القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: منهج التفكيكية في النص القرآني لدى الخليفة الراشدي علي بن ابي طالب(ر)

 
السبت 09 ايار 2020


 خالص مسور

 التفكيكية منهج نقدي حديث ظهر مع الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا الذي يعتبر رائد الفلسفة التفكيكية النقدية، والتي جاء ذكرها في ثلاثة كتب اصدرها عام 1967م. وحسب هذا الفيلسوف فان الكلمة تعني تفكيك فضاءات النص الأدبي او تقويضه وهدمه أو تشريحه، وفيها يأتي النص الواحد يمعاني متعددة أو لانهائية المعنى النصي. كما هو الحال مع النقودات الأخرى الحديثة كالشكلانية، والبنيوية، ومنهج التلقي، وفيها يكون التعامل مع النص مختلفا عن النقودات القديمة، التي يعطى فيها الدور الأول للقاريء أي يصبح المتلقي هو المؤلف الذي يغوص في اعماق النص الذي يخضع لفهمه وتحليلاته الخاصة له...ألخ.  أي في المنهج التفكيكي كما في المناهج النقدية الحديثة يكون لكل قاريء الحق في ان يفهم النص حسبما تدله عليه قراءته، أي هناك تعدد القراءات من قاريء إلى آخر وما يتمخض عنه من تعدد المعاني للنص الواحد،


 والغاية مما ذهب إليه دريدا في منهجه التفكيكي هو تقويض الفلسفة الغربية المتمركزة حول الصوت أو الكلام الواضح غير القابل للتأويل والتعدد، فاتحا المجال أمام الاختلاف والتعدد والارجاء مما يعطي الحق لنفسه بإعادة النظر في فلسفات البنيات والثوابت، كالعقل، واللغة، والهوية، والأصل، والصوت، وغيرها من المفاهيم المتأصلة في الفكر الفلسفي الغربي، أي جاءت التفكيكية لتنتقد المقولات المركزية التي ورثها الفكر الغربي من عهد أفلاطون إلى الستينيات من القرن العشرين، فترة ظهور التفكيكية مع جاك ديريد. سامر فاضل عبد الكاظم جاسم – جامعة بابل - العراق. ويذهب جاك دريدا إلى العمل على عزل النص عن محيطه الخارجي ودراسته بشكل مستقل عن المؤلف او اعتماد مقولة موت المؤلف، وتعدد معاني كهوف النص الواحد – كما قلنا سابقا - وقد استعمل جاك دريدا مصطلح التفكيك (déconstruction ) لأول مرة في كتابه علم الكتابة الغراماتولوجيا De la grammatologie))، كما جاءت التفكيكية كرد فعل على هيمنة السيميوطيقا والبنيوية اللسانية على الحقل الثقافي الغربي. وهنا وبالمقارنة مع كلام علي بن ابي طالب(ر) الخلبفة الراشدي الرابع الذي اعطى وبشكل رائع لمفهوم التفكيك في النص القرآني بعدا ايديولوجيا رصينا يتمثل في تعدد معاني النص القرآني الواحد، والذي جاء متطابقا بشكل غريب ومنذ ما ينوف عن الف واربعمائة عام مع المنهج الدريدي التفكيكي وذلك في مقولته الشهيرة:(القرآن حمال أوجه). فهذه المقولةُ التفكيكية الرائعة التي يقول عنها عبد المنعم الرفاعي مستشار موقع طريق الاسلام بقوله: وردتْ عن عليٍّ رضِي الله عنْه قالها لعبد الله بن عبَّاس، لمَّا بعثه للاحتِجاج على الخوارج، قال له: "لا تُخاصِمْهم بالقُرآن؛ فإنَّ القُرْآن حمَّالُ أوجُه، ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكنْ حاجِجْهم بالسنَّة؛ فإنَّهم لن يَجدوا عنْها مَحيصًا". ومنْها قولُ ابن عباس: (القرآن ذو وجوه؛ فاحْمِلوه على أحسنِ وجوهِه) (أخرجه أبو نعيم). ويتابع الرفاعي فيقول معنى الأوجُه: هو اللَّفظ المشْترك الَّذي يُسْتَعمل في عدَّة معان، ونؤكد على عدة معان والمقْصود سعة دلالة مُفْرداتِه، واتِّساع آياتِه لِوجوهٍ من التَّأويل مع الإيجاز. وهذا ما يقربه بل يطابقه مع منهج التفكيك الدريدي بجلاء ووضوح. أي ما نلحظه هنا هو ان قول علي(ر) حول النص القرآني جاء متقاربا إن لم يكن متطابقا مع قول جاك دريدا في التفكيكية، المتضمنة تعدد المعاني النصي، وميلها إلى نظرية التلقي التي تطورت على يد منظرين آخرين مثل هانزروبرت جوس، ولفنجانج أيزر، وكلاهما أستاذ بجامعة كونستانس في ألمانيا. أي اعطى علي بن ابي طالب(ر) بدوره للمتلقي أن يشرح ويفهم معاني الآيات القرآنية حسب اجتهاده نفسه، وهو نفس ما يذهب إليه نظرية التلقي التي تقوم على الجدل بين النص والقاريء، أي هناك تحول فيها أيضا من قطب المؤلف النص إلى قطب القاريء النص. ومن هنا يندرج قول علي بن ابي طالب(ر) في هذا المنحى أيضا، أي يذهب إلى وجود معاني متعددة للنص الواحد أو الآية الواحدة وهو ما كان قد عنى به القرآن حمال أوجه.  
ولهذا يمكن ان نسجل هنا السبق لمفهوم التفكيك للخليفة علي بن ابي طالب(ر) وليس لدريدا ولو بالشكل غير المنهجي، كما يمكن اعتبار علي رائد التفكيكية بحق وحقيقة أونظريته في ما أطلق عليه حمال اوجه حسب تعبيره، ولا مجال للأخذ والرد هنا واعتبار هذه الرواية ضعيفة او غيرها. وليس هذا فحسب بل علي يفتح بقوله هذا باب الاجتهاد في الاسلام بشكل غير مباشر، وهذا ما يدل عليه قوله بشكل صريح وواضح. ولكن لا أحد من المسلمين جعل من هذه المقولة شرعة ومنهاجا اما لعدم اتخاذ اهمية لها، أو أن تاريخ ظهوره كان ابعد من أن يصبح منهجا نقديا قي الأدب الكلاسيكي القديم، أو مفتاحا لباب الاحتهاد الذي اغلقه الفقهاء بكل عناد واصرار. 
.........................................................................  

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات