القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: أزمة المثقفين الأكراد (الجزء الثاني)

 
الثلاثاء 16 اب 2011


أمين عثمان

"زمن التبعية انتهت وبدأ زمن التفاعل".
عمدت الانظمة الشمولية الى الغاء وتهميش دور المثقف في المجتمع.
المثقف هو طليعة المجتمع فكرياً واجتماعياً . هو الذي يثير الأسئلة المشروعة ، ويتبنى قضايا المجتمع وهمومه .
واشكالية العلاقة بين المثقف والسلطة . هناك علاقة تضاد ، وتكامل .. وعلاقة احتواء . تتوجس السلطة من المثقف المستقل ، فتجعل منه ضداً ، وخصماً .. ويصبح كل ما يصدر منه ، قابل لتأويل عكسي ، و مطالب بتفسير أي موقف يقفه . متهم في وطنيته ، وولاؤه ..؟؟؟


والعلاقة بين المثقف والسلطة قائمة على اشكالية في المنهج والرؤية وهذه الاشكالية تلقي بظلالها على الواقع الاجتماعي بصورة خاصة، أي ان للسياسات الاستبدادية التي شكلت البنيات الاجتماعية بصورة خاصة إرثا ثقافياً أعطت تصوراً مترسخاً عن عدمية العلاقة بين المثقف والسلطة.
السياسي يختلف في رؤيته مع المثقف في تشخيص أسباب التوترات وأنقطاع العلاقة فيما بينهما. فالسياسي ينظر الى السياسة باعتبارها مصدر الثقافة الوحيد والرئيسي في حين ينظر المثقف عكس ذلك ويرى أن السياسة جزء من الثقافة
للنظر في علاقة السلطة – المثقف ، يجب أن يكون هناك علاقة طبيعية لا تخلو من الصراع وكل طرف بحاجة للآخر ، ومن المفروض أن يتعايشا ويتعاونا لتحقيق الصالح العام بما فيه صالح الطرفين ، ويرى آخرون ، عدم وجود توافق بين المثقف وبين السلطة باعتبار تكوين كليهما ، والأحداث تشهد أن كثيراً من المثقفين في جانب مخالف لجانب السلطة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا بدأ المثقّف الكردي خصوصا يبتعد عن العمل السياسي؟ كانت السياسة سابقا هي المنهل الذي يستوحي منه كتاباته بحيث يتداخل البعدين السياسي والثقافي في تكوين شخصية سياسية وثقافية بامتياز وتقدم معرفة منظمة وعقلانية للواقع الإنساني بما تملكه من أدوات تحليل متطورة ومن قدرة على طرح البدائل من خلال تقديم حلول واقعية لحل مشاكله.
  إجمالا يعود ابتعاد المثقّف عن الفعل السياسي إلى إفلاس العديد من الأيديولوجيات السياسية التي كانت لها عدة عواقب على الاقتصاد والثقافة المجتمعية
لذلك يحاول المثقف الآن أن ينفض عن نفسه وثقافته غبار الماضي وخلق ثقافة جديدة حرة ومتنوعة يتوخى من وراءها خلق مجتمع يؤمن بالرأي والرأي الآخر هي الطريقة الصحيحة وكما إنه يؤمن بالتطور الذاتي والموضوعي وبأن المفاهيم قابلة للتغيير والتجديد بل وتركها في أحيان أخرى لأن عجلة الحياة تدور ومن غير المنطقي أن يبقي المثقف في دائرة واحدة يدور حولها وحركة الثقافة العالمية في تطور مستمر
علاقة المثقف بـ"السياسي" إذن، هي أعقد وأعمق وأكثر تنوعاً من أن تختزل في حدي "القطيعة" و"الاتفاق"..
فالمثقف –كما السياسي- مدعو إلى "الاستقلال" وتأسيس "سلطته المرجعية" الخاصة التي تغني الفرد والحياة والمجتمع والإنساني وتوسع آفاقا خلاقة تعين على الخلاص من البؤس المهيمن وتدفع لإحراز عالم أفضل.
نحن ندعو المثقف والسياسي المنشغلين بالشأن العام ولكل منهما- لمشروع التغيير والتجدد المعبر عن مطامح وتطلعات الأمة، والداعي لإحيائها ونهوضها ووضعها في المكان اللائق بها بين الأمم الحية الفاعلة.
إن العلاقة بين الثقافي والسياسي تتميز بالحيطة والحذر وعدم الثقة مما يجعل الفعل الثقافي المستقل يعيش أزمة، فيكفي أن ننظر إلى المشاريع الثقافية التي سعى بعض رموز الثقافة إلى تحقيقها في إطار تحديث المجتمع وإعطائه آليات جديدة للتفكير والتحليل والقراءة لنكتشف مدى الوعي  الذي حمله المثقف المستقل، ونخص بالذكر هنا مشروع الفكر المستقبلي عند سربست نبي، و تحديث الفكر الكردي عند ابراهيم اليوسف، وقراءة جديدة للتاريخ عند سليم بركات .
هؤلاء المثقفون وجدوا أنفسهم معزولين وغير قادريين على تنفيذ مشاريعهم الفكرية والثقافية لأن السياسي ارتأى أن يلغي ويقصي الثقافي باعتباره بلا جدوى، بل إن هذه المشاريع ستنتهي بانتهاء أصحابها لأنهم عجزوا على تكوين نخبة تتبنى هذه المشاريع وتعمل على تحقيقها على أرض الواقع وبالتالي فإن الثقافة الكردية  عجزت عن بلورة ثقافة جماهيرية بل وقفت على إنتاج ثقافة فردية بقيت في حدود أشخاص مما جعلها ثقافة محدودة التأثير.
أن الفعل الثقافي يجب أن يسبق الفعل السياسي "  وإذا وقف الثقافي عن إلقاء الأسئلة خسر كل مبررات وجوده" "إذا لم يستطيع السياسي عن تقديم الأجوبة خسر مشروعية وجوده،. ولأن الثقافي يقلق السياسي باعتبار أن الفعل السياسي يميل إلى الثبات والديمومة على عكس الفعل الثقافي الذي يبدو دائما في حالة من التوتر والتبدل ومرهون بقلق الأسئلة فإن السياسي ينظر إلى الثقافي بريبة قد تقود إلى تحجيم الثقافي بل وإلغائه. لماذا اتجه المثقف للسياسة ولم يذهب للمجتمع ؟ وهل أصاب المثقف عندما اهتم بالسياسة دون المجتمع
ومشكلة المثقف أيضًا أنه لم يستطع  بناء لبنة تواصل بينه وبين السياسي
... مسيرة التطور التي فرضتها وأن يتمرد على دعوات الأحزاب التي يحكم بها السياسي جماهيراً ظلت ولا زالت تعاني من قهر وظلم واضطهاد وتعتيم
الرؤى متعارضة بين السياسي والمثقف؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه المثقف بحقه في حرية التعبير، وحقه في الرأي والانتخاب والدفاع عن حقوق المقهورين و المظلومين بسلطة السياسي المستبدة، كان السياسي يرى تلك المطالب معارضة غير مشروعة ومطالبة غير مرضية؛ إذ لايرضيه إلاّ تبعيته، والتصفيق له كلمـا اعتلى منصة الحكم المستبدة.
أدى الاختلاف إلى تفاقم الجرح، وتكاثر ويلات الشعب والفوضى، ممـا أظهر رؤى متباينة، وأفكـارًا متطرفة زادت الفجوة، وتبادل المثقف والسياسي التهم بأن السبب في ظهور التطرف والانحراف السياسي يقع على عاتق أحدهما، وتملّص الآخر ، وكلاهمـا شريك في المسؤولية.
وأصبح للمثقف الكردي نشاط وقوة وسلطة معنوية تفوق في بعض الأحيان سلطة الساسة وله تأثير وفعالية يتجاوزان تأثير الساسة لإحداث التغيير الاجتماعي ، ، بل المطلوب هو نقل الثقافة للمجتمع كسلوك وطريقة حياة واهتمام وتنوير. وسلبية الخطاب الموجه للساسة بالنقد الهجومي المعادي من دون تقديم حلول أو مقترحات أو رؤى أو طروحات، والذي ينتهجه بعض المثقفين من دون فعالية على المستوى الاجتماعي ''''الشعبي'''' ليس شكلا سليما على ما يبدو. إن كثيرا من المثقفين الكرد ينتقدون الساسة أكثر مما ينتقدون سياساتهم، وهذا خطر جسيم ينم عن إفلاس فكري لا يليق بالمثقف عموما لأنه يفترض أن يكون هذا المثقف داعيا للتغيير وعليه أن يعي أن المشكلة الحقيقية ليست مع الأفراد بل مع السياسات
لذلك يتوجب صياغة علاقة جديدة بناءة، بين المثقف والسياسي، على أسس حضارية وعصرية،

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات