القسم الثقافي  |  القسم العربي  |  القسم الكوردي |  أرسل  مقال  |   راسلنا
 

تقارير خاصة | مقالات| حوارات | اصدارات جديدة | قراءة في كتاب | مسرح |  شعر | نقد أدبي | قصة | رياضة | الفنون الجميلة | الارشيف

 

twitter


البحث



Helbest

 

 
 

مقالات: هكذا أفهم الأمر 1/ 2

 
الجمعة 04 كانون الثاني 2008


محمد قاسم

ربما كان من أسباب تقدم الغرب على الشرق علميا وفنيا وأدبيا وتكنولوجيا –على العموم-...الخ.أن الغرب أسس لفكره؛ باعتماده الفلسفة - بنية وأساسا ..- وما الفلسفة-في جوهرها- سوى  سؤال دائم..أو بحث دائم،أو فضول مستمر..، تحريا للحقيقة..{"حب الحكمة" كما تعرف ترجمة للفظة "فيلوسوفي" اليونانية}.
والحقيقة، قد لا تنال كلها، ولكن السعي الى  نوال "الممكن" خير من تركه مع عدم القدرة على تحصيل  "غير الممكن راهنا"، والذي ربما يكون "ممكنا" في يوم ما.


  تقول القاعدة الفقهية:" مالا يدرك كله لا يترك  جله.."

فاٌلإنسان في طبيعة تكوينه ووجوده ..ليس كاملا..دليلنا على ذلك؛ ان عمره أكثر من آلاف السنين..ومع ذلك فلم يبلغ–بعد-الكمال المنشود،إضافة الى أن التقدم الذي حصل في حياته،إنما تم عبر تجارب متراكمة تدريجيا..ولا تزال آلية التراكم كذلك،وإن كان الزمن الذي يحتاجه الآن أقل مما مضى في ذلك. ولقد كان هذا الإقرار بالنقص الإنساني هو الدافع الى قبول التوبة دينيا،والاعتذار دنيويا –في مختلف حالات الخطأ، قاصدا أو غير قاصد.
وتلعب العبارة المأثورة "جل من لا يخطئ" دورا مهدئا في الثورات الانفعالية لرؤساء الدوائر والأعمال وأرباب الأسر.. والقيادات عموما ..، عندما يقال لهم ذلك في ثورة غضبهم على مرؤوس، أخطا في عمله..!
كما ان القول "أنا آسف" أو "أعتذر" –في حالة الخطأ – يكون له مفعول سحري في تهدئة الهيجان الذي يعتمل في النفوس بسبب ما يعتقد  أصحابها من أنهم تعرضوا لما يؤلم- شعورا بإهانة، أو انزعاج أو غير ذلك..-
ولذا يروى أن المسيح عليه السلام،قال لمن أراد رجم مخطئة،ما معناه "ليرجمها من لم يخطئ"-أو كما قال.
فسقطت الأحجار من أيديهم واحدا بعد الآخر، وهم يتراجعون..!
ألم يقل الرسول محمد عليه السلام: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"..؟.
فإذا اعتبرنا النقص في الإنسان، إرادة إلهية فهذا صحيح..ولكن السؤال  لماذا النقص..؟.
لذا فالإنسان يسعى -دوما-  لمعرفة النقص في نفسه،والسعي باستمرار  لكشف أسرار الطبيعة وما فيها من كائنات –.
هو فضول فلسفي..هو بحث عن التفسير.. هومحاولة لمعرفة الحقيقة..!.
 وربما كانت وظيفة الشعور بالنقص –نفسيا- هي الدفع باتجاه البحث باستمرار، والسعي لاستكماله عبر كشف الحقائق وتمثلها..!
فنرى أنجح الأعمال تلك التي يظل التوتر مناخها حتى ينجز..!
لنسال المبدعين عموما.. وكل مثقف مبدع، يعلم هذا من خبرته الإبداعية..!
ولقد أنجز فرنسي مؤلفا يتناول هذه الحالة -التحريض على الإبداع- بعنوان "مدرسة الآلهات"
رصد فيه الحالات التي تم فيها الإبداعات لعد من الشعراء والعلماء-بترارك ولورا، أجست كونت.. وغيرهما
 اسأل كل مخترع وعالم باحث، وقائد يواجه موقفا عصيبا وفنان وشاعر..! فيأتيك الجواب ان الإبداع مخاض عسير..
وقد تكون هناك عوامل أخرى تبقى ذات صلة بهذا الشعور بشكل ما –الحب-أو الانفعال- الملهم والمحرض للإبداعات المختلفة مثلا.
 وإذا اعتبرنا النقص، نموا ناقصا للكائن الإنساني في الكون -كموجود مميز قياسا الى الكائنات الأخرى..- فقد  يكون ذلك صحيحا أيضا.. ولكن  يبقى تفسير ذلك ليس مكتملا..!
في خبر تلفزيوني -منذ  أيام- ان البعض زعم أنه اكتشف ان القرد أذكى من الإنسان.. وهو خبر لم يستوثق منه  –تجريبيا ..- و لكن الحالة المتطورة للإنسان، قياسا للقرود بأنواعها، ومنها الشمبانزي- تشير الى خلاف هذا الزعم –على كل حال -.
المهم.. إن النقص خاصة بشرية ثابتة -تجريبيا وعلميا و بدلالات منطقية ...-.
وربما هو الدافع الى السعي نحو الكمال كما أسلفنا..فالشعور بالنجاح يدفع نحو التكاسل ما لم  يولد قوة تحريضية جديدة عبر توتر في مشهد او فكرة..أو غير ذلك.
أما الطموح الى استكمال الإنسان ذاته.. فذلك مطلب قديم، تغنى به الشعراء، وهدف إليه العلماء..والمفكرون والباحثون...- دائما ولا يزالون.وقد أحسن احد الشعراء قولا:
شباب قنع لا خير فيهم * * * وبورك بالشباب الطامحينا
كما يقول آخر:
شبابي إذا كنت لا أستطيع * * * أحقق فيه  منى أمتي
فلا كان هذا الشباب العقيم * * * ولا كان زهوي ولا قوتي
العبارة ((اعرف نفسك)) و ((بنفسك)) أطلقها سقراط منذ ما قبل الميلاد بقرون..ويقال إنه  استوحاها من شعار مكتوب على مدخل "معبد دلف" في أثينا(اليونان).
وظل الجهد منصبا على معرفة الحقيقة (الحقائق) عن كل شيء. السماء والأعماق والبحار وحركة الطبيعة ومظاهرها المختلفة... ولكن شعار سقراط هذا كان محطة حاسمة لاهتمام الإنسان بمعرفة نفسه..
وينسب الى الإمام علي بن أبي طالب كرم اله وجهه:
وتحسب  انك  جرم  صغير * * * وفيك  انطوى  العالم  الأكبر
وربما كان هذا المعنى هو الذي دفع سقراط الى ما قاله: اعرف نفسك بنفسك. ((فأنزل الفلسفة من السماء الى الأرض)) بحسب شيشرون.
ويستكمل سقراط توضيح مفهومه بالقول: "كانت أمي تولد النساء-كانت داية- وأنا أولد الأفكار" مشيرا الى طريقته التربوية والأخلاقية  المعروفة باسمه-الحوار السقراطي- وهي طريقة معتمدة تربويا في المناهج المدرسية عالميا،وربما كانت أفضلها..
ولعل سقراط هذا، هو أول من أسس لبحث الأخلاق فلسفيا، ليتمخض -فيما بعد - عن علم اسمه علم الأخلاق .فكان سعيه هذا، وبطريقته الحوارية التي تضطر المحاور الى اكتشاف الحقائق بنفسه عبر دفعه الى ذلك. ربما كان ذلك مفتاحا لفكر أخلاقي جمع بين "الفطرة" و "البحث النظري" حتى وقت متأخر، ليترافق بنظريات جديدة تعتمد "الواقع" أساسا، بدلا من "النظر" الذي كان سائدا حتى القرن الثامن عشر أو التاسع عشر، وقد لخص شاعر ذلك بالقول:
      قم هذب النفس واستكمل فضائلها * * * فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وإن كان –بذلك- يتبنى أرجحيه للقوى المعنوية في الإنسان، على القوة المادية، وذلك ليس اتفاقا بين العاملين في هذا الحقل طبعا.
ولكن السعي  دؤوب، لاستكمال الفضائل -أو بناء الشخصية السليمة-، ،منذ ظهور البدايات الفلسفية للتفكير-التساؤل، والفضول، والبحث، والانبثاقات عنها في ثوب إجابة، او فرضية، او افتراض..الخ-
ومن الجميل ان يكون هذا الدافع متوهجا لدى المتميزين بالمقدرة على التفكير المنفتح والمبدع..ويتحول الى سجال فكري وأدبي وعلمي... يسعى الى استكمال الثغرات في التفكير والمعرفة بالتعاون مع المحيط، وخاصة الأقران والمتشاركين معه في الاهتمامات. وان جاءت  الصيغة "نقدية"..
فلم يكن النقد –يوما- عامل هدم –إلا في حدود الحاجة الى استكمال البناء- ..مادام الناقد  يعي شروطه، وآدابه، والوسائل التي يتبعها في نقده.. ويحسن –بالتالي- ممارسته عن وعي، وخبرة، ونضج.. في التصرف، والشعور بمسؤولية ما يفعل.. وفق المعايير العامة المعتمدة.. -وهي جميعا نسبية على كل حال- إلا إذا استطاع ان يغير في هذه المعايير بأدلة قاطعة.ومقنعة للعقل البشري  في حالته المثالية –إذا جاز التعبير- وتبقى نتائج جهده هذه نسبية أيضا، وليست مطلقة على كل حال..!
 فكما يبدع هو في المعايير، فقد يأتي من يضيف الى معاييره ما غاب عنه لسبب ما –ظروف التطور،مستوى تقدم الوعي،خصوصية القدرة الذكائية...-كما أضاف هو الى غيره (حالة تفاعلية طبيعية في التكوين البشري،ويبدو أنها ستظل كذلك الى آخر يوم من حياة البشر على الكوكب الأرضي..).مادام الإنسان يظل ناقصا،وفهمه سيبقى ناقصا يتكامل بالتدريج كما أسلفنا- ولقد عبر عن هذا المعنى شعرا –أبو نواس- وان كان غرضه قد يختلف عن غرضنا من هذا التمثيل:
قل لمن يدعي في العلم فلسفة * * * علمت شيئا وغابت عنك أشياء
وربما في ذلك بعض من معاني الحياة التي تسعى الى التكامل،ومن ثم انعكاس ذلك شعورا بالانجاز..والتفوق..وربما الغرور ايضا..!
 في هذا الجانب-الانجاز والتفوق- يكمن السر في تصنيف الناس: متفوقون مغرورون-متفوقون متواضعون..متفوقون صاخبون-متفوقون صامتون.. وربما غير متفوقين ولكن شعورا واهما بالتفوق يستجيب لشعور غامض -داخليا بالنقص- يدفع الى الصخب والغرور.. يفسد عليهم حياتهم، وتكيفهم الاجتماعي،ويفسد حياة الآخرين المحتكين معهم، في الأسرة -في المدرسة –في المجتمع.. عبر ألأنشطة المختلفة، ومنها الثقافية والسياسية والاجتماعية..!
وبذلك.. فالشعور بالنقص قد يدفع نحو الإبداع والاكتمال من جانب، ولكنه قد ينحرف في طريقة الإبداع والاستكمال أحيانا أو أهدافه..، وفي بعض الحالات قد ينزلق الى الضد من العملية السليمة للنمو والاستكمال والإبداع....!
فـ"النقد": إضاءة -لا تعرية-
و"النقد": استكمال للفضائل، لا تركيز على المثالب-بدافع نفسي. وإن اضطر لذلك فبقصد الكشف والتوضيح، لا بقصد التشهير والاستصغار.. ما لم يكن الناقد منحرف التفكير.. ومفتقرا للقيم الإيجابية ..!
"النقد":  تعاون من اجل الوصول الى ما هو أكثر صحة.. وأدق دلالة.. وأصلح تعبيرا..
فالبحث عن الحقيقة-سعي، وتحليل، واستنتاج،وكشف، وتقرير..و ينتج عنه؛ وعي بقيمة التكامل،  والتفاعل..!
فلا الناقد-كما هو مفترض- يريد الإيذاء بنقده-إذا كان سليم التكوين النفسي، وناضج الخبرة-
ولا المنقود-كما هو مفترض- يرى في النقد إيذاء وإن ناله –إذا كان سليم التكوين النفسي، وناضج الخبرة. .!
كلاهما –الناقد والمنقود-يتعاليان على الصغائر.. وهدفهما تحقيق تكامل المعرفة لاكتشاف الحقيقة –أي حقيقة-
فأنا أعتقد بأنني املك بعض الحقيقة، ويملك غيري أيضا بعضها في جانب أو آخر-بغض النظر عن النسبة في الامتلاك-.
  والاشتراك في البحث والكشف.. يقتضي أن أعرض ما لدي على الآخرين.. وأشير الى ما أراه، وطبيعة رؤيتي له –بناء على قواعد علمية، او منطقية مقر بها من المختصين عموما - منتظرا المداخلة من الآخرين، ليزداد ما عندي بما عندهم.. ويزداد ما عندهم بما عندي، و تكون الحصيلة:
تراكم من المعارف، والمعلومات، والأفكار، والاكتشافات، والقيم، والحقائق...الخ. يساهم في تطوير البشرية.  وما (أنا وأهلي.. وأصدقائي.. وأبناء أمتي -القومية او الدينية أو حتى الإنسانية بل الكونية –البيئة- جميعا) إلا جزء من هذا التطور البشري، والذي يكون أكثر حيوية بالنسبة لكل أحد ؛عندما تكون مساهمته فيه كبيرة ..بل اكبر..أو الأكبر..!
ففضلا عن الشعور النفسي –الذاتي - بالنشوة والسعادة،عندما  يكون لي اسم في زاوية الورقة –أو الكتاب او المطبوع..أو أي إنتاج مفيد- والتي تشير الى ابتكار أدبي، او علمي، او اجتماعي، أو فني، أو اقتصادي..الخ. وما يخلقه من انعكاسات؛ تعزز ثقتي بنفسي، وتدفعني نحو المزيد لما سينتج عنه من فوائد –مالية او أدبية او شهرة او بلوغ مكانة...الخ.
 بالإضافة الى ذلك، فانا أساهم في تحسين شروط العيش.. والحياة... لحلقات انتمائي كما ذكرتها: أنا.. أهلي.. أصدقائي.. أمتي- القومية او الدينية بل الإنسانية الكونية –البيئة-...عبر التأثير الإيجابي على نمو الحركة الفكرية في اتجاهات مرجوة..!
وربما هذا هو معنى الخلود، والذي اقر به "كلكامش" –وغيره-  بعد ان أعيته الحيلة في خلود جسدي..!
ويعجبني –في هذا المقام- قول الخليفة عمر بن الخطاب الشهير ((رحم الله من أهدى إلي عيوبي)).
ربما اعتبر البعض هذا الاتجاه مثالية –خيالية- ولكن كثيرا جدا من أفكارنا وقيمنا وتطلعاتنا.... هي مثالية. فلماذا نحتضن بعض المثاليات ونزورّ عن بعضها..؟!
المثالية -بمعنى تصور الكامل من المطلوب- لا يقلل من شانه؛ إذا لم يتم تحقيقها بما يتطابق مع التصور الكامل..".. ليس للإنسان إلا ما سعى" و"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
ولقد تفنن الناس –إبداعا- في إبراز الوسائل التي اعتمدوها في التعبير عن المعاني والخلجات التي تدور في نفوسهم، او أذهانهم، او خواطرهم –ان شئتم-..
فكانت وسائل التعبير المختلفة –رسما.. نحتا.. حركات إيمائية.. او تعبيرية.. رقصا.. غناء.. عزفا.. شعرا.. نثرا.. مباشرا او غير مباشر..الخ.
  ولكن الأكثر قوة -وحالة عملية- في التعبير، هو  النثر –قولا وكتابة- والذي ظل الوسيلة المثلى..!
 وتحت ضرورة الحاجة الى الضبط وسهولة الفهم المتبادل.. فقد تم إنتاج-اكتشاف-  المنطق، وقواعد التعبير التي تحفظها من الغموض والزلل..
ولعلنا لسنا بحاجة الى التأكيد على دور أرسطو الإغريقي في ذلك.
و ربما كان قوله تعالى-بحسب بعض علماء التفسير- ((وعلم ادم الأسماء كلها)) يشير الى "أسماء الأشياء" أو "المعاني" أو جميعها.
ومن الأمور الجميلة والمفيدة، ان مساحة القدرة على القراءة والكتابة اتسعت.. وتتسع يوما بعد يوم..وهذا يوفر فرص التفاعل  في استمتاع البشر به..و-الذي يؤمَل ان يزيد الفائدة-
ما يحدث أحيانا –وللأسف – أن تتحول هذه القدرة  على التعمق في الفهم، والرشاقة في التعبير، والوهج، والتألق في استحضار المعاني، والصور الواضحة، والتمثيلية، والجميلة أيضا... تتحول هذه القدرة  الى انشغال بإرضاء نوازع نفسية –لسنا متأكدين من أنها دائما في الاتجاه الصحيح لها..- بسبب الطبيعة البشرية الناقصة..
لذا كان  علماء صدر الإسلام يختمون  أقوالهم –شفاها وكتابة- بعبارة(( والله اعلم)) بعد أن يكونوا قد أشبعوا الأمر بحثا، واستقصاء، وتحليلا، وربما إقرارا أيضا..!
هذا الشعور كان مددا لهم وتعبيرا أيضا  عن التواضع حيال معرفتهم..والقبول بمداخلات غيرهم ..قاعدتهم الجوهرية: ((وفوق كل ذي علم عليم)) فمن تفوق في الأدب قد يتفوق عليه الغير في العلم مثلا أو الفلسفة..والعكس صحيح..
ويؤكد سيجمند فرويد –المشهور-  في مقدمة كتاب (مقدمة في التحليل النفسي) والذي ترجمه اسحق رمزي في طبعة عام 1950 القاهرة بالقول:
((إن من يدرك مقدار ما يعرفه؛ يزداد حياء وتواضعا، لأنه يدرك نقص معرفته، وقصور معلوماته)).
ولذا فإن الانشغال بالمهاترات، والدخول في سجالات –سفسطائية- يهدر من الوقت والجهد ..ما يمكن توظيفه في ميدان أكثر إنتاجا وإبداعا..وبالتالي أكثر إفادة..للجميع.
 و"الكلمة" مسؤولية عقلا وشرعا..وقد أشار القرآن الكريم..الى هذا المعنى:
((وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)).
وفي الكتاب المقدس: ((في البدء كانت الكلمة)) وربما هذه تعادل "الأسماء" في قوله تعلى: ((وعلم آدم الأسماء كلها)) باعتبارها دلالة على المعنى أو العقل..مقابل المادة..(الجسد في الإنسان خاصة)بحسب بعض المفسرين.
ومن الناحية المنطقية، فان الكلمة هي، صورة لمعنى يتكون في الذهن – المعنى روح الكلمة إذا جاز التعبير- وما نبراتها سوى زخرفات  نفسية جمالية ووظيفية تختلط -او تحيط -بها، ليأتي المنسوج-الكلمة- بوشي جميل..(والله جميل يحب الجمال)) كما يقول الرسول(ص).
ويقال أيضا في الدارجة –او المأثور-:" الكلام صفة المتكلم"..الى آخر ما هنالك من المعاني في هذا الاتجاه..(مسؤولية الكلمة).
وبدلا من الدخول فيما يشبه ما يسمى المهاترات-وهو القول غير المجدي.. أو المتجاوز للمعاير المألوفة-أو السفسطة في الفلسفة..-بالنسبة لمن لا يؤمنون بها –طبعا- وأولهم سقراط (والذي هو آخر السفسطائيين برأي البعض). فهو-سقراط- يمثل مرحلة وسطى، بدأت سفسطائية وانتهت الى التحلل منها، بل ومحاولة تعديل مبادئها ..!
وهذا يذكرني بما حصل مع أبي حسن الأشعري الذي بدأ معتزليا ولكنه انتهى الى معالجة مبادئهم بما يجعلها متفقة  مع روح مذهب أهل السنة والجماعة-او السلف- في مصالحة مشهورة –توفيقية- سميت "الأشعرية" كتسمية لجهوده..!
ماذا دعاني الى هذا المقال؟!
......الجواب في الحلقة القادمة ان شاء الله...

 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
 

تقييم المقال

المعدل: 5
تصويتات: 4


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

خيارات