القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: ألا أنّك يا إبراهيم محمود قد أَطْرَبْتَ..!

 
الأربعاء 16 كانون الثاني 2008


هيثم حسين

أسارع إلى توضيح معنى الطرب معجميّاً، إذ أنّه يحوي النقيضين، الفرح والحزن معاً، وذلك لئلاّ يُعاب عليّ أنّني قد أجرمت في حقّ مفردة عربيّة، فأخرج بذلك سدَنة العربيّة عن طورهم، ليسارعوا بدورهم إلى رَجمي، وتحجيمي، وإراءتي نفسي، وفرض الحجر الكتابيّ عليّ لأسباب تتعلّق بصحّة اللغة وسلامتها، هذه اللغة التي لولا عشقي لها لما اعتمدتها لغة كتابة وقراءة، وإن كان في ذلك من الفرض ما فيه، لكنّ الواقع يُري ما هو واقع، وسبب مسارعتي في توضيح المعنى المعجميّ للكلمة، لأنقل إلى القارئ الشعور المرافق للمعنيَين


لكلّ قارئ شعوره الخاصّ به، المرتكز على منطلقه، وهذه المفردة، الطرب واشتقاقاتها، تدور في فلك المعنَيين اللذين يفهمان في السياق، كما أنّ هناك كلمات أخرى أيضاً تدلّ على المعنى ونقيضه، كالمَوْلى، مثلاً، وهذه الكلمة تدلّ على السيّد والعبد معاً.. أي أنّ هناك من هم أسياد الكلمة، وهناك من هم عبيدها، هناك مَن كلماتهم مراهم تداوي، وهناك من كلماتهم أدواء تُسَرْطن، وهناك الكثير من الكلمات التي تحوي النقيضين، كما أنّ هناك الكثير من حمّالي الكلمة النقائض معاً، لغربلتها وإخراجها عن سياقها، وتوجيه دفّتها إلى عتمة مصدَّرة من داخلٍ قد تعتّم بالتقادم، "وتهرّف" بالتعتّم، وتآلف بالتكتّم، تفاصح وتناصح، ونسي أن يستجلب إلى روحه التندّم.. إلخ أوزان "تفعُّل"، التي فيها من الذاتيّ إضافة إلى الطبيعيّ. ولكنّ حملة تفريغ الكلمات من مضامينها، وتفريخ عصبويّات بكامل العدّة والعتاد، قد تناست كلّ تلكم العلل، ثمّ استحال الأمر ظواهرَ وتوقعن مظاهر، أقلّ ما قد يقال فيها، أنّها تخجل، كما أنّها من جهة أخرى تعجّل في الترهيب، وتؤجّل، بالمقابل، فيما يجب التعجيل فيه..
لماذا أسوق هذه الكلمات، لماذا أطيل في "التلاعب" اللغويّ، لماذا أتبع السرد إلى ما يأخذني إليه..؟!!! أعرف ذلك.
إنّه الألم إذاً..! إنّه الأمل.لا شكّ.
الألم، حين أرى باحثاً بحجم الأستاذ إبراهيم محمود، المُستشهَد بكتاباته في أكثر من أطروحة دكتوراة، يلاقي بين بعضٍ من كرده ما يلاقيه، من تجهيلٍ من جاهلٍ، إلى تجاهُل من جهولٍ.. وأيضاً الألم المتعاظم عندما أقرأ له انسحاباً غير قابل للنقض، من الإعلام الكرديّ، وكأنّه يعلن نهاية التاريخ إنترنيتيّاً بالنسبة له، ولا أحدَ بقادرٍ على أن يضمن ما يحدث، في هذه الفترة التي يُستهدف فيها الكرد من أكثر من جهةٍ، ففي الشمال يقتحم الجيش التركيّ جبال كردستان، وفي الجنوب الأمريكان يماطلون في الإيفاء بوعودهم، وفي الشرق والغرب كذلك تطبخ الدسائس والمؤامرات لحظة بلحظة، والمرحلة تحتاج إلى كلّ كلمة من أيّ شخصٍ كرديّ صادق، فكيف بكاتب مثل الأستاذ إبراهيم، ذلك لأنّ كتاباته، بالدرجة الأولى، هي التزام من قبَله، وهي واجب من واجباته كمثقّف كرديّ تحتّمه الكرديّة عليه، ولن تكون له أيّة منّة على أحدٍ في دفاعه عن كرديّته التي هي انتماؤه وانتماء الكثيرين من المظلومين والمسحوقين والبسطاء، ذلك لأنّه لا شكّ أنّ أمثاله من المثقّفين ملزمون بالالتزام تجاه قضاياهم، وأنّ أيّ تزحزح عن المهمّة الملتزَم بها ليست حرّيّة شخصيّة بقدر ما هي مرتبطة بحقّ وواجب.. ولا ينتظر مكافأة عليها من أيّ كان، وهذه الكرديّة ليست حكْراً على مَن خوّنوا الدكتور ظاظا، أو غيره من العظماء الكرد، وهو بانسحابه يتطرّف في موقفه، ويعلنها إنهاءً على الوسط الذهبيّ المحمود، ولا أقصد الوسطيّة أو التوفيقيّة التي هي صنو الانتهازيّة، أو هي هي نفسها..
أمّا الأمل، فعندما أنظر إلى مشاريعه المنجزَة، والتي هي قيد الإنجاز، لأتفاءل بما سيقدّمه، في المستقبل القريب. لا أدّعي أنّني أعرف الأستاذ إبراهيم تمام المعرفة، لكن، أعرفه من نواحٍ عدّة، ثقافيّة طبعاً، إذ قرأت له أكثر من عشرين كتاباً، وبقي الكثير ممّا لم أقرؤه له بعد، وأنا موقن أنّ أغلب قرّاء المنطقة لم يقرؤوا له إلاّ الجزء الأقلّ من القليل، وأعتقد أنّه سيمضي وقت طويل حتّى يتملّى ويدرك قسم منهم ما كتبه، وما تطرّق إليه في كتبه، وكتاباته.. خاصّة أنّ دارَ نشر كدار نشر رياض الريّس نشرت له أكثر من عشرة كتب، وأعتقد أنّ معظم الكتّاب العرب الكبار يسعون إلى نشر كتبهم عن طريق دار كتلك الدار أو غيرها من كبريات الدور التي نشرت للأستاذ إبراهيم عدداً من كتبه.
الأستاذ إبراهيم محمود، بانسحابه الإنترنيتيّ من الإعلام الكرديّ قد حقّق النقيضين المجموعين في الكلمتين السابقتين معاً.. أفرحَ وأحزن، آلم وأمّل، سُجِّل له ما له، كما سُجِّل عليه ما عليه، ترك الساحة لمن سيمرحون فيها إفراطاً في التقريظ، لمن سيرمون ويبحثون في محاولة تقزيمِ كلّ مقتربِ حمىً وهميّ ما.. لمن سيتحالفون على نصب درعٍ مضادٍّ لما قد يعكّر صفو السمّار المتنادمين.. فكما أنّ هناك غناء يطرب، وصمتاً يطرب، هناك بحث عن تنشيز صوتِ مَن يكتب، واتّهامه بأنّه يلعب على الحبال دون أن يطرب..
أكتب شهادتي كقارئ متابع لما كتبه ويكتبه الأستاذ إبراهيم:
لا شكّ أنّ أيّ اتّهام بالجهل بقواعد النقد وأصوله هو جهل بعينه، ولا شكّ أنّ أيّ تلفيق عن عدم البراعة الأدبيّة أو اللغويّة هو عارٍ عن الصحّة يظهر عري ملفّقيه.. كما أنّه لا شكّ أنّك أيّها الباحث والناقد الكرديّ إبراهيم محمود قد أبكيْتَ، في حين أنّ غيرك بالغ في الضحك والإضحاك والتضحيك، ولم يعمل غيرك بالمثل القائل: اذهب إلى مَن يبكيك ولا تذهب إلى مَن يضحكك، لأنّ الكثيرين أضحكتهم النكات، كما قد سدّوا الآذان عن سماع الحِكَم، والاعتبار من الأمثال.. لم تختر الفراش الوثير الدافئ، بل قضضت مضجعك بالنقد، فانقضّ مضجع الغير تلقاءً، أقول الغير، (عذراً لأنّني عرّفت "غير"، وهي بدعة وضلال، لأنّها تأتي نكرة، حيث تضاف ال التعريف إلى المضاف إليه عندما تضاف. ذلك لتكون هناك نقاط للتعليق عليها)، وهم مَن لك الإخوة كانوا، ومن لك الأحبّة كانوا، ومن لك الأقربون كانوا، لكنّهم ادّعوا أنّهم قد عافوك، لكنّهم، يقيناً، لن يعفوا عنك أبداً، لأنّك خرجت عن الدور، لأنّك اخترت طريق "إخراج" الغير عن الطور، اختططت خطّك، جدّدت وفق رؤياك، لكن، ولكن أخرى استدراكاً لاستدراك سابق، قد يكون ما أتيته كثير، ذلك لمن لم يطّلعوا بعد إلاّ على الجزء الأقلّ ممّا كتبته.. والتاريخ يبقى الشاهد والحكم بين مَوْلى الكلمة ومَوْلاها..
لن أطالبك الآن بالرجوع عن قرارك، وأنا أعرفك عنيداً في قراراتك، وفي الحقّ، لكن أقول لك، لا مواساة أو تزلّفاً:
اعذرهم فإنّهم لم يعرفوك، وأظنّهم لا يريدون أن يتعرّفوا عليك لأنّ مداومة السبات قد ولّدت الإدمان..
اعذرنا فلم نكن ننتظر منك انسحاباً في هذه الفترة الحرجة..
اعذرهم يا إبراهيم محمود، فإنّهم لن يعرفوك وأنت حيٌّ..

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 1.82
تصويتات: 34


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات