القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: رواية الشك بين النائمين علي سرير واحد.. لعبة الحب المجنون: لا تقرأ مذكرات زوجتك

 
الخميس 06 اب 2009


   كرم يوسف:

السؤال الأهم قبل وبعد قراءة الرواية هل بدأت حالة الشك عند ماكس زوج الطبيبة النفسية تلقائياً وأنه كزوج مهيء لهذه الحالة أم أنّ لذلك دواعيه،حيث الشك هنا يبدأ إثر تغير مفاجئ في مواعيد خروج الزوجة وعودتها إلي المنزل، وبالتحديد بعد خيانة الزوج لزوجته مع فتاة شقراء حيث ينتظر الزوج زوجته في المنزل ليسلمها وردة اشتراها لها.
بعد حادثة التأخر الأولي عن المنزل يبدأ ماكس ذو الأرضية المجهزة للشك بعد خيانته بالشك في كل دقيقة تتغيب فيها زوجته عن المنزل ويغرق في تأملاته حول المكان الذي تغدر فيه زوجته به، ومن الممكن القول إنّ خيانته لزوجته وضعت حجر الأساس المباشر للشك فيها لأنّه شك في نفسه.


ربما كانت الأمر بين الزوجين ستسير بشكلها الطبيعي رغم حالات الشك التي كانت تنتاب الزوج لولا دفتر مذكرات الزوجة الطبيبة كلوتيد الذي يقع بين يدي الزوج فتفجر الشك فيه كأسئلة ترفض أي اجابة، وهو يجد هذه المذكرات المذكرات أثناء حلاقته ذقنه وهي موضوعة في جارور خاص بأدوات زينة الزوجة
رغم أن الزوجان الروائيان في روايتهما المشتركة هذه حاولا اضفاء صبغة جديدة وهما يستعينان بالمذكرات إلا أن كتابة الرواية عن طريق الاستعانة بالمذكرات باتت طريقة تعجز عن تقديم العالم الروائي كما هو مطلوب، وبخاصة المكان والعالم النفسي للشخوص الآخرين غير الذي يكتب مذكراته.
بعد تكرار حالات تأخر الزوجة عن المنزل وعن مواعيدها تزداد التساؤلات في نفس الزوج ماكس، ومن بين هذه الحالات الكثيرة التي تم الإشارة إليها في هذه الرواية هو تأخرها عن عزيمة يدعوها الزوج إليها وخاتم ثمين في اصبع الزوجة يدهش الزوج حين مشاهدته، ولكن لا تلبث الزوجة أن تبرر سبب تأخيرها والخاتم الموجود في إصبعها بداعي أنه مزيف.
بعدما تغير الزوجة المخبأ السابق لدفتر المذكرات والذي كان يعتبر بمثابة حبوب مهدئة للزوج ماكس الذي تبتلعه الأسئلة بعد 10 سنوات من الحياة الزوجية التي لم تثمر انجاب طفل، تسافر الزوجة إلي اميركا لحضور مؤتمرطبي دولي وينتهز ماكس هذه الفرصة للبحث عن دفتر المذكرات بعد تأكده من أنّها خبأته في عيادتها التي تقع في الطابق السفلي من شقتهما وليس في حقيبتها الشخصية، هذا البحث المضني عن الدفتر يقود الزوج إلي أن يقول :"أما دفتر المذكرات ذاك، فكان له صيغة أخري. وكأن به رغبة لتصفية حسابات معي"
تسافر زوجة ماكس لنيويورك وينتهز ماكس الفرصة للوصول إلي دفتر المذكرات ويجد فيه أجوبة بدلاً عن مصارحة زوجته بخيانتها له وتوجيه تهم خزنتها حالات شكه منذ أيام كثيرة،ويتأكد الزوج أنها ليست مسافرة لنيويورك لأنه اتصل بالفندق الذي كان من المقرر أن تذهب الزوجة إليه.
ربما أنّ حبه الكبير لكلوتيد هو ماقد أجل دائماً توجيه تهمة الخيانة لها حتي بعدما تعود من سفرها وتخبره بأنّها ماكانت ذاهبة لنيويورك بل لكوسوفو ضمن وفد طبي لمعالجة أطفال منكوبين بسبب الحرب
تزداد الصدمة بعد عثوره علي اجوبة شكه قراءة دفتر المذكرات تضع ماكس أمام فلسفة الحياة بعمق وتطرح فيه أسئلتها بعدما امتحنته بوجوده كانسان في عمق الألم، فهو يري أن لا طاقة وقوة في الأرض من شأنها ان تعيد ماكان بينه وبين زوجته إذ أن ماكان من علاقة حميمة مع زوجته أصبح ماضيا مستحيلاً حتي حبه، فالحب عندما يعلن موته يعاش ولا يعاد:" حبنا سوف لن يولد من جديد من مجرد عناق حار أو وهم أمسية "
ولكن من الطبيعي أن يتحدث ماكس ويقول بعد ذلك بأقل من صفحة " نعم الانتظار هو الحل الوحيد، يجب انتظار عودة الحب الذي لم يرحل مطلقاً"ص 73 وهي إشارة منطقية من الروائيين علي الحالة التي يعيشها ماكس الذي يجد نفسه بلا حول ولا قوة للعودة والعيش في الماضي الذي كان أكثر راحة.
ولا شك أن أي انسان حينما يدخل عمق مصيبة فمن الطبيعي أن تكون كل هواجسه مرتبطة بالموضوع عينه، والقضية هنا قضية خيانة زوجة ولذا فأنّه أمر طبيعي أن يشغل ذلك بال ماكس حتي يشل تفكيره:" لا تنكسر حياة زوجين دفعة واحدة، بل تتهدم شيئاً فشيئاً، كل واحد يأخذ وقته في النظر إلي النهاية التي يقترب منها، كالهزة الأرضية، كل شيء يهتز قبل أن يقع ويتحطم.
تبلغ شخصية ماكس ذروة قلقها حينما لايجد من يطرح عليه أسئلته لأنّه كان يريد المحافظة علي ماء وجهه وهو الذي كان يخبر سابقاً صديقاً له اسمه سقراط بما كان يحدث بينه وبين زوجته من خلافات ، وليس بغريب أن يتوقع أنّ زوجته تخونه مع صديقه سقراط فهو يريد صياغة حقيقة علي مقاس شكه، ويتححق هذا الأمر حينما يجد زوجته تدخل المنزل وسيارة ماكس تغادر مبناه.
تمتلئ المذكرات التي يقرأها الزوج بالمواقف التي اتخذتها كلوتيد من زوجها وعن كرهها ممارسة الجنس معه حتي ولو كان ذلك شريعاً لأنّها كانت تعد ذلك بيعاً لجسدها في وقت تكرهه فيه ، وتكتب علي مدي مذكراتها أنها أصبحت في بحث عن حبيب وتروي قصة رجل التقته في الحديقة ترتاح إليه وتدرج حديثها معه وشتمها إياه لأنه حاول ملامسة منطقة حساسة من جسمها فيبتعد عنها.
تروي الزوجة ضمن المذكرات أيضاً سيرة مريض نفسيا يتردد عليها للمعالجة يدعي x وتتفاجئ بعد فترة أن ذلك الشخص الذي كان يرسل لها وروداً هو نفسه الشخص X، دخول السيد x إلي دفتر المذكرات كان سيبدو حدثاً عادياً لماكس مثل الشخص الذي استوقف زوجته في الحديقة لولا أن زوجته كلوتيد وبحسبما دونته في دفتر المذكرات تمارس الجنس معه هذا في عيادتها التي تقع في أسفل منزلها وتشير الزوجة إلي أنها تحمل في أحشائها جنينه.
لا شك أن من يقرأ الرواية سيتفاعل مع الأحداث وسيكون إما إلي جانب ماكس التائه التائب بين هذه المذكرات أو إلي جانب الطبيبة النفسية كلوتيد، إلي أن يصارح ماكس زوجته بموضوع خيانتها فتجيبه كلوتيد علي الفور بأنّها موافقة علي أي شيء يقوله،وأنّ كل ما كانت تقوم به وحتي دفتر مذكراتها كانت عملية مقصودة وعن دراية حتي في المرة الثانية التي خبأت ذاك الدفتر في خزانة عيادتها وتخبره أن تخطيطها لانتقامها منه جاء بعد تردد امرأة سيئة إليها في العيادة كانت تروي له حياتها الجنسية التي ماكانت تقدر علي السيطرة عليها وتتأكد الزوجة من أنّ الشخص الذي كانت تخبرها عنه تلك السيدة المريضة كان زوجها بالتحديد إلي أن طردتها.
وتدخل الزوجة الغائبة الحاضرة عن الرواية مرة أخري من خلال سرد امتد علي عدة صفحات وامتلأ باعترافات أعادت للقارئ والزوج معاً الثقة بالزوجة " كان يكفيني أن استعيد اعترافات عشيقتك كي يأتيني الإلهام، كنت أختلق وجود الشيطان كي أحرر ذاتي.كنت أتخيل والصفحات تمتلئ بالأشياء الفظيعة...كنت أريد أن يكون عذابك مشابهاً لعذابي" مع الإشارة بان دفتر المذكرات ذاك كان الوسيلة الوحيدة التي تبقت لديها لتستعيد به قلب زوجها في أقل خسائر.
وليضيف الكاتبان حقيقة فعلية إلي نهاية روايتهما يلجآن إلي تأكيد كلام الزوجة عبر قولها أنّها أخفت رسائل أخري لماكس وهي المذكرات الحقيقية في تلك الفترة التي كانت تكتب فيها هذه المذكرات المختلقة انتقاماً وذلك في مستودع للأمانات في شارع عثمان بباريس وقد وضعت هناك أيضاً مجوهراتها التي أثار اختفاؤها تساؤل الزوج.
ورغم قراءة الزوج ماكس لتلك المذكرات التي قالت الزوجة أنها كتبت فيها مشاعرها الحقيقية في تلك الفترة، يرمي الزوح تلك المذكرات في نهر السين لينهي ماضياً مرعباً لا يريد أن يكون حاضراً ومستقبلاً دون أن تعيد إليه المذكرات الحقيقية لا المختلقة الثقة من جديد في زوجته: "ها هي الحقيقية لم تجعلني أشعر بالدفء كما الكذب لم يجعلني أشعر بتلك البرودة دون شك لأن الحب لا يمكن له أن يستمتع بالأوهام.."
مع الصفحة الأخيرة للرواية يدخل ماكس من جديد إلي منزله وقبل صعوده إلي الطابق الثاني حيث يكون منزله يمر أمام العيادة التي تداوي فيها زوجته مريضاً نفسياً وهو في حالة شبه اقتناع بأن زوجته تكذب وأن في رأسها شيطاناً ولكنه يقول:" في رأسها يقبع الشيطان... لكن كنت أحبه"

 المصدر: الزمان 4-8-2009

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 4.55
تصويتات: 9


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات