القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

ملتقى الشِّعر في دمشق عود إلى أدونيس ومجلة « شعر» قليــل حفــر فــي الــروح

 
الأربعاء 03 كانون الأول 2008


هوشنك اوسي

»ما أكثر المهرجانات الشِّعريَّة، وما أقلَّ الشِّعر«. ما أنْ قال منظِّم الملتقى، الكاتب والروائي السوري خليل صويلح، هذه العبارة المطروقة والمكرَّرة، حدَّ الاستنفاد، آذناً ببدء فعَّالياته، حتَّى خامرني الظنُّ بأن ملتقى الشِّعر العربي المعاصر في دمشق، الذي أقامته الأمانة العامَّة لاحتفاليَّة دمشق عاصمةً للثقافة العربيَّة، بالتعاون مع مؤسَّسة سلطان بن علي العويس الإماراتيَّة، في الفترة ما بين ٢٥ إلى ٢٧/١١/،٢٠٠٨ بأنه سيكون تحصيل حاصل، ومناسبة لتبادل الألقاب والأنخاب، وتداول نفس الكلام حول نفس المسائل والإشكالات!.


والحقُّ أنَّ اختيار عنوان الجلسة الأولى في هذا الملتقى؛ »المجلاّت الشِّعريَّة: انحسار أم تراجع«، أحالنا لطرح الأسئلة التالية: هذا العنوان، يشي بأنَّه، لا زال هنالك مجلاّت متخصِّصة في الشِّعر، وينبغي علينا الترجيح بين؛ أهي في تراجع أم انحسار؟!. ثمَّ، استخدام مفردتي »الانحسار والتراجع« المترادفتين، في سياق عمليَّة الترجيح أو التفاضل النقدي، ماذا أضاف للعنوان؟ وماذا ترك من خيارات متضادَّة أو متباينة في الإجابة على السؤال ـ العنوان؟. وإذا كانت المجلاَّت الشِّعرية العربيَّة، إمَّا في انحسار أو في تراجع، وهي ليست معدومة، بحسب العنوان، فيا ليت مدير الجلسة، الشاعر عابد إسماعيل، لو دلَّنا على عنوان واحد لمجَّلة شعريَّة عربيَّة متخصِّصة في العالم العربي؟!. لكن، إسماعيل، شأنه شأنه صويلح، أعاد الكرَّة نفسها، في طرق الكلام نفسه. إذ ركَّز على مجلة »شعر«، وأثنى على تجربة أدونيس. إذ لم نجد أيَّ ملمح نقدي جديد لتجربة »شعر« وأدونيس، قد يكون علامة نقديَّة فارقة تسجَّل برسم عابد إسماعيل في هذه الجلسة أو غيرها. ثمَّ أتى رياض الريّس برأي هو بالضدّ من مديح إسماعيل لـ»أدونيس«!، إذ اتَّهمه الريّس بـ»التخريب«. وانطوت مداخلة الريّس على شيء من المكاشفة والخوض في التفاصيل، وأيضاً، حول تجربته في »شعر«، وكيف أن الريّس كان »الكومبارس«، على حدِّ قوله، إلاَّ أنَّه كان البطل »المقرَّب« من يوسف الخال. وعليه، خلا كلام الريّس أيضاً من أيّ تعريج على عنوان أيَّة مجلَّة شعريَّة أخرى، تعاني »انحساراً أم تراجعاً«، واكتفى بالتركز على تجربة »شعر«، وتجربته ومشاهداته فيها، وآرائه حولها، وحول رموزها، بخاصَّة أدونيس ويوسف الخال، ذاكراً: إن الأخير، كان »الآمر الناهي، في مسألة النشر«، مشيراً، ولو بشكل غير مباشر، إلى أن بقيَّة طاقم »شعر« كانوا تحصيل حاصل. ولعلّ ورقة راسم المدهون، هي الوحيدة التي قاربت عنوان الجلسة، إذ سعى المدهون إلى تناول عناوين أخرى من المجلاّت، ما عدا »شعر«، حتَّى لو لم تكن متخصِّصة في الشعر. حيث اتَّسمت ورقته بالمنهــجيَّة والشمول، قياساً بسابقيه. والحقّ أنَّ المجلاّت الشعريَّة العربيَّة، معدومة، وليـست في انحــسار وتراجع، كما أوحى عنوان الجلسة. لذا، تبقى »شعر« دوماً هي مبــتدأ وخبر أيّ نقاش أو سجــال نقدي حول الحداثة الشــعريَّة العربيَّة. وصار الكلام حولها مكرراً، وباعثاً على السأم.
في الجلسة الثانيَّة، مساء ٢٦/١١/،٢٠٠٨ أيضاً، كنَّا على موعد، مع عنوان جديدٍ ـ قديم، ألا وهو »الشِّعر والتقّي«. والحقُّ أن غياب جابر عصفور وفخري صالح، أثار أكثر من تساؤل، وترك فراغاً، حاول عماد أبو صالح وعلي جعفر العلاق ملأه، ونجحا في ذلك إلى حدِّ ما، بينما كانت ورقة خضر الآغا، فيها ما فيها من النمطيَّة والتقليديَّة والتكرار حول جوانب وآليات تحفيز وتنشيط التلقّي للشعر المعاصر لدى القارئ ـ المتلقّي. في حين، ركَّز أبو صالح والعلاق على الجوانب النفسيَّة والذاتيَّة في النص الشعري المعاصر، يُضاف إليها، محاولات الشاعر التعالي على الراهن، وإنَّ نصّه، هو للزمن الآتي. والحقُّ أنَّ المحاضرين، لم يتناولوا جوانب جد هامَّة وخطيرة، تدخل في صُلب عمليَّة صوغ التلقّي، ومنها؛ دور مناهج التربيَّة والتعليم، منذ المراحل الابتدائيَّة وحتَّى الجامعيَّة. فقصيدة النثر، لا زالت غائبة في هذه المناهج، تأريخاً وتقييماً وتحليلاً نقديَّاً. زد على ذلك، دور الإعلام، والفعل المؤسساتي الترويجي، التحليلي، النقدي...، الضَّحل للحداثة الشعريَّة. ما ترك الهوَّة شاسعة بين النصّ الشعري الحديث والمتلقّي، وبقاء الذائقة الجمعيَّة العربيَّة، تستهوي وتستسيغ الجلجلة والموسقة، وتجد عسر فهم أو هضم نفسي وفكري وشعوري أثناء التعاطي مع الحداثة الشعريَّة العربيَّة. وعليه، عمليَّة التلقّي الشعريّ، ليست مسؤوليَّة الشاعر ونصِّه، بقدر ما يدخل في إنتاجها، شبكة معقَّدة من الممارسات والآليات، التي ينبغي تنشيطها وتعزيزها، لجهة جسر الهوَّة بين الحداثة الشعريَّة والمتلقّي.
شهادات
والجلسة الثالثة والأخيرة كانت مساء ٢٧/١١/،٢٠٠٨ ترأسها خليل صويلح، وتناوب عليها كل من الشعراء عادل محمود، حسين درويش من سورية، زياد العناني من الأردن، سيف الرحبي من عُمان، واسكندر حبش من لبنان. حيث كان الشعراء شهوداً على تجاربهم الذاتيَّة. ولئن يشهد الشاعر بحقّ نفسه، من المجازفة والإرباك ما فيه، فقد غلب البوح وفتح ملفّ البدايات، والعوامل والعوالم التي ساهمت في إنتاج وإنضاج التجربة الشعريَّة، على شهادات الشعراء بحقِّ أنفسهم. ما سمح لنا التعرُّف على جوانب مهمّة من حياة هؤلاء الشعراء، كانت مجهولة لنا. والحقّ، أن هذه الجلسة، كانت الأكثر إمتاعاً وشدَّاً، لكاتب هذه السطور، على أقلِّ تقدير. فعاد اسكندر حبش إلى جذور الجذور في تجربته، مشيراً إلى أنَّ تكوينه، هو خليطٌ من الهويَّات، مارَّاً بطفولته، والمورِّثات التي أخذها من جذوره المختلفة، وصولاً لمرحلة الشباب، وتأثير المناخات السياسيَّة والحرب الأهليَّة اللبنانيَّة على تجربته الشعريَّة. واكتفى بقيَّة الشعراء في تناول بداياتهم الشعريَّة وحسب، وعلاقتهم بأمكنتهم، والترحال بين الأمكنة، وذكر البصمات الثقافيَّة، والصحفيَّة، إلى جانب المراس الشعري.
أمسيات
شعريَّاً، وعلى مدار الأيَّام الثلاثة للملتقى، كانت هنالك أمسيات شعريَّة تلي الندوات. وفي اليوم الأخير، كان هنالك أمسيتان شعريتان، خصصت الثانيَّة، للشعراء الشباب الفائزين بجائزة احتفاليَّة دمشق عاصمة للثقافة العربيَّة. وأكثر من لفت انتباهي حضوراً وجودةً على صعيد النصّ الشعري، كان الشاعرين مناف محمد وجولان حاجي. أمَّا الأمسيات الثلاث الأخرى، الحقُّ أنَّ من أمتعنا، من بين الشعراء الذين تناوبوا على إلقاء نصوصهم، كان كلا من شوقي عبد الأمير، محمد بنيس، اسكندر حبش، عماد أبو صالح، راسم المدهون، جهان عمر، رشا عمران، طه خليل، علي جعفر العلاق. أمَّا بقيَّة الشعراء، فربما كانوا لزوم الحشر أو الحشو؟. إلاَّ أن بعض نماذج هذا الحشر، أتت رديئة، عكَّرت صفو ما أغدقه المذكورة أسماؤهم أعلاه علينا من دهشة وروعة. لدرجة دفعت كاتب هذه السطور، للصراخ في القاعة: ماذا يقول هذا، أثناء إلقاء أحدهم »قصيدة«، حشر فيها أسماء كل فقهاء اليسار من ماركس، أنجلز، لينين، ماو...، وصولاً لغيفارا، وكأنَّ نصَّه هو سجِّلٌ لتفقُّد أسماء أعلام ورموز اليسار في العالم!!؟. هذا، ناهيكم، عن بعض القراءات التي خلت من الخيال والحساسيَّة الشعريَّة، والصورة المبتكرة، والغموض الباعث على المتعة والسؤال والتأمُّل، قُدِّمَ لنا على أنه »شعر«، وإذ به يشبه كلَّ شيء، إلاَّ أن يكون شعرا. وهنا، يتبادر للخاطر سؤال؛ حول دور الملتقيات الأدبيَّة في تعكير مياه الشعر، عبر إلقاء هذه الحصوات فيها، ورفد الحركة الشِّعريَّة بأسماء تجيد الهذر والمذر، والتسويق لها، على أنها أصوات شعريَّة حداثويَّة شابَّة!. وبالتالي، ارتكاب جناية بحق الإبداع والشِّعر، وحتِّى بحقِّ هؤلاء الأشخاص، عبر إيهامهم بأنَّهم شعراء، بدليل، دعوتهم إلى ملتقيات وندوات شعريَّة عربيَّة!. والحال هذه، غالباً ما تكون الشلليَّة وفنون وضروب المجاملة، وأحاديث الإفك والتملُّق والتزلُّف والمحاباة، أثرها البالغ السلبيَّة على الحال الشعريَّة العربيَّة المعاصرة. ولم يخلُ ملتقى الشِّعر العربي المعاصر في دمشق من هذه الأحاديث. وما أنْ كانت تنتهي أمسيَّة، حتّى يتهافت البعض على البعض، دون غيرهم، والبدء بأحاديث الغمر واللمز، والتأفف والتعفف، من الآخرين، وتبادل كيل المدائح بين أنفسهم. وحظي كل من اسكندر حبش وسيف الرحبي وحسين دوريش بقسط لا بأس به من تهافت بعض المتطفِّلين والمتزلِّفين، نظراً للوظائف الصحفيّة التي يشغلونها في صحف ومجلاّت عربيَّة هامَّة، فضلاً عن كونهم أسماء علم في عالم الشِّعر العربي المعاصر. ما حدا بأحد الشعراء الأصدقاء المشاركين الهامّين في الملتقى، لأن يلخِّص رأيه في هذا الملتقى، وعبر ردِّه على رسالة الكترونيَّة أرسلتها له، بالقول: »...الجو الثقافي العربي، معظمه فاسد في كل مكان. الجميل أنني رأيت البلاد وبعض من أحبّ«.
بالنتيجة، كان ملتقى الشعر العربي المعاصر، مناسبة لتكرار قول الكثير من الآراء والأفكار والمعلومات السابقة، إلى جانب حضور متوهِّمي الشعر ومتصنِّعيه، إلى جانب الألق والبهاء الشعري والثقافي لأسماء أخرى، أتينا على ذكرها، حفرت في الروح والذاكرة عميقاً بخزينها الإبداعي ومراسها الشعري الغني.

عن السفير اللبنانيّة
يوم 3/12/2008

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 2


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات