القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: المُتآلهون الجدد.

 
الأحد 25 كانون الأول 2011


غسان جان كير

كأن الذي يسري على النقود من تضخم بات يسري على الأرواح البشرية التي تحوّلت بحكم عادة القتل إلى أرقام مجرّدة لا تأخذ منا التأوه إلا حينما تكون ضخمة العدد.
فيما مضى من التاريخ وتحديدا في الزمن الذي كانت البشرية أقربَ إلى التوحش منها إلى التحضر , كانت الآلهة السمحة منها والشريرة , تنأى بنفسها عن الجشع مُحافظة بذلك على هيبتها , وكانت تكتفي من القرابين أيسرها نوعا وعددا , ولا تقبلها إلا بتضرع جليّ بادٍ على ملامح مُقدّمها.


وإن كانت الطبيعية الإنسانية تُحتّم علينا أن ننحاز بهوانا إلى تلك الآلهة التي كانت تكتفي بديكٍ رومي مثلا أو دجاجة تعتاش بها من حولٍ إلى حول , فإن طبيعة تلك الآلهة صانت لها البقاء أيضا على مَر التاريخ , وإن تغير شكلها تبعا لتغير الأديان , ذلك أن الطبيعة الإنسانية ذاتها كانت توّاقة إلى تغيير ثوريّ يُخلصها من الآلهة الجشعة التي كانت تتمادى في طلب القرابين وصلت في مرحلة من التاريخ إلى أن يكون الإنسان ذاته قرباناً , فكان هذا التمادي بذرة فنائها من الذاكرة الجمعية وانحسارها في أساطير لا تُقرأ إلا بامتعاض .
ما بال هؤلاء المُتألهين الجدد قد ملأوا الأرض شرّاً , يُخيّروننا بين طمأنينة و دعّة في العيش  ليس لها مكان إلا في معسول شعاراتهم يمنون بها علينا عقيدة تملأ بطوننا الخاوية ,نلتحف بها في شتاءاتنا الباردة , وفوق هذا يدفعوننا لأن نكون على حظ عظيم من السذاجة للإقرار بآلوهية يخالونها في أنفسهم , وبين متاهة يُساوموننا على الخروج منها بتقديم الآلاف من القرابين , وكذا من الأرواح المُهشّمة التي كان جُلّ همّها ترميم ما قوّضه المُتألهون و جوقتهم من قوادي السياسة والمنافقين . 

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات