القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: الكارثي في لوحات هابيل إبراهيم محمود

 
السبت 18 نيسان 2020


 إبراهيم محمود

نعم، اسمه هابيل إبراهيم محمود، وللعِلم، هو ابني " مواليد 1987 "، سوى أنني حين أكتب عنه، ليس لأنه ابني، كما هو اعتقادي، إنما لأن الذي ينشغل به فنياً، في رسمه الغرائبي، الكابوسي، إلى حد الصدمة، حفّزني على الكتابة، ولو سطوراً، تعبيراً عن فورته الداخلية، وعما يعيشه من مناخات مثقَلة إجمالاً بهيئات تثير الخوف، وتمضي بالناظر إلى ما وراء المرسوم، وهو ثلاثي الأبعاد، أي إلى ما هو داخلي ومشوَّه في الإنسان، ليس لأن الكابوسية تثيره وتلهمه، إنما ما يتلمسه في وسطه من تشوهات، ورغم أنه ملم إلى حد ما بقياسات الرسم " الواقعي " كما يُسمى، كما في اللوحة التي جعلتها في الواجهة، ،وهي بعنفها المعهود .



وإن أردت بعضَ حديث عن لوحة " صراع الديكين " فثمة ما يسطع في الحضور اللوني الأحمر، وفي الهيئة الديَكية، وتطاير الريش، وكيفية المجابهة، وحتى فضاء اللوحة ذاتها، وما يترتب على عملية المكاشفة البصرية من إشعار بصراع دام، ربما يكون الناظر نفسه محط مساءلة عما هو فيه، حيث مفهوم الديك، بذكوريته القارعة يسمّيه ويعرّيه .

 

ويمكن للناظر في بنية اللوحات المنشورة هنا، أن يلاحظ مدى التمازج اللوني، ودكنته، مدى 
التعبير الدقيق عن تفاصيل صادمة جهة العلامات اللونية وتداعياتها، وحاجتها إلى مساحة كافية، لكي تستقبل دقة النظر، وتكون أهلاً لأن يقام معها حوار من نوع ما. ما عدا المرسوم في اللوحة ذات الفضاء الكردي، لوحة " العازف " وأظنها لا تثير الفرح، وإنما الشجن، فهي مربكة، كما هو اللون الكامد، أو غياب الدقة في الملامح الوجهية ووشائج القربى بين عناصر اللوحة، رغم الإيحاء إلى أن هناك انفتاحاً على الخارج، ولكنه مقبوض عليه باللون الرمادي غالباً.

 

هابيل الذي يتعايش وألوانه تبعاً لحالاته النفسية، يمارس استقلاباً للوجوه والهيئات والمساحات الخاصة بتكوين الجسم ذاته، مغيّراً ومحوّراً، ومعتمداً مرجعية لونية تعنيه أولاً وأخيراً، كما في هذه اللوحة " البيضاء المخيفة " أشبه بالساحرة، إذ ربما تكون أي وجه داخلي يهدّد المقابل، وليس في الإمكان تسمية كل إحداثية اللوحة، إنما التبصر فيها أحياناً يكون أبلغ إيصال دلالة.

 

هكذا الحال، مع اللوحة الأكبر بروداً وضبابية، وجه رجل لا يعرَف كنهه تماماً، وجه منقبض على نفسه، أو منتزع عن واقعه، كما لو أنه يحاول طيراناً. وجه ربما يكون مستعاراً من متابعات فنية سينمائية، لكنه الوجه الذي يترجم أوجاعاً، وتكتمات معالم ملغّمة، ويحظّر ذكرها باسمها.

 

ربما اللوحة التالية، وهي في طقوسيتها، لوحة منتصبة بقامة محورة يلفها غموض اللون الذي يبقيها وراء خفاء رموز عديدة، عن مصدر الإلهام، ومغزاه بالمقابل.

 


وفي اللوحة التالية التي تلعب بالمقاييس، وتمارس خلطة بين أجسام عدة، واستعصاء التسمية، في مواجهة واقع، لا أظنه قابلاً للفهم بسهولة، في ظل ما نعيشه راهناً قبل كل شيء.

 

وهذا الذي يتصدر ضب أو أرول واجهة الوجه، وما يمكن الإفصاح عنه، جهة العلاقة بينهما، حيث الوضوح يقرب من اللغز والغموض في آن، وتنوع الحالات النفسية فيهما .

 

ربما هكذا الحال مع هذا الرجل الذي يبدو مؤللاً.

 

وهذا الوجه الشحمي والعين الواحدة ومأساتها.

 

والوجه الآخر الذي يشد الناظر إليه، حيث اليدان غابيتان. إنما إلى أين ؟

 

ما كتبته لم يكن أكثر من تقديم، وليس سوى التقديم، ولم أغلق على أي لوحة، أو مشهد مرئي فيها.غير أنني أقول بكامل التأكيد، أن هابيل الذي يتكتم على عالمه، وحتى على ما يرسمه، يقول شيئاً لا يعنيه هو نفسه، في عالم الصدمات الكبرى، وحالات الزيف الكبرى.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.2
تصويتات: 10


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات