ إمارة بدليس حيث يسمي (أوليا جلبي) جيش (ملك أحمد باشا) بجيش الإسلام وجيش الأمير (عبدال خان) بالإيزديين. بإعتبارهم كافرين على الرغم من انهم كانوا كورداً مسلمين. ووصف يوم الهجوم على إمارة بدليس قائلاً على لسان الرقباء بعد تلاوة سورة الفتح: ( انتبهوا أيها العزاة، واعلموا بأن هذا اليوم هو يوم كربلاء وأن العدو المتصل أمامكم هو عدو روحكم ودينكم إنهم يزيديون ولم تبقى في الأمر ذريعة، هو يوم العثمانيين فلا تكونوا غافلين... ) (3) وطبعاً كما هي العادة دوماً، كان الدور البارز في القضاء على هذه الإمارة الكوردية هي يد الخيانة والغدر التي تأتي دوماً للكورد من الكورد أنفسهم، فهذا حالهم ودأبهم منذ فجر التاريخ فهاهي معظم العشائر الكوردية بقيادة أمير ولاية ملاذكرد هجموا تحت راية العثمانيين للقضاء على إمارة بدليس الكوردية حتى سقطت الأمارة بيد الأعداء وبدأت عملياتُ الأنفال من حز رؤوسٍ، وإغتصاب نساءٍ، وسلبٍ ونهب، وأجبرت الأمير عبدال خان وعائلته القرار بعيداً. 

كما يذكر أوليا جلبي نَّزراً يسيراً من الفرمانات التي قام بها العثمانيين ضد الكورد الإيزيديين آنذاك حيث يقول:(لقد قمنا بالهجوم عليهم مرة وقتلنا منهم ثلاثة آلاف وسبعون شخصاً(4) بقيادة (ملك أحمد باشا). وفي مكانٍ آخر يذكر بأمر السلطان العثماني مراد الرابع على لسان ملك أحمد پاشا قائلاً: "توجهت بذلك الجيش اللجب نحو الكورد ذوي الشعر الطويل في جبل سنجار ، فقتلت منهم ما يقارب العشرة آلاف وأسرت منهم العدد الكثير ، ونهبت منهم أشياء لا تعد ولا تحصى ورجعت الى دیاریكر."(5) ويقصد بالكورد أصحاب الشعر الطويل، الكورد الإيزيديين.

ترجم الجزء الرابع من كتاب (السياحتنامه) إلى اللغة الكوردية من قبل السيد سعيد ناكام في عام 1977م، كما وترجمها من الكوردية إلى العربية د. رشيد فندي عام 2008م. إن الترجمة في اللغتين تقتصر على (288) صفحة من المجلد الرابع من رحلة أوليا جلبي في كوردستان إذا تبقى قرابة (150) صفحة منه غير مترجمة، تعهد الدكتور رشيد فندي بترجمتها بكتاب مستقل. 


يذكر المترجم السيد (سعيد ناكام) إكتشافهِ لأهمية هذا الكتاب فيقول: "في مقتبل الربيع يخرج الناس في كوردستان إلى الحقول والسهوب طلبا لجمع نبات (الكعوب/ كەرەنگ) وغيره من النباتات البرية بواسطة ادوات قلعها من الأرض وإذ به يتفاجأ برنين بعيد عن خياله، وبدلاً من الحصول على جذر كعوب وإذا به وقد استخرج قطعة ذهبية." (6)

ويذكر الباحثون في التاريخ الكوردي إلى أن كتاب (السياحتنامه) يأتي بالمرتبة الثانية في التاريخ الكوردي بعد كتاب (الشرفنامه)، أو إنه متممٌ له، لكونه كشف الغطاء عن الكورد وكوردستان في القرن السابع عشر. 

__________________
المراجع:
(1) رحلة أوليا چلبي في كوردستان، ترجمة د. رشيد فندي ص (314)
(2) المصدر نفسه، ص(317)
(3)المصدر نفسه، ص(288-289)
(4) المصدر نفسه، ص (89)
(5)المصدر نفسه، ص(165)
(6)المصدر نفسه، ص(10)

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات