القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: النفير الثقافي

 
الأثنين 05 كانون الثاني 2015


فرمان صالح بونجق
 
لا جدوى من التلكؤ بعد اليوم ، لا نفع من التراخي بعد الساعة ، ولا فائدة من الخمول بعد اللحظة ، حيث المشهد الثقافي الكوردي يسجل أقصى درجات الانتكاسة ، إن لم يكن قسطاً من التراجع ، بمعنىً من المعاني ، منذ أكثر من نصف قرن مضى ، حيث درجَ الأوائل وبحرص وحذر ، وشجاعةٍ لا يُذكر لها مثيل ، تدشين الهيكل العظيم لتجربة ثقافية كوردية حداثوية ، شعراً ونثراً ، ولغةً إلى جانب لغةٍ ، سِيماؤها نقاء المفردة والسريرة ، وغايتها فيض من الكرامة ، في فضاء رحب من الحرية . 
اليومَ يومٌ آخر ، حيث تتسلل الأصابع ، رويداً رويداً ، لتخيف آلهة الإبداع ، لترعب مفاتيح القصائد ، بكلماتٍ لونها من دم ، وأزيزها من رصاص ، وغايتها إماتةُ روح الثقافة ، إعدامها ، ومواراتها مرةً بعد مرةٍ ، كطقس من طقوس الرحيل الأبدي ، الذي لطالما شَهِد عليه تاريخ البشرية حيناً بعد حين ، في صورة مياه دجلةَ السوداءَ تارةً ، وفي صورة نيران روما تارة أخرى ، وفي صورة " شَيْبوبَ " حاملُ الفأس بيمناه ، حيث لا ملاذ للحبر والورق ، ولا شفاعة تُرتجى .


كالقطة التي تأكل أبناءها وبناتِها ، كالمقصلة التي تقطف رؤوس صانعيها ، أصبحت اليوم أقلامُ بعضنا ، كسهام ، كرماح ، ترتدُّ إلينا ، بلا رحمة ، تحاول أن تقتل فينا ما تبقى من روح ، ما تبقى من أمل ، ما ليس بحوزةِ سِوانا من نور ، يمكن أن يضيء بعضاً من زوايا سكنتها الظلمة ، في ردهات العقول والقلوب ، في راحات الأكُفّ ، في المآقي ، في خيمةٍ غربلتها الريح ، وتحت معطف والدة شهيد .
هنا قلبي ، هنا محراب أشعاركم ، وأمنياتكم ، التي ما برحتُ أرددها إخلاصاً لذكراكم ، فليأخذهُ آخذ ، شرارةً ، شعلةً إن شئتم ، أحرقوا بها ما تبقى من روحي ، من سنوات شيخوختي ، أوقدوا بها ما تبقى من طرقٍ ، ومسالكَ ، وعتباتِ كلماتٍ مقدساتٍ ، سهرتم عليها أعماراً ، أوقدوا كل ما يضيء ــ قبل فوات الأوان ــ  طريق النفير العام للثقافة . 
ــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة كوردستان ــ العدد 503  .  

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 3


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات