القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: الحرباء

 
الخميس 03 كانون الثاني 2013


غسان جان كير

حدثنا العطال البطال قال: لما اشتد علينا الحصار والكل في اسبابه محتار , أهي عصابات سلفية , أم جيش النظام والمنحبكجية , فانقطعت عنّا الامدادات , وعانينا البرد والجوع فرادى و جماعات , وتضاعفت اسعار المواصلات , انعدمت بيننا والعالم الاتصالات , وكثُر الضغط على الجمعيات الخيرية , وبقيت الاراضي غير مفلوحة في البرية , وأخذت المحال تتفرّغ من البضاعة , والأطفال يتوسلون الحليب بضراعة , والكهرباء باستحياء لا تزورنا من النهار سوى ساعة . ولزِم الناس بيوتهم , لا يعرفون لِمن يشكون همهم , وفرغت الشوارع من المارة في الاماسي , وانطبعت المدينة بالمآسي.


و إزاء هذا الوضع المزري , و مما خبرناه من جولات الكر والفرِ , اهتدينا الى سلاح التكيف مع الحال , ودوام الحال من المُحال , فقُمنا بضبط إيقاع الحياة مع لمحة الكهرباء , نستغل وصولها دونما إبطاء , واعتمدنا على الكهرباء في الطعام , فتبدّلت أوقات الغداء مع الايام , وصار بالأمر المألوف , أن ترى طاهية على البيوت تطوف , بعد مُنتصف الليل , و في يدها بيل , تسأل جارتها بعض الكزبرة , أو ملحا او ملعقة من المحمرة , فإذا ما تبدلت أوقات التقنين , فخُطط مُجابهة الحالة لا تخلو من المرونة و اللين.
ولمّا تبدّل التقنين , وصارت الكهرباء تصلنا في الصباح , أيقظتني زوجتي يوما بكل إلحاح , مُنبّهة إياي بان التقاعس غير مباح , أن علي شراء الخضار على عَجَل , و أُفاصل في الاسعار دونما خجل , وأن ارجع الى البيت على وجه السرعة , قبل أن تنقطع الكهرباء فتجفّ في مآقينا الدمعة , فقلت : شبيك لبيكِ , خادمك بين يديكِ , وبينا أغذُّ الخُطى , وإذ ب (بعثيكو قربانو) يتهادى في مشيته كما القطا , فاستوقفني بوجهه المُتجهّم , بدى لي وكأنه لبعض الاخبار مُستفهم , وأخذ بالحديث حيث الطول والاتساع , مُحللا - وفق رؤيته العفنة – الاوضاع , مُتّهما المعارضة بالعمالة للنظام , فأدركتُ انه يعاني حالة انفصام , فسألته وقد ايقنت من توبيخٍ سيطالني من زوجتي , وأردت بالسؤال إفراغ كربتي , فقلت : الويل لك , لا ابا لك , فكيف كُنت ترتشي , وبالهدايا الفخمة تنتشي !!!.

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات

عفوا، التعليقات غير ممكنه لهذا المقال.