القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

شعر: يرفرفُ فوق سريرها حنينه ُ

 
السبت 26 حزيران 2010


أحمد حيدر

ألفَ سنة يتلوى في ردُهات ِالحيرةِ
دحرجتهُ الغواية إلى ترفٍ أغبر
كرحالة ٍلم يبلغ أطرافَ ممالكها
الشاسعة الشائعة الشائكة الشامخة
ألف سنة وهويلهوبالأشكال كحداد ٍأعمى
جفلت المعادن من رجفة ِيديه ِ
 وطرقاته ِالطائشة  
الرجلُُ الوحيدُ
الغريبُ في المدينة ِ
الذي لا ينتظر
أحداً


عَبرتْ زفراته ُعصورٌوشجرُيابس ٌ
ومساءات مُعفرة بالطين ِوالدم ِ  
عَبرتْ أرتال الصبايا محملات ٍبجرار ِالماء ِوالحنين
ولم يتزحزح قيد َهفوة من ظلالها الباذخة
التي خيمتْ على روحهِ
يجترُّ علقم الغربةِ كيتيم ٍلم يكفله ُغير العراء
ويزجُ أوقاتها في جهاته ِكأملاك الآخرين
يتقرى تضاريسَ الجسد الطازج   
ورفرفة الحمام ِتحت َابطيها
يَضمُها ويَغط ُ في حلمهِ
كمحروم أزلي
 
كانَ متردداً
وخائفاً أكثر مما ينبغي
حينما َأومأت إليهِ الوردة السمراء
بموجزٍمن الكستناء والشهوات النافرة  
على مسمع ٍمن الطيور ِوالمعلمات
بردت القهوة قرب سريرها الحار
تاهت عقارب ساعة الحائط  
اهترأت ستارة الشباك المطل على همساته :
" انتظرتُك مدينة منكوبة
انتظرتُك عمراً مقطوعاً من وحشتك  
انهمر ياروحي على صحراء جسدي    
انهمر ياحبيبي
انهمر بغزارة كنهار ٍممطر ٍ "

لبى الغريب نداء الحقل العطشان
لبى هديل َالروب السماوي الشفاف
والرعشة التي عصفتْ في داخلهِ  
كان مرتبكاُ في حرم ِالجسد المتهالك  
والنهدين المتهدلين ِمن عطش ِشفتيهِ
وهو يتأملُ الجرح القديم بينهما
ومشدوهاُ كطفل ٍجاء َمن قرى الشمال إلى المدينة  
يطاردُ أوهامهُ السارحةعلى رصيف الشهوة ِ
كقطيع ٍمتخم ٍوبطران ْ

بهدوء ٍفتحتْ له ُالباب
لتطمئن على البنايات المجاورة للدوي المرتقب
وتطمئن الفراشات الهائمة ِحول سريرها
وهي تتنسم رائحة ملابسها الداخلية
وأنفاسهُ المبعثرة قرب الدرج المفضي
إلى غرفة العناية المشددة فوق سطح بيتها
اقتربَ منها بهدوء فاقتربت منهُ الملائكة
مدّ لها يدهُ فمدت لهُ الثمر
سحبتهُ إلى مسقط قبلاتهما
سريرها الخارق
كأنه نذير المرح المنتظر
كأنها أصدائه ُ
 
ألقى نظرة ًطويلة على صورته ِالمنحوتة
على جدران ِغرفتها وفي المرآة
ألقتْ نظرة ًطويلة على جثة الغريب  
ضمتْ الحقل إلى صدرها بقوة
وضم الحقل ُإلى صدره ِبقوة كأم
وتدحرجا في الفجيعة
كطريدة مفجوعة 

كانت الحلبة صغيرة على عراكهما والبيت ضيقاً على صراخها
التي أستنفرت عصافير الحارات المجاورة وحراس السجن القريب
حتى سالَ الكرز في الصالون
فوق السريرالبارد وقرب السرير  
في المطبخ والحمام
وفي الشارع
وفي ....

تجيدهُ تماماً
الوردة السمراء
دون أن تستعين بمعجم ٍأو ترجمان   
تجيد ُغصاته ُنزواتهُ نزقه ُ حماقاتهُ
يحدث أن يقتبس كفنه من الفراعنة   
وهي تجدل شعرها تحت الدوش    
وهو يفرك ظهرها
وهي .......
وهو........

قبل أن يشرف النشيج على بدايات النشيد   
كانت تلقي نظرة ًمن العين السحرية على الشارع
حينما تتأكد من خلوه ِتعود متوثبة تعانقه ُوتتوحد
زفراتهما مرة أخرى فوق سجادة قرب السرير
تختلط أرواحهما في غيمة خضراء
ربما تمطرفوق سماء غريبة
ربما تنجب طفلا ً
لا يشبهُ نرجس الخطيئة
ولا يشبههُ أبداً  

هكذا اختصرت الملائكة
لقاء الماء بالترابِ  
عطش الفصول في غمرةِ اشتهاءاتها
حينما تبوحُ يباسَ الحقل وتيه الفراشات   
الهائمة حول خزانة ثيابها وتكشف بألم ٍ
عن أثرالجرح القديم بين النهدين المذعورين  
أوخدوش في عنقها وفي فخذها الأيمن  
هكذا اختصرت الوردة السمراء
عناق الروح بالروح
فوق سرير ٍعنيف
في ترف ٍ أغبر

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.55
تصويتات: 9


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات